السبت، 12 يوليو 2014

تفسير قوله تعالى : { إِنَّ اللّهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنْفُسِهِمْ}

تفسير قوله تعالى :  { إِنَّ اللّهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنْفُسِهِمْ} الرعد11


يقول الشيخ الشعراوي رحمه الله :

يوضح لنا أن أعمال الجوارح ناشئة من نبع نفس تحرك الجوارح ؛ و حين تصلح النفس ؛ تصبح الجوارح مستقيمة ؛ و حين تفسد النفس تصير الجوارح غير مستقيمة .

الحق سبحانه و تعالى أخضع كل الجوارح لمرادات النفس ، فلو كانت النفس مخالفة لمنهج الله ؛ فاللسان خاضع لها ؛ و لا ينطق رغم إرادته بالتوحيد ؛ لأن النفس التي تديره مخالفة للإيمان .
و المثل : هم هؤلاء الذين نسبوا الرسل الذين اختارهم الله ؛ فادعوا أنهم أبناء الله ؛ و سبحانه منزه عن ذلك ؛ أما إذا كانت النفس مؤمنة فهي تأمر اللسان أن يقول كلمة التوحيد ؛ و يسعد هو بذلك ؛ لكنه في الحالتين لا يعصي النفس التي سخره لها الله .

و هكذا تكون الجوارح منفعلة لإرادة صاحبها ، و لا تنحل الإرادة البشرية عن الجوارح إلا حين يشاء الله ذلك في اليوم الآخر ، و في الموقف الحق .
و لحظتها لن يستطيع أحد أن يسيطر على جوارحه؛ لأن الملك يومئذ للواحد القهار ؛ و سقطت ولاية الفرد على جوارحه ؛ و تشهد هذه الجوارح على صاحبها بما فعلته وقت أن كانت مقهورة لإرادته .
و هكذا نعلم أن التغيير كل في النفس التي تدير الجوارح .

و قول الحق سبحانه : {إن الله لا يغير ما بقوم ... } [الرعد: 11]

يدلنا أنه سبحانه لا يتدخل إلا إذا عنت الأمور ؛ وفسد كل المجتمع ؛ و اختفت النفس اللوامة من هذا المجتمع ؛ و اختفى من يقدرون على الردع و لو بالكلمة من هذا المجتمع ؛ هنا يتدخل الحق سبحانه .
و حين يغير الناس ما بأنفسهم ، و يصححون إطلاق الإرادة على الجوارح ؛ فتنصلح أعمالهم ؛ و إياكم أن تظنوا أن هناك شيئا يتأبى على الله .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق