الأربعاء، 30 يوليو 2014

التخطيط الأسري.. مبادئ وخطوات

التخطيط الأسري.. مبادئ وخطوات

التخطيط الأسري.. مبادئ وخطوات

فؤاد عبد الله الحمد
البيت السعيد

 
التخطيط الأسري.. مبادئ وخطوات
الأسرة وحدة متكاملة في جسم المجتمع. إنها التجمع العائلي الأكثر حساسية وتأثرًا بما يحيط به، وما يجري داخله من تأثيرات وتفاعلات متنوعة، وانسجام الأسرة داخليًّا، وخارجيًّا مع باقي الوحدات التي تشكل المجتمع يعطيها قوة وتآلفًا تستطيع من خلاله البقاء والتكيف ضمن هذا الجسم الواحد، ولعل التخطيط العائلي أحد تلك الموازين والضوابط التي تنتجها الأسرة لكي تستطيع أن تمتص المؤثرات الاجتماعية الخارجية أو أن تصدر مؤثراتها التفاعلية الداخلية إلى المجتمع المحيط بها.
ولا شك أن كل زوج وزوجة، يطمح كل منهما لتكوين أسرة سعيدة، أسرة ذكية....!! وإذا علمنا أن الزواج ما هو إلا اتفاق لبناء هذه الأسرة، فإن نجاح هذا الزواج يتوقف على مدى الانسجام والتفاهم بين الزوجين، ومدى شعورهما بأن ما يجمعهما من قواسم مشتركة ومحبة متبادلة أقوى من أن تفرقه مشاكل الحياة وهمومها، ربما يكون من أسباب تلك المشاكل غياب التخطيط الفعال لإدارة هذه المؤسسة الأسرية.
أخي الزوج الكريم... أختي الزوجة الكريمة!! أشكركم على تفضلكم بقراءة هذه المقالة، والتي أرجو من الله سبحانه وتعالى أن يبارك فيها وفيكم وأن تكون لكم بعد توفيق الله تعالى، نبراسًا ينير طريقكما نحو أسرة ذكية وحياة سعيدة إن شاء الله تعالى.
أولا: أبجديات التخطيط الأسري
المبحث الأول: التخطيط الأسري.. مطلب وهدف أسري
يشكل التخطيط بشكل عام،أهمية كبيرة في حياة الفرد والمجتمع، إذ يحدّد مسار حياة الإنسان عمومًا ويعتبر العنصر الأساسي للنجاح في أيّ مجال من مجالات الحياة! ونعني بالتخطيط الأسري تنظيم الشئون الأسرية وفق برنامج محدد لتحقيق أهداف معينه خلال فتره زمنيه محددة . فالتخطيط هو تنظيم للذات وللفكر في المقام الأول، وإدارة للأولويات وترتيب للخطوات التي نرغب في تنفيذها من أجل الوصول إلى أهدافنا وغاياتنا وأحلامنا. وما من شك في أن لكل عائلة أهدافًا وأحلامًا وتطلعات مستقبلية تسعى للوصول إليها، فالتخطيط العائلي يساعد الأسرة على الوصول إلى تلك الأهداف وبالطرق المبرمجة والسليمة.
ولتوضيح معنى التخطيط أكثر نذكر ضده، أي ما يسمّى بـ"العفويّة"، التي تؤدي إلى الفوضى في حياة الإنسان. لذلك فالإنسان الذي يعيش بطريقة عفوية ستمضي حياته وفق الظروف والمصادفات، وليس وفق التفكير المنظم والأفعال المتسقة، وعليه يمكن القول بأنّ ترك الوالدين أبناءهما لتربية الظروف ومجريات الحياة دونما أهداف أو تخطيط سيصدمهما في نهاية المطاف بواقع مرير لأبنائهما، وسيواجهون مشكلات تربوية شتى تعكر عليهم صفو حياتهم.
وتأتي أهمية التخطيط العائلي من ارتباطه بأولويات العائلة وقضاياها المصيرية ومتطلباتها القادمة، ويمكن القول باختصار إن أهمية التخطيط نابعة من كونه مرتبطًا بأحلام العائلة المتنوعة، سواء أكانت هذه الأحلام أحلامًا في تربية الأبناء أم أحلامًا في السعادة العائلية أم في الثراء أم في تحقيق الطموحات الشخصية للوصول إلى منصب معين، أو موقع معين أو شهرة أو امتلاك أشياء أو أجهزة كمالية تستفيد منها العائلة وتستمتع بها، وقد تكون أساسية كشراء منزل أو مزرعة أو السفر إلى البلدان الأخرى. فالتخطيط يمس كل هذه الأمور، وهو في غاية الأهمية بالنسبة لكل أسرة.
المبحث الثاني : فوائد التخطيط الأسري
وقبل أن نخوض في غمار التخطيط الأسري! مهم جدًّا أن نستعرض فوائده في حياتنا، فوجود التخطيط العائلي في الحياة يسمح للأسرة بأن تتعامل وبتعقل مع المستجدات التي تحدث في نطاق العائلة، فالتخطيط يشعر الإنسان بقدر كبير من الاطمئنان والأمل في التعامل مع المشاكل من حوله، لأن التخطيط ما هو إلا عملية توقع مدروسة وبشكل علمي للكيفية التي يستطيع الإنسان معها أن يتعامل مع مشاكله الداخلية والخارجية على نطاق الأسرة. ويمكن أن نجمل تلك الفوائد في هذه النقاط الرئيسة التالية:
[1] يساعد الأسرة على تحقيق أهدافها والوصول إلى غاياتها.
[2] يربط الأسرة بأولوياتها التربوية من خلال وضوح الأهداف وسلامة الأساليب والوسائل الموصلة إليها.
[3] تحقيق أكبر قدر من السعادة الأسرية من خلال التزام الواجبات وأداء المسئوليات فكل فرد في الأسرة يعرف دوره الذي يؤديه وهدفه الذي يرنو إليه.
[4] محاربة الفوضوية وهدر الطاقات والأوقات والأموال والتي تعرض الأسرة للكثير من المشكلات وبالتالي تقل المشكلات داخل الأسرة المسلمة مما يوفر الجو المناسب والمحتضن اللائق للتربية والعطاء..
[5] اتخاذ الاحتياطات اللازمة والوسائل المناسبة لتأمين مستقبل الأسرة وبنائه وفق تنظيم يضمن - بإذن الله - حياة سعيدة بعيدة عن الاضطراب والارتباك أو على الأقل يخفف حدتها ويهون وطأتها.
[7] تعريف الأزواج بمهامهم التخطيطية التي أنيطت بهم لرعايتها والاهتمام بها لاسيما في وقتنا الحاضر حيث كثرة وسائل الفساد مع جهل كثير بحقوق الأسرة ومسئولياتها.
المبحث الثالث: لماذا لا يخطط كثير من الناس؟
هناك الكثير من الأسباب،إلا أن أبرزها يمكن أن نلخصه في النقاط التالية :
[1] الافتقار إلى الثقة والاعتقاد أن التخطيط هو شيء خاص برجال الأعمال.
[2] الافتقار إلى معرفة التخطيط.
[4] حب التفلت من التزامات التخطيط.
[5] يظن البعض أن التخطيط يتطلب وقتا ثمينا من الأفضل أن نقضيه في انجاز الأمور، فالإنسان لديه بالفطرة حب الإنجاز وحصاد الثمار، بينما كل ساعة تخطيط تعادل 4 ساعات إنجاز.
الاعتماد على الظنون والأفكار وطول الأمل.
[6] من يعمل بدون تخطيط يقنع بأقل النتائج، ومن يخطط لا يرضى إلا بأكبر قدر ممكن من النتائج.
المبحث الرابع :ملامح التخطيط الأسري
وبعد أن تعرفنا على التخطيط الأسري واستعرضنا فوائده في حياة الأسرة،نكون بعدها مستعدين لأن نلقي الضوء على ملامح التخطيط الأسري، وما هي خطواته الرئيسية...
الخطوة الأولى:الرؤية (ماذا نريد ؟)
الأسرة الذكية هي تلك التي تحمل رؤية واضحة لمستقبلها، ماذا تريد حقيقة أن تحققه من خلال أفراد هذه الأسرة الواحدة ؟! كلّ بجانبه الذي يتميز به.
مثال لرؤية أسرية مثالية: أبو عبدالله وأم عبدالله ـ اتفقا على أن تكون لهما رؤية واضحة لأسرتهم، محور هذه الرؤية يدور حول هذه الصياغة العامة "أن ننشىء أبناءً سعداء يتحلون بالصفات الإسلامية والأخلاق الحميدة، وباتزان في جميع جوانب حياتهم، ويتميز كلّ واحد منهم بجانب يكون فيه منتجًا ومبدعًا".
من خلال هذا المثال يظهر لنا وضوح الرؤية المستقبلية لهذه الأسرة الذكية، ولتحويلها إلى حيز العمل نراهما يحددان زمنًا لتحقيقها.
الخطوة الثانية:الأهداف
كل أسرة ذكية تعتزم تحقيق رؤيتها،تحتاج أولًا إلى أن تحدد أهدافًا لها! هذه الأهداف ترجمة حقيقة للرؤية التي وضعتها تلك الأسرة. كما أنه من المهم أن تكون تلك الأهداف مرحلية، محددة بمدة ووقت للبدء وآخر للانتهاء، تتناسب مع مقدرات تلك الأسرة وأفرادها! واضحة المعالم، واقعية ويسهل إنجازها، وبعبارة أخرى ـ أي أن تقسم الأهداف إلى أهداف قصيرة ومتوسطة وطويلة المدى.
الخطوة الثالثة:الوسائل
لن تتحقق الأهداف إن لم تكن هنالك وسائل مساعدة على بلوغها، لذلك لا بد أن يقوم الزوجان بجلسة أسرية يضعان وسائلهما التي تساعدهما على تحقيق تلك الأهداف، فكان منها الواقعي ومنها غير الواقعي، ومن أمثلة البرامج الواقعية أن يلتحقا بدورة في التخطيط الشخصي، وأن يطالعا خمسة كتب في التربية. ومن الأهداف غير الواقعيّة اقتراح أحدهما رحلة إلى كوكب المشتري، وبما أنها فكرة جميلة إلا أنها غير واقعية ولا تخدم رؤيتهما الأساسية.
الخطوة الرابعة :الجدول الزمني
في هذه المرحلة يقوم الزوجان بوضع جدول زمني يمارسان فيه هذه الوسائل الممتعة لحياة سعيدة ضمن أسرة ذكية؛ يتضمن هذا الجدول الزمني، تاريخ بداية ونهاية، يتضمن كل أنشطة الأسرة وأهدافها والإجراءات الموصلة لتلك الأهداف، وهكذا أصبح تحقيقهما للهدف أكثر وضوحًا.
الخطوة الخامسة : توزيع الأدوار
كي يتقن كل زوج مهامه الموكلة له تقاسم الاثنان تنفيذ البرنامج، فتولّى الرجل البحث عن الدورات، وانصرفت المرأة للبحث عن الكتب، هذا من جانب ومن جانب آخر تولت هي متابعة الخطة وجدولها الزمني وحمل هو على عاتقه توفير الميزانية والصرف على البرنامج. وهكذا اتضحت واجبات كل واحد منهما ومسئوليّاته لأداء مهامه على أكمل وجه.
الخطوة السادسة: متابعة الخطة
إنّ وضع الخطة التربوية لا يكفي، لأنها تحتاج إلى متابعة دائمة تربطها بالهدف الرئيسي الذي تصبو إليه الأسرة ويحقق لها الديمومة والإتقان، لذلك يتحتم على كلا الزوجين أن يحددا أيهما لمهمة متابعة "الخطة الأسرية" من خلال جدول زمني يقيّم سيرها كلّ ثلاثة أشهر، أو كل ستة أشهر مثلًا. وتعديل ما يلزم في الخطة حسب الاتفاق.
المبحث الخامس: عوامل فشل التخطيط وغيابه في الأسرة
إذا كان وجود التخطيط يسهل مهمة العائلة في الحياة ويساعدها على الوصول إلى غاياتها وأهدافها وأحلامها، فإن غياب التخطيط يؤدي إلى عكس ذلك تمامًا!!
وهناك حالات رئيسية يفشل فيها التخطيط الأسري، أبرزها ما يلي:
[1] عدم التواؤم بين الزوجين..إن التقارب في الاستقامة والثقافة وكثرة العوامل المشتركة في الآراء والآمال من أعظم أسباب نجاح التخطيط، كما أنه من كوامن الفشل في التخطيط كثرة الاختلافات، وسعة البون في التوجيهات والتصورات، والتفاوت في الآمال والأولويات، فاختلاف الزوجين في تقدير الإدارة المالية - على سبيل المثال - وإصرار كل طرف على رأيه يصدع التخطيط العائلي ويضعف كفاءته وربما ينهار.
[2] الاسترسال مع النوازع والشهوات.. وقد حذر منها السلف ـ هذا عمرالفاروق رضي الله عنه يقول لأحدهم وقد رآه يشتري "أكلَّما اشتهيت اشتريت".
[3] اللامبالاة في النظرة المستقيلة... حتى أن بعض الأزواج لا يخطر على باله أنه يجب أن يكون له خطة يسير وفقها لتحقيق أهدافه في أسرته فتجده يتخبط يمنة ويسرة، كلما سمع من الناس خبرًا طار إليه وعدَّه من أول أولوياته، خطته في أسرته ما تمليه عليه ظروف لحظته.
[4] ضعف الانتماء للأسرة (الأنانية). وصورها القاتمة كثيرة منها: ينفق المال على شهواته فإذا جاء دور البيت قتر وغلَّ يده إلى عنقه بأنانية مفرطة لا تدع لأهل الحق حقهم.
[5] أحادية التفكير واستقلالية التخطيط.. فهو لا يرى أحدًا من أهل بيته وأفراد أسرته يستحق أن يستشيره في أمر من الأمور بل يعد ذلك ضعفًا في العقل ووهنًا في الشخصية فتراه يفرض أراءه فرضًا يفقدها الكثير من نتائجها ويضيع ثمراتها.
إن الاستقلالية في التخطيط وعدم استشارة أفراد الأسرة لاسيما الزوجة يشعر معه كل فرد بتبعية مقيته ويقطع حبال التواصل الأسرى
ويجعل كل فرد يعيش عزلة عن الآخر وكأنه لا يوجد ارتباط بينهم ولا أهداف مشتركة تجمعهم مما يعيق الأداء أو يؤدي الطرف الآخر ما يراد منه دون قناعة أو إتقان، وربما أدى إلى التوقف عن الأداء لأول عارض ليثبت للطرف الأول سوء تخطيطه وعدم مراعاته للأمور.
[6] الاقتداء بالآباء والتأثر بالمحيط في الأمور السلبية.. وبعض الأزواج يحاول أن يعيد تجربة والده أو والدته في البيت الذي درج فيه بغض النظر عن نجاح التجربة أو فشلها ودون مراعاة لتغير الظروف والمستجدات.
المبحث السادس: محاور التخطيط العائلي
الحياة الذكية،هي الحياة المتوازنة في جميع جوانبها!وكذا الأسرة الذكية،هي الأسرة المتوازنة في جميع جوانبها،ونقصد بجوانبها -الجانب الإيماني،الجانب الصحي،الجانب العلمي والثقافي، الجانب الأسري، الجانب المادي، الجانب الترفيهي. فمن خلال هذه الجوانب الرئيسية يقوم الزوجان بوضع الأهداف المطلوب تحقيقها وهو ما يعرف بالرؤية. (الرؤية النتيجة النهائية المطلوب تحقيقها خلال فترة معينة من الزمن).
أمور يجب أن ترافق التخطيط :
[1] يجب أن تكون قوانين المنزل واضحة للجميع.
[2] ضرورة مراعاة الأولويّات.
[3] تحديد ضوابط العلاقات الداخليّة والخارجيّة داخل الأسرة وخارجها.
[4] توزيع الواجبات وبذل المكافآت.
[5] العدل بـين أفراد الأسرة وتعريفهم بمسئولياتهم.
[6] الأخذ بالحكمة.
[7] متابعة الخطة هي مسئوليّة جماعيّة.
[8] مراعاة مسألة الفروق الفردية عند التخطيط للأبناء.
[9] وضع شعار للأسرة يحفزها للوصول لهدفها، مثل "وسائل ممتعة لحياة تربوية في أسرة سعيدة ".
ثانيا: أبجديات التخطيط المالي الأسري
يسير مركب الأسرة ويتقاسم قيادته الزوجان، فهما اللذان ينجحان في قيادته إلى بر الأمان من خلال التخطيط المالي الجيد بحيث يتجنبان الاستدانة وفي نفس الوقت ينجحان في تكوين مدخرات مالية تنفع الأسرة في الظروف المالية المتقلبة، وبما يضمن الاستقرار لها، يقول الله جل في علاه : {وَالَّذِينَ إِذَا أَنفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ قَوَامًا}[الفرقان:67].
وتكمن أهمية التخطيط الجيد للأسرة الذكية، في وجود ميزانية للأسرة،من خلال تلك الميزانية توفر الأسرة مبلغا احتياطيا يعينها على مواجهة الظروف الصعبة ورفع مستوى معيشتها، وتأمين مستقبلها. ويتأتى هذا بأن يتم تقسيم دخل الأسرة أو راتب الزوج على ثلاثة أجزاء، أو أكثر - بند للمعيشة المنزلية بحيث لا يتخطى الحدود الموضوعة له، وبند ثان للمصروفات الشخصية، وبند آخر للخدمات
العامة والفواتير وغيرها،وآخر للاستثمار،وهذا أهم بند في الميزانية!بعد ذلك يتم تجميع الفائض (إن وجد)من تلك البنود الرئيسية نهاية كل شهر ويضاف للمبلغ الاحتياطي الذي يتم ادخاره للظروف الطارئة، على أن يجمع هذا المبلغ في نهاية كل عام للاستفادة منه فيما ينفع الأسرة. إن هناك طرقا مختلفة للحفاظ على ميزانية الأسرة! والأسرة الذكية الناجحة، هي التي تتحكم في نفقاتها بالحد المعقول وبدون إسراف أو تقتير، وبما يحمي الأسرة من الاستدانة في نهاية كل شهر، وهذا بطبيعة الحال قد يتطلب من المسئول عن ميزانية الأسرة أن يحتفظ بدفتر للمصروفات ليقيد فيه كل المصروفات التي يتم صرفها على أن يراجعها في نهاية الشهر ليعرف الضروري منها وغير الضروري ليتجنب تكرار إنفاقها. مع التنازل عن الكماليات التي يمكن أن يستغني عنها الزوجان والاقتصار قدر الإمكان على النفقات الضرورية.
والأسرة الذكية،هي الأسرة التي يشترك جميع أفرادها في إدارة شئونها، وذلك لمناقشة المشكلات المتوقعة والرغبات المطلوبة والمفاضلة بين الأهداف المطروحة والتخطيط لها على ضوء الموارد المتاحة. إن في ذلك، إلى جانب الفوائد الاقتصادية العديدة للأسرة نفسها، تقوية للروابط الأسرية، وتكوين شخصيات فردية ذات مسئولية عالية وذات تخطيط وتفكير سديد.
كما أن من التخطيط المالي،التخطيط للشراء والصرف؛ فشراء حاجيات الأسرة المتنوعة ليس عملية شراء سهلة، كما يظن كثير من الناس، بل تحتاج إلى تفكير ودراية.
إن قرارات مثل: كم من النقود مع الأسرة معدة للشراء؟ وما نوعية الحاجة المراد شراؤها؟ ومن أي الأماكن تشترى؟ وكيف تخزن! وغير ذلك.. إن هذه القرارات تؤثر على أفراد الأسرة؛ لذا لا بد من التفكير العميق والخبرة والمقارنة بين الأثمان والأنواع؛ ليكون قرار الشراء صائبًا حكيمًا. ومن ثم، فأول ما ينبغي مراعاته أثناء عملية الشراء هو عدم شراء أكثر من الحاجة، أي شراء كميات الغذاء اللازمة فقط؛ لتجنب التلف لما يزيد عن الحاجة، كما ينبغي الشراء من المحال المركزية واقتناص فترات التخفيض، والمناسبات وغيرها مثل شراء حاجيات الصيف في فترة الشتاء والعكس.
أمر آخر هام،الطفل والنقود:إن تجربة الطفل الأولى مع النقود يمكن أن يكون لها أثر انفعالي عميق، ومن الحكمة تدريب الطفل في سن مبكرة من حياته وفي مستويات الدخل المختلفة على استعمال النقود، والسماح له بالتصرف في نقوده. فالطفل بطبيعته مفطور على الجمع والتملك والادخار حسب بيئته الاجتماعية.. إذ المهم أن تكون المبالغ المعطاة للطفل مناسبة لسنه، وأن تعطى له بانتظام، مع مراقبة سلوكه في التعامل مع النقود. كما أن من المهم أن يفهم الطفل أن المال شيء ثمين، ينبغي التعامل معه بشيء من الحرص.
فمن الأفضل أن يحصل الطفل على مبلغ ثابت منذ اللحظة التي يحتاج فيها إلى النقود لبعض المصروفات العارضة؛ إذ إن ذلك يساعد على إدراك قيمة النقود وكيفية التصرف بها. ومن المناسب أن تتاح الفرص للطفل للتسوق لشراء ملابسه وألعابه وغذائه؛ ليدرك أن السلع المختلفة لها أسعار مختلفة، وأن السلعة الواحدة قد تكون لها أسعار متباينة.
إن وجود القدوة السليمة للأطفال يساعد على سرعة التعلم وغرس العادات والقيم واتجاهات الاستهلاك ومفاهيم ترشيد الاستهلاك وحُسن التعامل مع النقود.
أخيرًا.. إن المستهلك الرشيد هو ذلك المستهلك الذي يراعي مبدأ الرشد والعقلانية والاعتدال في أكله ومشربه وملبسه ومنزله وسيارته وأثاثه، واستخدامه للكهرباء والمياه؛ حماية لنفسه ولأسرته.
إن المستهلك الرشيد هو الذي يراعي قرارات الشراء والاستهلاك، بحيث تكون في الوقت المناسب وللحاجة المطلوبة ومن المكان المناسب وبالسعر المناسب وبالجودة المطلوبة وبالقدر اللازم والحجم المناسب والنوعية المطلوبة. والمستهلك الذي يراعي ذلك يمكن أن يحقق الرشادة الاقتصادية والعقلانية الحكيمة من وجهة نظر الاقتصاد المعاصر، بحيث لا يقع فريسة التلاعب والاستغلال، ولا ينساق خلف الإسراف والتبذير، ولا تتعرض سلعه وبضائعه للكساد والتلف والفساد.
كلمة أخيرة :
وبعد أن استعرضنا التخطيط الأسري وفوائده،وكذا خطواته الأساسية،كما أننا بينا بعض الجوانب التي يفشل فيها التخطيط الأسري،وركزنا على أحد أهم جوانب التخطيط الأسري، التخطيط المالي.
يتبقى أن نعرف أن التخطيط الأسري ـ أسلوب حياة! ومنهج حياتي، يجب على كل أفراد الأسرة تعلم فنونه وبشكل مستمر فالتخطيط الأسري لا يقف عند حدث، فهناك جوانب أخرى مهمة، مثل التخطيط التربوي، والتخطيط التعليمي وغيرها من جوانب الحياة الرئيسة كلها تصب في قالب الأسرة الذكية.
أمنياتنا للجميع بحياة أسرية سعيدة ذكية.

السبت، 26 يوليو 2014

متى ستكون حياتنا أفضل



متى ستكون حياتنا أفضل
نحن نقنع أنفسنا بأن حياتنا ستصبح أفضل بعد أن نتزوج
نستقبل طفلنا الأول أو طفلاً أخر بعده ...
ومن ثم نصاب بالإحباط لأن أطفالنا مازالوا صغاراً
ونؤمن بأن الأمور ستكون على ما يرام بمجرد تقدم الأطفال بالسن .
ومن ثم نحبط مرة أخرى لأن أطفالنا قد وصلوا فترة المراهقة الآن
ونبدأ بالاعتقاد بأننا سوف نرتاح فور انتهاء هذه الفترة من حياتهم
ومن ثم نخبر أنفسنا بأننا سوف نكون في حال أفضل
عندما نحصل على سيارة جديدة ، ورحلة سفر وأخيراً أن نتقاعد .

الحقيقة أنه لا يوجد وقت للعيش بسعادة أفضل من الآن ,
فإن لم يكن الآن ، فمتى إذن ؟
حياتك مملوءة دوماً بالتحديات
ولذلك فمن الأفضل أن تقرر عيشها بسعادة أكبر على الرغم من كل التحديات .
كان دائماً يبدو بأن الحياة الحقيقية هي على وشك أن تبدأ .
ولكن في كل مرة كان هناك محنة يجب تجاوزها ,
عقبة في الطريق يجب عبورها ،
عمل يجب إنجازه ،  دَينٌ يجب دفعه ،
ووقت يجب صرفه ، كي تبدأ الحياة ...
ولكني أخيراً بدأت أفهم بأن هذه الأمور كانت هي الحياة .
وجهة النظر هذه ساعدتني أن أفهم لاحقاً  
 بأنه لا وجود للطريق نحو السعادة السعادة هي بذاتها الطريق ,  
 ولذلك فاستمتع بكل لحظة .
لا تنتظر أن تنتهي المدرسة ، كي تعود من المدرسة ،
أن يخف وزنك قليلا ، أن تزيد وزنك قليلا ،
أن تبدأ عملك الجديد ، أن تتزوج ،
أن تبلغ نهاية دوام الخميس ، أو صباح السبت ،
أن تحصل على سيارة جديدة ، على أثاث جديد ،
أن يأتي الربيع أو الصيف أو الخريف أو الشتاء ،
أو تحل نهاية الشهر أو شهر الإجازة ، أن تموت ، أن تولد من جديد ..
كي تكون سعيداً ... 
السعادة هي رحلة وليست محطة تصلها
لا وقت أفضل كي تكون سعيداً أكثر من الآن عش وتمتع باللحظة الحاضرة

الآن فكر و أجب على هذه الأسئلة :
1- ما أسماء الأشخاص الخمسة الأغنى في العالم ؟
        2 - ما أسماء ملكات جمال العالم للسنين الخمس الماضية ؟
     3 - ما أسماء حملة جائزة نوبل للسنين العشر الماضية ؟
                 4 - ما أسماء حملة الأوسكار كأفضل ممثل للسنين العشر الماضية ؟
لا تستطيع الإجابة ؟ إنها أسئلة صعبة أليس كذلك ؟
لا تخف ، لا أحد يتذكرهم جميعاً .
التهليل .. يموت ويختفي ويضمحل
الجوائز .. يسكنها الغبار
الفائزون .. يتم نسيانهم بعد فترة قصيرة
الآن أجب عن هذه الأسئلة :
    1 - أعط أسماء ثلاثة أساتذة أثروا عليك في حياتك الدراسية .
2- أعط أسماء ثلاثة أصدقاء وقفوا معك في وقت شدتك .
         3- فكر في بعض الأشخاص الذين جعلوك تفكر بأنك شخص مميز.
4- أعط أسماء خمسة أشخاص يعجبك قضاء وقتك معهم .
هذه الأسئلة أسهل من تلك ، أليس كذلك ؟
الأشخاص الذين يعنون لك شيئاً في الحياة ،
لا أحد ينعتهم بأنهم الأفضل في العالم ،
ولم يفوزوا بالجوائز وليسوا من أغني أغنياء العالم .
هؤلاء هم الذين يهتمون لك ويعتنون بك ،
ويتحدون الظروف للوقوف إلى جانبك وقت الحاجة .
فكر بهذا للحظة الحياة قصيرة جداً ...
وأنت إلى أي مجموعة من المجموعتين أعلاه تنتمي ؟
دعني أساعدك ...
أنت لست من ضمن الأكثر شهرة في العالم ،
ولكنك أحد الأشخاص الذين تذكرتهم عندما رغبت بإرسال هذا الملف لهم .
في إحدى المسابقات في ( أولمبياد سياتل )
كان هناك تسعة متسابقين معوقون جسدياً أو عقلياً ،
وقفوا جميعاً على خط البداية لسباق مئة متر ركض .
وأنطلق مسدس بداية السباق ،

لم يستطع الكل الركض ولكن كلهم أحبوا المشاركة فيه .
 وإثناء الركض انزلق أحد المشاركين من الذكور ،
وتعرض لشقلبات متتالية قبل أن يبدأ بالبكاء على المضمار .
فسمعه الثمانية الآخرون وهو يبكي .
فأبطئوا من ركضهم و بدأو ينظرون إلى الوراء نحوه .
وتوقفوا عن الركض وعادوا إليه .. عادوا كلهم جميعاً إليه .
فجلست بجنبه فتاة منغولية ، وضمته نحوها وسألته : أتشعر الآن بتحسن ؟
فنهض الجميع ومشوا جنباً إلى جنب كلهم إلى خط النهاية معاً .
فقامت الجماهير الموجودة جميعاً وهللت وصفقت لهم ،
ودام هذا التهليل والتصفيق طويلاً .
الأشخاص الذين شاهدوا هذا ، مازالوا يتذكرونه ويقصونه ... لماذا ؟
لأننا جميعنا نعلم في دواخل نفوسنا بأن الحياة هي أكثر بكثير
من مجرد أن نحقق الفوز لأنفسنا ..
الأمر الأكثر أهمية في هذه الحياة
هي أن نساعد الآخرين على النجاح والفوز،
حتى لو كان هذا معناه أن نبطئ وننظر إلى الخلف ونغير اتجاه سباقنا نحن . 

ختاماً 
أن الحياه ستكون أفضل عندما يكون الدين في حياتنا بالمقام الاول ..
و يكون من أول أولوياتنا في الحياه ..
عندما تكون قلوبنا معلّقه بخالقها .. جل جلاله  .
فبِهذا .. سنساعد المحتاجين ، ونساعد أنفسنا ، ونساعد عقولنا وقلوبنا ..  
 ونسْعَد أجمل سعادة .
الله يُسعدنا ويُسْعدكمْ ، ويساعدنا ويساعد جميع المسلمين .

آداب عيد الفطر ومخالفاته وما ينبغي بعده





إن يوم العيد يوم فرح وسرور لمن طابت سريرته، وخلصت لله نيته.. ليس العيد لمن لبس الجديد وتفاخر بالعدد والعديد.. إنما العيد لمن خاف يوم الوعيد والتقى ذا العرش المجيد.. وسكب الدمع تائبا رجاء يوم المزيد..

أخي المسلم:إليك وقفات سريعة موجزة مع آداب وأحكام العيد:

 


أولاً:أحمد الله عز وجل أن أتم عليك أيام هذا الشهر العظيم وجعلك ممن صامه وقامه. وأكثر من الدعاء بأن يتقبل الله منك الصيام والقيام وأن يتجاوز عن تقصيرك وزللك.

ثانياً:التكبير: يشرع التكبير من بعد غروب الشمس ليلة العيد إلى صلاة العيد، قال الله تعالى: {وَلِتُكْمِلُواْ الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُواْ اللّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ}[البقرة:185]. وصفته: (( الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر لا إله إلا الله والله أكبر ولله الحمد )) ويسن جهر الرجال به في المساجد والأسواق والبيوت إعلانا بتعظيم الله وإظهارا لعبادته وشكره.

ثالثاً:زكاة الفطر: شرع لك ربك عز وجل في نهاية هذا الشهر وختامه زكاة الفطر، وهي طهرة للصائم من اللغو والرفث، وطعمة للمساكين، وتكون صاعا ( ما يعادل كيلوين وأربعين غراما ) من شعير أو تمر أو أقط أو زبيب أو أرز أو نحوه من الطعام ـ عن الصغير والكبير والذكر والأنثى والحر والعبد من المسلمين ـ وأفضل وقت لإخراجها هو قبل صلاة العيد، ويجوز إخراجها قبل العيد بيوم أو يومين ولا يجوز تأخيرها عن صلاة العيد، ولا يجوز إخراجها لأن ذلك مخالف لأمر الرسول وتكون من طعام الآدميين، ويحب تحري المساكين لدفعها إليهم. ومن صور تربية البيت المسلم تعويد أهله على إخراجها بمشاركة الصغار.

رابعاً:الاغتسال والتطيب للرجال ولبس أحسن الثياب: بدون إسراف ولا إسبال ولا حلق لحية فهذا حرام ـ أما المرأة فيشرع لها الخروج إلى مصلى العيد بدون تبرج ولا تطيب. وأربأ بالمسلمة أن تذهب لطاعة الله وهي متلبسة بمعصية التبرج والسفور والتطيب أمام الرجال.

خامساً:أكل تمرات: وترا ثلاث أو خمس قبل الذهاب إلى المصلى لفعل الرسول .

سادساً:الصلاة مع المسلمين وحضور الخطبة: والذي رجحه المحققون من أهل العلم من شيخ الإسلام ابن تيمية، وغيره: أن صلاة العيد واجبة ولا تسقط إلا بعذر، والنساء يشهدن العيد مع المسلمين حتى الحيض، ويعتزل الحيض المصلى.

سابعاً:مخالفة الطريق: يستحب الذهاب إلى مصلى العيد من طريق، والرجوع من طريق آخر لفعل النبي .

ثامناً:لا بأس بالتهنئة بالعيد: كقول " تقبل الله منا ومنك ".

وننبهك أخي الحبيب إلى بعض المخالفات ـ مع الأسف ـ التي تقع في يوم العيد وليلته لتحذيرها.. والعجب أن يختم بعض المسلمين هذه الطاعة بالمعاصي.. ويستبدل البعض الآخر الاستغفار في نهاية كل عبادة باللهو والعبث..

 ومن المخالفات:
1- تخصيص يوم العيد لزيارة المقابر والسلام على الأموات.

2- اختلاط النساء بالرجال في بعض المصليات والشوارع والمنتزهات.

3- بعض الناس يجتمعون في العيد على الغناء واللهو والعبث وهذا لا يجوز.

4- البعض يظهر عليه الفرح بالعيد لأن شهر رمضان انتهى وتخلص من العبادة فيه وكأنها حمل ثقيل على ظهره.. وهذا خطر عظيم.

5- الإغراق في المباحات من لبس وأكل وشرب حتى تجاوز الأمر إلى الإسراف في ذلك.. قال تعالى: {وكُلُواْ وَاشْرَبُواْ وَلاَ تُسْرِفُواْ إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ}[الأعراف:31].

أخي الحبيب لا تنسى أيها الأخ الحبيب أن رب رمضان هو رب الشهور.. وأستمر على الطاعة واسأل الله عز وجل الثبات على هذا الدين حتى تلقاه، وأعلم أن نهاية وقت الطاعة والعبادة ليس مدفع العيد كما يتوهم البعض بل هو كما قال الله عز وجل: {وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ}[الحجر:99]. واليقين هو الموت.. قال بعض السلف: " ليس لعمل المسلم غاية دون الموت ".

وقال الحسن:" أبى قوم المداومة، والله ما المؤمن بالذي يعمل شهر أو شهرين أو عام أو عامين، لا والله ما جعل لعمل المؤمن أجل دون الموت ".

وقرأ عمر بن الخطاب رضي الله عنه وهو يخطب الناس على المنبر: {إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ} [فصلت:30]. فقال: استقاموا والله بطاعة الله ثم لم يروغوا روغان الثعلب.

وإن ودعت ـ أيها المسلم ـ شهر الطاعة والعبادة وموسم الخير والعتق من النار فإن الله عز وجل جعل لنا من الطاعات والعبادات ما تهنأ به نفس المؤمن وتقر به عين المسلم من أنواع النوافل والقربات طوال العام ومن ذلك:

1- صيام ست من شوال:عن أبي أيوب الأنصاري رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «من صام رمضان ثم أتبعه ست من شوال كان كصيام الدهر»[رواه مسلم]. وإن كان عليك قضاء فأقضه ثم صمها.

2- صيام أيام البيض وصيام يوم عرفه لغير الحاج وكذلك صيام أيام الاثنين والخميس.

3- قيام الليل والمحافظة على الوتر..وتأس بالأخيار {كَانُوا قَلِيلاً مِّنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ}[الذاريات:17].

4- المداومة على الرواتب التابعة للفرائض اثنتا عشرة ركعة:أربع قبل الظهر وركعتان بعده وركعتان بعد المغرب وركعتان بعد العشاء وركعتان قبل الفجر.

5- قراءة القرآن والحرص على ذلك يوميا ولو جزءا واحدا على الأقل.

6- احرص على أعمال البر وأستقم على الطاعة.. قال الله تعالى: {فَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ وَمَن تَابَ مَعَكَ} [هود:112].

7- تذلل وتضرع وأدع ربك أن يحييك على الإسلام وأن يميتك عليه وأسأله الثبات على كلمة التوحيد فمن دعاء نبي هذه الأمة صلى الله عليه وسلم: «يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك»[رواه الترمذي].

وأنواع الطاعات كثيرة وأجرها عظيم قال تعالى: {مَنْ عَمِلَ صَالِحاً مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ}[النحل:97].

فأحرص أخي المسلم على الاستمرار على الأعمال الصالحة وأحذر أن يفاجئك الموت وأنت على معصية.. واستحضر أن من علامات قبول عملك في رمضان استمرارك على الطاعة بعده.. والحسنة تتبعها الحسنة والسيئة تجر السيئة.

أيها الحبيب:أيام العيد ليست أيام لهو وغفلة بل هي أيام عبادة وشكر، والمؤمن يتقلب في أنواع العبادة ولا يعرف حد لها.. ومن تلك العبادات التي يحبها الله ويرضاها: صلة الأرحام وزيارة الأقارب وترك التباغض والتحاسد والعطف على المساكين والأيتام وإدخال السرور على الأرملة والفقير.

وتأمل دورة الأيام واستوحش من سرعة انقضائها.. وأفزع إلى التوبة وصدق الالتجاء الى الله عز وجل ووطن أيها الحبيب نفسك على الطاعة وألزمها العبادة فإن الدنيا أيام قلائل.. وأعلم أنه لا يهدأ قلب المؤمن ولا يسكن روعة حتى تطأ قدمه الجنة.. فسارع إلى جنة عرضها السموات والأرض وجنب نفسك نارا تلظى لا يصلاها إلا الأشقى.. وعليك بحديث الرسول صلى الله عليه وسلم : «سددوا وقاربوا، وأعلموا أن لن يدخل أحدكم عمله الجنة، وأن أحب الأعمال أدومها إلى الله وإن قل»[رواه البخاري].

اللّهم ثبتنا على الإيمان والعمل الصالح وأحينا حياة طيبة وألحقنا بالصالحين.. ربنا تقبل منا إنّك أنت السميع العليم وأغفر لنا ولوالدينا ولجميع المسلمين.. وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.

نصائح غذائية في عيد الفطر


نصائح غذائية في عيد الفطر

بانتهاء شهر رمضان يكون الصائم قد اعتاد على نمط تغذوي ومعيشي مغاير كثيرًا لذلك النمط المتبع طوال العام؛ فنتيجة للصوم يعتاد الجهاز الهضمي على عدم استقبال أي طعام أو شراب طوال النهار، مما يجعله في حالة راحة نهارًا، في حين يفرز العصارات الهاضمة ويتهيأ لاستقبال الطعام قبيل أذان المغرب.
أول أيام العيد ونتيجة للتغير المفاجئ في مواعيد وأساليب ونوعيات الطعام المتناول يعاني الكثير من عدد من العوارض الصحية الناجمة عن العبء الكبير الذي قد حملناه لجهازنا الهضمي دون سابق تمهيد أو إنذار، فترى أقسام الطوارئ بالمستوصفات والمستشفيات قد استنفرت كل أجهزتها لاستقبال الأعداد الكبيرة من حالات التلبك المعوي وآلام المعدة والأمعاء والانتفاخ والإسهال الحاد. وإضافةً إلى كل ذلك، كثيرًا ما يرتفع عدد الحالات المسجلة للتسمم الغذائي في أول أيام العيد. 
ولكي تدوم فرحة العيد وتكتمل بلا معاناة صحية أو مشاكل تغذوية ناجمة عن التغير المفاجئ في مواعيد وأساليب تناول الطعام، هناك عدد من الاعتبارات التغذوية التي يؤدي تطبيقها إلى تجنب حدوث هذه المشاكل بسهولة ويسر منها: 
1- عدم الإفراط في تناول الحلويات صباح يوم العيد:
تمثل حلويات العيد جزءًا غاليًا من تراثنا الإسلامي وعاداتنا العربية الأصيلة، ولعل أكثر الحلويات تميزًا لعيد الفطر الكعك والبسكويت والبيتفور، وجميعها أطعمه عالية جدًّا في محتواها من الدهون والسكريات ومصدر مركز للطاقة. وتحتوي الكعكة الواحدة من كعك العيد التي تزن حوالي 50 جرامًا على حوالي 820 سعرًا حراريًّا؛ أي ما يعادل كمية الطاقة الموجودة في خبزة زنة مائة جرام.  
ويؤدي الإفراط في تناول الحلويات في صباح يوم العيد إلى إرباك الجهاز الهضمي وحدوث تلبكات معوية، كما قد يؤدي إلى حدوث إسهال شديد مصحوبًا بالعديد من المخاطر الصحية الأخرى. وتتضاعف المخاطر الصحية للإفراط في تناول الحلويات لدى المصابين بكل من داء السكري والسمنة وارتفاع دهون الدم وأمراض القلب والشرايين.
لذا يجب الحذر من أن نتناول كمية كبيرة من هذه الحلوى تحت ضغوط الضيافة والإلحاح والكرم الذي يشتهر به مجتمعنا. وللخروج من مأزق الحرج لعدم تلبية رغبة المضيف يمكن تناول حبة فاكهة أو كوب من عصير الفاكهة بدلاً من تناول هذه الحلويات أو المشروبات الغازية كلما قمت بزيارة لمنزل أو قريب. 
علينا الاعتدال في تناول الحلوى والشكولاتة وكعك العيد؛ لأنها تحتوي على كمية كبيرة من الدهون والسكريات والسعرات الحرارية التي قد يؤدي الإفراط في تناولها إلى اضطرابات هضمية، وزيادة في الوزن.
2- احذر التدخين أو شرب الشاي أو القهوة على معدة خاوية:
من العادات السيئة ذات الأثر السلبي على الصحة اعتياد الكثير على بدء يوم العيد بإشعال سيجارة أو احتساء كوب من الشاي أو القهوة على معدة خاوية. ويضاعف ذلك من المخاطر الصحية الناجمة من التدخين أو شرب الشاي أو القهوة فيؤدي إلى اضطراب والتهاب المريء والمعدة.  
كما يؤدي إلى فقد الشهية وازدياد حموضة المعدة وزيادة ضربات القلب. ويجب الامتناع تمامًا عن هذه العادات السيئة، سواء في أيام العيد أو في غيرها، وخصوصًا للمصابين بأمراض القلب والشرايين وداء السكري.
 3- تدرج في تعويد معدتك على استقبال الطعام في الصباح:
يعتبر تناول إفطار ثقيل في أيام العيد أحد الأخطاء التغذوية الشائعة. فحتى تعتاد المعدة على استقبال الطعام في الصباح يجب البدء بكميات قليلة من الطعام، وتصغير حجم الوجبات لتجنب إرباك الجهاز الهضمي، وإتاحة الفرصة لعملية هضم مريحة وكاملة.
4- تجنب الإفراط في تناول الأغذية الدسمة وعسرة الهضم:
تمثل كل من الأطعمة المقلية والصلصات السميكة والفواكه والخضراوات غير المكتملة النضج وبعض أنواع البقول ذات القشور السميكة أغذية عسرة الهضم. ويجب تجنب الإفراط في تناول هذه الأغذية في أيام عيد الفطر، وذلك حتى تستعيد المعدة نمطها المعتاد للعمل في غير أيام رمضان.
5- تناول طعامك في صورة وجبات محددة:
من المفيد جدًّا البدء في تهيئة الجهاز الهضمي للعودة لاستقبال الطعام في صورة وجبات ويتيح تنظيم مواعيد تناول الطعام للمعدة وباقي أعضاء الجهاز الهضمي فرصة القيام بوظائفها على نحو طبيعي، كما يجب تجنب الاستمرار في التقاط الطعام طوال اليوم وعدم الجلوس على مائدة الطعام لتناول الوجبات في المواعيد المعتادة؛ حيث يؤدي ذلك إلى التهام كميات كبيرة من الطعام دون الشعور بذلك. وقد يكون من المفيد أن تكون هذه الوجبات صغيرة على أن يتم زيادتها إلى 4 - 5 وجبات يومية؛ أي المحافظة على كمية الطعام القليلة التي تعودت عليها أجسامنا أثناء شهر الصوم؛ لنتخلص بالتدريج من الزيادة في الوزن التي نكتسبها عادةً مع التقدم في العمر.  
وإذا كنت شخصًا بدينًا ونقص وزنك أثناء صيام شهر رمضان، فعليك المحافظة على هذا الوزن وأن تستمر في ممارسة نفس العادات الغذائية والسلوك الغذائي الذي اكتسبته خلال وبعد عيد الفطر؛ لتتخلص من السمنة والتي تعد خطرًا على صحتك.
6- احرص على تطبيق قواعد سلامة الأغذية:
عادة ما يرتفع معدل الإصابة بالإسهال والحمى في أيام العيد نتيجة للإصابة بتسممات ذات أنواع مختلفة، ومن الضروري الحرص على اختيار مصادر الغذاء الآمنة والموثوق فيها وعدم شراء الوجبات الجاهزة من مصادر غير معروفة.
أما بالنسبة للذين يقضون أيام العيد في رحلات خارج المنزل فيجب عليهم الحذر في تحضير أغذيتهم وعدم تحضير الوجبات قبل موعد تناولها بساعات طويلة مما يجعلها عرضة للفساد. 
7- "كلوا واشربوا ولا تسرفوا":
لا يوجد بين القواعد الصحية للتغذية حكمة واحدة تصلح لجميع الأعمار وجميع المناسبات أكثر من قول الله تعالى: {وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلا تُسْرِفُوا} [الأعراف: 31]. فاتّباع هذا القول هو سبيلك إلى الصحة والسلامة.  
أي الاعتدال أيضًا في إقامة الولائم بالمنزل، وفي تلبية الدعوات إليها من قبل الآخرين.
8- تجنب الخمول:
يجد البعض إجازة العيد فرصة للإفراط في تناول الطعام والراحة والاسترخاء، فيصبح روتينهم خلال إجازة العيد هو الأكل ثم النوم والنوم ثم الأكل وينتابهم شعور بالكسل والخمول، ويؤدي تناول وجبات كبيرة ودسمة ثم النوم إلى عسر الهضم والتلبك المعوي والانتفاخ. 
أما على المدى البعيد فيؤدي ذلك إلى الاعتياد على الخمول والبدانة والسمنة بما يصاحبها من مخاطر صحية كثيرة؛ لذا فمن الضروري أن يتم تخصيص جزء من إجازة العيد لممارسة أي نشاط رياضي مناسب.
9- الاعتدال مطلوب.. ومراعاة الظروف الصحية للآخرين واجب
مراعاة الأشخاص المرضى في الأسرة نفسها المصابين بأحد الأمراض المزمنة، وذلك بإعداد بعض الأصناف التي تتناسب مع مرضهم ومع حميتهم الغذائية، كذلك مراعاة الزوار وعدم إلزامهم بتناول كافة الأصناف المنوعة في المائدة؛ فعلى سبيل المثال يفضل تقديم الشاي والعصير بدون سكر للمصابين بداء السكري وكذلك توفير الحلويات المخصصة لمرضى السكري، والتي لا تؤدي إلى ارتفاع سكر الدم لديهم. 
وللحد من المخاطر الصحية التي قد يصاب بها أحدنا، وحتى تكون كل أيامنا أعيادًا، لا بد من الاعتدال في كل شيء، والالتزام بروح شهر رمضان، وتنظيم الوجبات الغذائية.

سنن العيدين


سنن العيدين


 
وسُمي العيد عيدًا لعوده وتكرره, وقيل: لعود السرور فيه, وقيل: تفاؤلا بعوده على من أدركه، كما سميت القافلة حين خروجها تفاؤلا لقفولها سالمة, وهو رجوعها. 
[ شرح صحيح مسلم للنووي: 3/441 ].
أولا: التجمل في العيد

[1] عن عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ، رضي الله عنهما، قَالَ: أَخَذَ عُمَرُ جُبَّةً مِنْ إِسْتَبْرَقٍ تُبَاعُ فِي السُّوقِ فَأَخَذَهَا، فَأَتَى بِهَا رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، ابْتَعْ هَذِهِ، تَجَمَّلْ بِهَا لِلْعِيدِ وَالْوُفُودِ. فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم : إِنَّمَا هَذِهِ لِبَاسُ مَنْ َلا خََلاقَ لَهُ. فَلَبِثَ عُمَرُ مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ يَلْبَثَ، ثُمَّ أَرْسَلَ إِلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِجُبَّةِ دِيبَاجٍ، فَأَقْبَلَ بِهَا عُمَرُ، فَأَتَى بِهَا رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّكَ قُلْتَ إِنَّمَا هَذِهِ لِبَاسُ مَنْ َلا خََلاقَ لَهُ، وَأَرْسَلْتَ إِلَيَّ بِهَذِهِ الْجُبَّةِ. فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم : تَبِيعُهَا أَوْ تُصِيبُ بِهَا حَاجَتَكَ. [ صحيح البخاري، 948 ].
شرح الحديث: قال العلامة السندي في حاشية السندي على النسائي: منه عُلم أن التجمل يوم العيد كان عادة متقررة بينهم، ولم ينكرها النبي صلى الله عليه وسلم ، فعُلم بقاؤها. وقال ابن قدامة في المغني ( 3/114 ): وهذا يدل على أن التجمل عندهم في هذه المواضع كان مشهوراً ... وقال مالك: سمعت أهل العلم يستحبون الطيب والزينة في كل عيد. 

ثانيا: الاغتسال يوم العيد قبل الخروج

[2] عَنْ نَافِعٍ: أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ رضي الله عنه كَانَ يَغْتَسِلُ يَوْمَ الْفِطْرِ قَبْلَ أَنْ يَغْدُوَ إِلَى الْمُصَلَّى. [ موطأ مالك، 384 ].
شرح الحديث: قال الألباني في إرواء الغليل ( 3/104 ) : روى الفريابي عن سعيد بن المسيب أنه قال: سنة الفطر ثلاث: المشي إلى المصلى، والأكل قبل الخروج، والاغتسال. وإسناده صحيح. 

ثالثا: تحريم صيام يومي الفطر والأضحى

[3] فعن أبي سَعِيدٍ الْخُدْرِيَّ رضي الله عنه ، عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم : ََلا صَوْمَ فِي يَوْمَيْنِ: الْفِطْرِ وَالْأَضْحَى. [ صحيح البخاري، 1197].
شرح الحديث: قال النووي في شرح صحيح مسلم ( 4/271 ): وقد أجمع العلماء على تحريم صوم هذين اليومين بكل حال, سواء صامهما عن نذر أو تطوع أو كفارة أو غير ذلك.

رابعا: تعجيل الأكل قبل صلاة الفطر وتأخيره إلى ما بعد صلاة الأضحى
[4] عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه ، قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم َلا يَغْدُو يَوْمَ الْفِطْرِ حَتَّى يَأْكُلَ تَمَرَاتٍ. ويأكلهن وِتراً. [ صحيح البخاري، 953 ][5] عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُرَيْدَةَ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم َلا يَخْرُجُ يَوْمَ الْفِطْرِ حَتَّى يَطْعَمَ، وََلا يَطْعَمُ يَوْمَ الْأَضْحَى حَتَّى يُصَلِّيَ. [ صحيح / صحيح سنن الترمذي للألباني، 542 ].
شرح الأحاديث: ( لا يغدو ) أي يخرج وقت الغداة، أي أول النهار. ( يوم الفطر ) أي إلى المصلى. ( حتى يطعم ) بفتح العين أي يأكل. ( ولا يطعم يوم الأضحى حتى يرجع ) أي فيأكل من أضحيته إن كان له أضحية. قال الحافظ ابن حجر في فتح الباري ( 2/518 ): الحكمة في الأكل قبل الصلاة أن لا يظن ظان لزوم الصوم حتى يصلى العيد. وقيل: لما وقع وجوب الفطر عقب وجوب الصوم استحب تعجيل الفطر مبادرة إلى امتثال أمر الله تعالى ... والحكمة في استحباب التمر لما في الحلو من تقوية البصر الذي يضعفه الصوم ... هذا كله في حق من يقدر على ذلك، وإلا فينبغي أن يفطر ولو على الماء ليحصل له شبه من الإتباع. وأما جعلهن وتراً فللإشارة إلى وحدانية الله تعالى. وقال الصنعاني في سبل السلام ( 2/91 ): وتأخيره يوم الأضحى إلى ما بعد الصلاة، والحكمة فيه هو أنه لما كان إظهار كرامة الله تعالى للعباد بشرعية نحر الأضاحي، كان الأهم الابتداء بأكلها شكراً لله على ما أنعم به من شرعية النسكية الجامعة لخير الدنيا وثواب الآخرة.

خامسا: صلاة العيد في المصلى بالخلاء
[6] عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رضي الله عنه ، قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَخْرُجُ يَوْمَ الْفِطْرِ وَاْلأَضْحَى إِلَى الْمُصَلَّى، فَأَوَّلُ شَيْءٍ يَبْدَأُ بِهِ الصََّلاةُ، ثُمَّ يَنْصَرِفُ فَيَقُومُ مُقَابِلَ النَّاسِ، وَالنَّاسُ جُلُوسٌ عَلَى صُفُوفِهِمْ، فَيَعِظُهُمْ وَيُوصِيهِمْ وَيَأْمُرُهُمْ، فَإِنْ كَانَ يُرِيدُ أَنْ يَقْطَعَ بَعْثًا، قَطَعَهُ، أَوْ يَأْمُرَ بِشَيْءٍ، أَمَرَ بِهِ، ثُمَّ يَنْصَرِفُ.[ اللؤلؤ والمرجان، 510 ][7] وعَنْ ابْنِ عُمَرَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَغْدُو إِلَى الْمُصَلَّى فِي يَوْمِ الْعِيدِ، وَالْعَنَزَةُ تُحْمَلُ بَيْنَ يَدَيْهِ، فَإِذَا بَلَغَ الْمُصَلَّى نُصِبَتْ بَيْنَ يَدَيْهِ، فَيُصَلِّي إِلَيْهَا، وَذَلِكَ أَنَّ الْمُصَلَّى كَانَ فَضَاءً لَيْسَ فِيهِ شَيْءٌ يُسْتَتَرُ بِهِ. [ سنن ابن ماجه، 1294 ].
شرح الأحاديث: قال العلامة ابن الحاج المالكي في المدخل: والسنة الماضية في صلاة العيدين أن تكون في المصلى، لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: صََلاةٌ فِي مَسْجِدِي هَذَا خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ صََلاةٍ فِيمَا سِوَاهُ إَِلا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ 
[ اللؤلؤ والمرجان، 881 ]، ثم هو مع هذه الفضيلة العظيمة، خرج صلى الله عليه وسلم وتركه، فهذا دليل واضح على تأكيد أمر الخروج إلى المصلى لصلاة العيدين، فهي السنة، وصلاتهما في المسجد بدعة إلا أن تكون ثم ضرورة داعية إلى ذلك فليس ببدعة. وقال النووي في المجموع: فإن كانت الصلاة بمكة، فالمسجد الحرام أفضل بلا خلاف. وقال الألباني في صلاة العيد في المصلى هي السنة: إن هذه السنة لها حكمة عظيمة بالغة: أن يكون للمسلمين يومان في السنة، يجتمع فيها أهل كل بلدة، رجالا ونساء وصبيانا، يتوجهون إلى الله بقلوبهم، تجمعهم كلمة واحدة، ويصلون خلف إمام واحد، ويكبرون ويهللون، ويدعون الله مخلصين، كأنهم على قلب رجل واحد.
سادسا: خروج جميع النساء في حجابهن الشرعي بغير زينة ولا طيب
[8] عَنْ أُمِّ عَطِيَّةَ، رضي الله عنها، قَالَتْ: أَمَرَنَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنْ نُخْرِجَهُنَّ فِي الْفِطْرِ وَالْأَضْحَى: الْعَوَاتِقَ وَالْحُيَّضَ وَذَوَاتِ الْخُدُورِ. فَأَمَّا الْحُيَّضُ فَيَعْتَزِلْنَ الصََّلاةَ وَيَشْهَدْنَ الْخَيْرَ وَدَعْوَةَ الْمُسْلِمِينَ. قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! إِحْدَانَا َلا يَكُونُ لَهَا جِلْبَابٌ. قَالَ: لِتُلْبِسْهَا أُخْتُهَا مِنْ جِلْبَابِهَا . [ اللؤلؤ والمرجان، 511 ].
شرح الحديث: ( الْعَوَاتِقَ ): البنات الأبكار البالغات والمقاربات للبلوغ. ( وَالْحُيَّضَ ): جمع حائض، وهو أعم من الأول من وجه. ( وَذَوَاتِ الْخُدُورِ ): أي: صواحبات الستور. الخدور جمع خدر، وهو ناحية في البيت يجعل عليها سترة فتكون فيه الجارية البكر، وهى المخدرة، أي خدرت في الخدر. ( يَشْهَدْنَ الْخَيْرَ ): هو الدخول في فضيلة الصلاة لغير الحيض. ( َلا يَكُونُ لَهَا جِلْبَابٌ ): ملحفة، أي كيف تشهد ولا جلباب لها، وذلك بعد نزول الحجاب. قال الصنعاني في سبل السلام: ( 2/92 ): والحديث دليل على وجوب إخراجهن ... وهو ظاهر في استمرار ذلك منه صلى الله عليه وسلم ، وهو عام لمن كانت ذات هيئة وغيرها، وصريح في الثواب وفي العجائز بالأولى. قال سيد حسين العفاني في نداء الريان في فقه الصيام وفضل رمضان ( 2/368 ): ومال إلي هذا الرأي شيخ الإسلام ابن تيمية في " اختياراته " عن أبي بكر الصديق رضي الله عنه قال: حق على كل ذات نطاق الخروج إلى العيد. 
[ رواه ابن أبي شيبة وسنده صحيح ].سابعا: المشي إلى المصلى
[9] عَنِ ابْنِ عُمَرَ، رضي الله عنهما، قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَخْرُجُ إِلَى الْعِيدِ مَاشِيًا، وَيَرْجِعُ مَاشِيًا. [ حسن / صحيح سنن ابن ماجه للألباني، 1078(1311) ][10] وعَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رضي الله عنه ، قَالَ: مِنْ السُّنَّةِ أَنْ تَخْرُجَ إِلَى الْعِيدِ مَاشِيًا، وَأَنْ تَأْكُلَ شَيْئًا قَبْلَ أَنْ تَخْرُجَ. [ حسن / صحيح سنن الترمذي للألباني، 530 ].
شرح الأحاديث: قال الترمذي في السنن ( 1/296 ): والعمل على هذا الحديث عند أكثر أهل العلم: يستحبون أن يخرج الرجل إلى العيد ماشياً ... ويُستحب أن لا يركب، إلا من عذر. وقال الصنعاني في سبل السلام ( 2/99 ): وكان ابن عمر يخرج إلى العيد ماشياً ويعود ماشياً.

ثامنا: مخالفة الطريق في الذهاب إلى المصلى والإياب منه
[11] عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، رَضِي اللَّهُ عَنْهُمَا، قَالَ : كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم إِذَا كَانَ يَوْمُ عِيدٍ خَالَفَ الطَّرِيقَ. [ صحيح البخاري، 986 ][12] وعَنْ ابْنِ عُمَرَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَخَذَ يَوْمَ الْعِيدِ فِي طَرِيقٍ، ثُمَّ رَجَعَ فِي طَرِيقٍ آخَرَ. [ صحيح / صحيح سنن أبي داود للألباني، 254 ].
شرح الأحاديث: يعني أنه يرجع من مصلاه من جهة غير الجهة التي خرج منها إليه. قال ابن قيم الجوزية في زاد المعاد ( 1/432 ) : وكان صلى الله عليه وسلم يخالف الطريق يوم العيد، فيذهب في طريق، ويرجع في آخر. فقيل: ليسلم على أهل الطريقين، وقيل: لينال بركته الفريقان، وقيل: ليقضي حاجة من له حاجة منهما، وقيل: ليظهر شعائر الإسلام في سائر الفجاج والطرق، وقيل: ليغيظ المنافقين برؤيتهم عزة الإسلام وأهله، وقيام شعائره، وقيل: لتكثر شهادة البقاع، فإن الذاهب إلى المسجد والمصلى إحدى خطوتيه ترفع درجة، والأخرى تحط خطيئة حتى يرجع إلى منزله، وقيل وهو الأصح: إنه لذلك كله، ولغيره من الحكم التي لا يخلو فعله عنها.

تاسعا: التكبير أيام العيدين ووقته
قال الصنعاني في سبل السلام: ( الجزء الثاني: 100-101 ): التكبير في العيدين مشروع عند الجماهير، فأما تكبير عيد الإفطار فأُوجب لقوله تعالى:  وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ  
[ البقرة: 185 ]. والأكثر أنه سنة ... ( ويكون ) من مغرب أول ليلة من شوال إلى ... خروج الإمام، أو حتى يصلي، أو حتى يفرغ من الخطبة. وأما تكبير عيد النحر فأُوجب أيضا لقوله تعالى:  وَاذْكُرُوا اللَّهَ فِي أَيَّامٍ مَعْدُودَاتٍ  [ البقرة: 203 ]. ولقوله:  كَذَلِكَ سَخَّرَهَا لَكُمْ لِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ  [ الحج: 37 ] ... وذهب الجمهور إلى أنه سنة مؤكدة للرجال والنساء، ومنهم من خصه بالرجال ... وأما ابتداؤه وانتهاؤه ... فأصح ما ورد عن الصحابة ... أنه من صبح يوم عرفة إلى آخر أيام منى، أخرجهما ابن المنذر. واعلم أنه لا فرق بين تكبير عيد الإفطار وعيد النحر في مشروعية التكبير، لاستواء الأدلة في ذلك، وإن كان المعروف عند الناس إنما هو تكبير عيد النحر.[13] عن الزهري، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يخرج يوم الفطر فيكبر حتى يأتي المصلى، وحتى يقضي الصلاة، فإذا قضى الصلاة قطع التكبير.[ سلسلة الأحاديث الصحيحة للألباني، 171 ].
شرح الحديث: قال الألباني في سلسلة الأحاديث الصحيحة ( 1/331 ): وفي الحديث دليل على مشروعية ما جرى عليه عمل المسلمين من التكبير جهرا في الطريق إلى المصلى، وإن كان كثير منهم بدأوا يتساهلون بهذه السنة، حتى كادت أن تصبح في خبر كان ... وذلك لخجلهم من الصدع بالسنة والجهر بها ... ومما يحسن التذكير به بهذه المناسبة: أن الجهر بالتكبير هنا لا يُشرع فيه الاجتماع عليه بصوت واحد كما يفعله البعض، وكذلك كل ذكر يُشرع فيه رفع الصوت أو لا يُشرع، فلا يشرع فيه الاجتماع المذكور ... فلنكن في حذر من ذلك. وقال البغوي في شرح السنة ( 4/309 ): ومن السنة إظهار التكبير ليلتي العيدين مقيمين وسفرا في منازلهم، ومساجدهم، وأسواقهم، وبعد الغدو في الطريق، وبالمصلى إلى أن يحضر الإمام.

عاشرا: صيغ التكبير
وردت صيغ التكبير عن بعض الصحابة رضوان الله عليهم، فمن ذلك:
[15] ما ثبت عن ابن مسعود رضي الله عنه ، أنه كان يقول: الله أكبر الله أكبر، لا أله إلا الله، والله أكبر الله أكبر، ولله الحمد. [ مصنف ابن أبي شيبة، كتاب صلاة العيدين. قال الألباني في إرواء الغليل ( 3/125 ): وإسناده صحيح ]. كما ثبت تثليث التكبير عنه في مكان آخر بالسند نفسه، يقول: الله أكبر الله أكبر الله أكبر، لا إله إلا الله، والله أكبر الله أكبر، ولله الحمد.[16] كما ثبت عن ابن عباس رضي الله عنهما، قوله: الله أكبر الله أكبر، ولله الحمد، الله أكبر وأجل، الله أكبر على ما هدانا. [ السنن الكبرى للبيهقي، كتاب صلاة العيدين. قال الألباني في إرواء الغليل ( 3/125 ): وسنده صحيح ].
فبأي صيغة كبّر المسلم، فقد أدى السنة وأقام الشعيرة.

حادي عشر: التهنئة بالعيد
قال شيخ الإسلام في مجموع الفتاوى ( 24/138 ): أما التهنئة يوم العيد يقول بعضهم لبعض إذا لقيه بعد صلاة العيد: تقبل الله منا ومنكم، وأحاله الله عليك، ونحو ذلك، فهذا قد روي عن طائفة من الصحابة أنهم كانوا يفعلونه، ورخص فيه الأئمة كأحمد ( بن حنبل ) وغيره. لكن قال أحمد: أنا لا ابتدئ أحدا، فإن ابتدأني أحد، أجبته. وذلك لأن جواب التحية واجب. وأما الابتداء بالتهنئة، فليس سنة مأمورا بها، ولا هو أيضا مما نهي عنه. فمن فعله فله قدوة، ومن تركه فله قدوة.

ثاني عشر: منكرات الأعياد
 السهر ليالي العيد في غير طاعة               إحياء ليلتي العيد بأذكار مخترعة تخصيص زيارة القبور يوم العيد               التزين بحلق اللحية يومي العيدين ويوم الجمعة الإسراف والتبذير فيما لا طائل من ورائه     متابعة الأغاني والأفلام والذهاب إلى دور اللهو الاختلاط بين الرجال والنساء في الاجتماعات التي تضمهم، ومصافحة النساء الأجنبيات غير المحرمات