الأحد، 6 سبتمبر 2015

قواعد إيمانية : (وَقَدْ خَابَ مَنِ افْتَرَى)



قواعد إيمانية

(وَقَدْ خَابَ مَنِ افْتَرَى)

الحمد لله، وبعد:
فهذا مَرسى آخر على جُودِيّ موضوعنا الأغر: (قواعد قرآنية)، نقف فيه مع قاعدة من قواعد التعامل مع غيرنا، ومن القواعد التي تعالج شيئاً من الأخلاق الرذيلة عند بعض الناس، تلكم القاعدة هي قوله تعالى: {وَقَدْ خَابَ مَنِ افْتَرَى}.
وهذه الآية الكريمة، وضاءة المعنى، بديعة السبك والحبك، جاءت في سياق قصة موسى مع فرعون ـ الذي قضى حياته افتراء على الله ـ وسحرته الذين هداهم الله، يقول سبحانه وتعالى عن فرعون:
{قَالَ مَوْعِدُكُمْ يَوْمُ الزِّينَةِ وَأَنْ يُحْشَرَ النَّاسُ ضُحًى (59) فَتَوَلَّى فِرْعَوْنُ فَجَمَعَ كَيْدَهُ ثُمَّ أَتَى (60) قَالَ لَهُمْ مُوسَى وَيْلَكُمْ لَا تَفْتَرُوا عَلَى اللَّهِ كَذِبًا فَيُسْحِتَكُمْ بِعَذَابٍ وَقَدْ خَابَ مَنِ افْتَرَى (61) فَتَنَازَعُوا أَمْرَهُمْ بَيْنَهُمْ وَأَسَرُّوا النَّجْوَى}
[طه: 56 - 62].

والافتراء يطلق على معانٍ منها: الكذب، والشرك، والظلم، وقد جاء القرآن بهذه المعاني الثلاث، وكلها تدور على الفساد والإفساد(1).
قال ابن القيم: مؤكداً اطراد هذه القاعدة: (وقد ضمن سبحانه أنه لا بد أن يخيب أهل الافتراء ولا يهديهم وأنه يستحتهم بعذابه أي يستأصلهم)(2) اهـ.

وإنك ـ أخي المتدبر ـ إذا تأملت هذه القاعدة وجدت في الواقع ـ وللأسف ـ من له منها نصيب وافر، وحظ حاضر سافر، ومن ذلك:
1 ـ الكذب والافتراء على الله، إما بالقول عليه بغير علم بأي صورة من الصور، استمع لقول ربنا تعالى: {وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا أَوْ قَالَ أُوحِيَ إِلَيَّ وَلَمْ يُوحَ إِلَيْهِ شَيْءٌ وَمَنْ قَالَ سَأُنْزِلُ مِثْلَ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ
[الأنعام: 93]}.
وقد دلّ القرآن على أن القول على الله بغير علم هو أعظم المحرمات على الإطلاق!
 قال تعالى: {قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالْإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ}
 [الأعراف: 33] ،
 وأنت إذا تأملت في هذا الأمر: وجدت أن المشرك إنما أشرك لأنه قال على الله بغير علم!
ومثله الذي يحلل الحرام أو يحرم الحلال، كما حكاه الله تعالى عن بعض أحبار بني إسرائيل.

وكذا الذين يفتون بغير علم، هم من جملة المفترين على الله سبحانه وتعالى،
 قال تعالى: {وَلَا تَقُولُوا لِمَا تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ الْكَذِبَ هَذَا حَلَالٌ وَهَذَا حَرَامٌ لِتَفْتَرُوا عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ لَا يُفْلِحُونَ} 
[النحل: 116].
وكلُّ من تكلم في الشرع بغير علم فهو من المفترين على الله: سواء في باب الأسماء والصفات، أو في أبواب الحلال والحرام، أو في غيرها من أبواب الدين.

ولأجل هذا كان كثير من السلف يتورع أن يجزم بأن ما يفتي به هو حكم الله إذا كانت المسألة لا نص فيها، ولا إجماع، قال بعض السلف: "ليتق أحدكم أن يقول: أحل الله كذا وحرم كذا فيقول الله له كذبت لم أحل كذا ولم أحرم كذا"(3).
"ولهذا لما كتب الكاتب بين يدي أمير المؤمنين عمر بن الخطاب حكماً حكم به، فقال: هذا ما أرى الله أمير المؤمنين عمر! فقال: لا تقل هكذا، ولكن قل: هذا ما رأى أمير المؤمنين عمر بن الخطاب.

وقال ابن وهب: سمعت مالكاً: يقول: "لم يكن من أمر الناس، ولا من مضى من سلفنا، ولا أدركت أحداً اقتدي به يقول في شيء: هذا حلال وهذا حرام، وما كانوا يجترئون على ذلك، وإنما كانوا يقولون: نكره كذا، ونرى هذا حسنا فينبغي هذا ولا نرى هذا"(4).
فعلى من لم يكن عنده علم فيما يتكلم به أن يمسك لسانه، ويقبض مِقوَله، وعلى من تصدر لإفتاء الناس أن يتمثل هدي السلف في هذا الباب، فإنه خير مقالاً وأحسن تأويلاً.

2 ـ ومن صور تطبيقات هذه القاعدة القرآنية:
ما يفعله بعض الوضاعين للحديث ـ في قديم الزمان وحديثه ـ الذين يكذبون على النبي صلى الله عليه وسلم ويفترون عليه: إما لغرض ـ هو بزعمهم ـ حسنٌ كالترغيب والترهيب، أو لأغراض سياسية، أو مذهبية، أو تجارية، كما وقع ذلك وللأسف منذ أزمنة متطاولة وأيام غابرة!

وليعلم كل من يضع الحديث على النبي صلى الله عليه وسلم أنه من جملة المفترين، فلن يفلح سعيه، بل هو خاسر وخائب كما قال ربنا: {وَقَدْ خَابَ مَنِ افْتَرَى}، ولا ينفعه ما يظنه قصداً حسناً ـ كما زعم بعض الوضاعين ـ فإن مقام الشريعة عظيم الشَّأو، وجنابها مصون ومحترم، وقد أكمل الله الدين، وأتم النعمة، فلا يحتاج إلى حديث موضوع ومختلق مفترى، يُضلُّ ولا يكاد يبين، وليست شريعةٌ تلك التي تبنى على الكذب، وعلى منْ؟ على رسولها صلى الله عليه وسلم؟

ومن المؤسف المقلق أن يُرى لسوق الأحاديث الضعيفة والمكذوبة رواجاً في هذا العصر بواسطة الإنِّترنت، أو رسائل الجوال؛ فليتق العبدُ ربَّه، ولا ينشرن شيئاً ينسب إلى النبي صلى الله عليه وسلم حتى يتثبت من صحته عنه.

3 ـ ومن صور تطبيقات هذه القاعدة القرآنية الكريمة المشاهدة في الواقع:
ما يقع ـ وللأسف الشديد ـ من ظلم وبغي بين بعض الناس، وهذا له أسبابه الكثيرة، لعل من أبرزها: 
الحسد ـ عياذاً بالله منه ـ والطمع في شيء من لعاعة الدنيا، أو لغير ذلك من الأسباب، ويَعْظُمُ الخطب حينما يُلبِّسُ بعضُ الناس صنيعه لبوسَ الدين؛ ليبرر بذلك فعلته في الوشاية بفلان، والتحذير من فلان بغياً وعدواناً.
ولقد وقفتُ على كثير من القصص في هذا الباب، منها القديم ومنها المعاصر، اعترف أصحابها بها، وهي قصص تقطع الكبد ألماً، وتفت الفؤاد فتًا، بسبب ما ذاقوه من عاقبة افترائهم وظلمهم لغيرهم، وكانت عاقبة كذبهم خسرا.

وكما قال الكيلاني:

الصدق من كرم الطباع وطالما *** جاء الكذوب بخجلة ووجوم


و أكتفي من ذلك بهذين الموقفين؛ إذ في تضاعيف ذكرهما عظةٌ وعبرة:
1 ـ تحدثتْ إحداهن ـ وهي أستاذة جامعية ومطلقة مرتين ـ فقالت: حدثت قصتي مع الظلم قبل سبع سنوات، فبعد طلاقي الثاني قررتُ الزواج بأحد أقاربي الذي كان ينعم بحياة هادئة مع زوجته وأولاده الخمسة، حيث اتفقت مع ابن خالتي ـ الذي كان يحب زوجة هذا الرجل ـ اتفقنا على اتهامها بخيانة زوجها! وبدأنا في إطلاق الشائعات بين الأقارب، ومع مرور الوقت نجحنا، حيث تدهورت حياة الزوجين وانتهت بالطلاق!

وبعد مضي سنة تزوجت المرأةُ ـ التي طلقت بسبب الشائعات ـ برجل آخر ذي منصب، أما الرجل فتزوج امرأة غيري، وبالتالي لم أحصل مع ابن خالتي على هدفنا المنشود، ولكنا حصلنا على نتيجة ظلمنا حيث أصبت بسرطان الدم!
أما ابن خالتي فقد مات حرقاً مع الشاهد الثاني، بسبب التماس كهربائي في الشقة التي كان يقيم فيها، وذلك بعد ثلاث سنوات من القضية.

2 ـ أما القصة الأخرى: فيرويها شخص اسمه (حمد): عندما كنت طالباً في المرحلة الثانوية حدثت مشاجرة بيني وبين أحد الطلاب المتفوقين، فقررت ـ بعد تلك المشاجرة ـ أن أدمر مستقبله، فحضرت ذات يوم مبكراً إلى المدرسة، ومعي مجموعة من سجائر الحشيش ـ التي كنا نتعاطاها ـ ووضعتها في حقيبة ذلك الطالب، ثم طلبت من احد أصدقائي إبلاغ الشرطة بأن في المدرسة مروجَ مخدرات، وبالفعل تمت الخطة بنجاح، وكنا نحن الشهود الذين نستخدم المخدرات.

يقول حمد هذا: ومنذ ذلك اليوم وأنا أعاني نتيجة الظلم الذي صنعته بيدي، فقبل سنتين تعرضت لحادث سيارة فقدت بسببه يدي اليمُنى، وقد ذهبت للطالب في منزله أطلب منه السماح، ولكنه رفض لأنني تسببت في تشويه سمعته بين أقاربه حتى صار شخصاً منبوذاً من الجميع، وأخبرني بأنه يدعو عليّ كل ليلة؛ لأنه خسر كل شيء بسبب تلك الفضيحة، ولأن دعوة المظلوم ليس بينها وبين الله حجاب فقد استجاب الله دعوته، فها أنا بالإضافة إلى يدي المفقودة أصبحت مقعداً على كرسي متحرك نتيجة حادث آخر! ومع أني أعيش حياة تعيسة، فإني أخاف من الموت لأني أخشى عقوبة رب العباد(5).

ومن صور تطبيقات هذه القاعدة في عصرنا:
ما يقع من بعض الكُتاب والصحفيين، الذين يعمي بعضَهم الحرصُ على السبق الصحفي عن تحري الحقيقة، والتثبت من الخبر الذي يورده،
 وقد يكون متعلقاً بأمور حساسة تطال العرض والشرف،
وليتدبروا جيداًً، هذه القاعدة القرآنية المحكمة: {وَقَدْ خَابَ مَنِ افْتَرَى}،
 والقاعدة المحكمة في باب الأخبار: {فتبينوا أن تصيبوا قوماً بجهالة}.
و مع الختام أهمس بقول القائل:

الصدق في أقوالنا أقوى لنا *** والكذب في أفعالنا أفعى لنا



المراجع :
(1) مفردات الراغب: (634).
(2) الصواعق المرسلة - (4 / 1212).
(3) إعلام الموقعين عن رب العالمين - (1 / 39).
(4) المصدر السابق.
(5) نشرت هذه القصص في مقال للكاتب محمد بن عبدالله المنصور، بعنوان: (رسالة بلا عنوان!) في جريدة اليوم الإلكترونية، عدد (11854)، الأثنين 26/10/1426هـ، الموافق: 28/11/2005 م.

منقول من إيميلات جروب زي العسل
الأخت الملكة نور

السبت، 5 سبتمبر 2015

❤ كلمات في فقه الأسباب والإمكانات❤



❤ كلمات في فقه الأسباب والإمكانات❤

المواقف الكثيرة المثبتة في القرآن الكريم عن قوم موسى عليه السلام وما قابلوه به من العصيان، تخيل إليك في بعض الآونة أن لا خير في القوم أبداً، والحق أن الخير فيهم كان موجوداً لكنه قليل بالنسبة للأغلبية، بل كان في قوم موسى أمة يهدون بالحق وبه يعدلون،
كما قال الله تعالى: {وَمِنْ قَوْمِ مُوسَى أُمَّةٌ يَهْدُونَ بِالْحَقِّ وَبِهِ يَعْدِلُونَ} [الأعراف: 159]،
 والظاهر أن هؤلاء كانوا قلة في زمن موسى وكانوا مستضعفين بين جمهور القوم، ولهذا لم تكن كلمتهم تسمع في الأحداث، كما لم تسمع كلمة هارون في العجل، ومن هذه الأمة الرجلين المذكورين فهم من قوم موسى على الصحيح من أقوال المفسرين، وقد قاما واعظين مع موسى مذكرين بني إسرائيل بما أخبر الله:
 {قَالَ رَجُلانِ مِنَ الَّذِينَ يَخَافُونَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيهِمَا ادْخُلُوا عَلَيْهِمُ الْبَابَ فَإِذَا دَخَلْتُمُوهُ فَإِنَّكُمْ غَالِبُونَ وَعَلَى اللَّهِ فَتَوَكَّلُوا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ} [المائدة: 23]،
ومن المؤمنين كذلك في قوم موسى فتاه وهو يوشع بن نون على قول جمهور المفسرين، ومع وجود مثل هذه الطائفة المباركة، كان عناد جمهور القوم ومعارضتهم رسل الله وأمره عظيماً، حتى قارف القوم ما قارفوا وأنبياء الله بين أظهرهم يحاولون ثنيهم، يعظون ويذكرون وينذرون ولكن لا حياة لمن تنادي! 
وفي هذا دروس منها:
-1- على العصابة المؤمنة وإن كانت قلة أن تجتهد طاقتها في إصلاح الجمهور، والأخذ على أيديهم وقيادهم نحو ما يرضي ربهم، وهذا دأب أنبياء الله ورسله، عليهم السلام، وتلك هي سنتهم.


-2- إذا فعل المؤمنون ما في وسعهم وبذلوا طاقتهم ولم يُستجب لهم بل نزلت العقوبة على أقوامهم فعليهم ألا ييأسوا ولا يحزنوا، وما فاتهم من الأجر والمغنم المتمثل في هداية الناس مدخر لهم عند ربهم إن صحت النيات، وانظر كيف عقب الله على خبر قوم موسى لمّا امتنعوا من دخول القرية وجابهوه بتلك المقالات القبيحة،
 قال سبحانه وتعالى: {قَالَ فَإِنَّهَا مُحَرَّمَةٌ عَلَيْهِمْ أَرْبَعِينَ سَنَةً يَتِيهُونَ فِي الْأَرْضِ فَلا تَأْسَ عَلَى الْقَوْمِ الْفَاسِقِينَ} [المائدة: 26].


-3- من الدروس المهمة الحساسة التي لابد من التعرض لها هنا ضرورة التفريق بين موسى وهارون والرجلين ومن معهما من المؤمنين، وبين بقية قوم موسى المرجفين الممتنعين عن الأمر الرافضين لدخول القرية.. مع أنه من المعلوم أن القرية لم يدخلها أحدٌ، لا موسى ومن معه من المؤمنين الصادقين، ولا القوم الفاسقون الممتنعون، فعندما أحجم هؤلاء وقالوا لموسى: (اذهب أنت وربك فقاتلا إنا ههنا قاعدون)، لم يذهب موسى ومن معه من الصادقين مقاتلين فاتحين للقرية، مع أن موسى قال لقومه: (يا قوم ادخلوا الأرض المقدسة التي كتب الله لكم)، فبين أن الله كتب الأرض لهم، وأقر قول الرجلين: (ادخلوا عليهم الباب فإذا دخلتموه فإنكم غالبون)، وذلك أن الجبارين فيما ذكر المفسرون قد ألقى الله الرعب في قلوبهم من قوم موسى، وهذا يدلك على أن الأخذ بالأسباب لابد منه، ولهذا لم يكتب الله الأرض المقدسة لهم بغير دخولهم على الجبارين، ومن جملة ما يدلك على وجوب الأخذ بالأسباب الممكنة لا الحالة المتوفرة ترك موسى ومن معه من المؤمنين القلة للدخول بعد خذلان الجمهور لهم، وهذا يبين لنا أن من يقحمون العصابة المؤمنة القليلة في مواجهات لم يكتمل لهم الأخذ بأسبابها الممكنة ما أصابوا، كما أنه يدلك على أن الأمة التي تترك واجباتها وتنبذ أمر الله لها، ليست جديرة بالنصر والتمكين، وحري بها أن تتيه وأن تضل، وأن النصر إنما يأتي بعد أن تتأهل الأمة له، فتكون جديرة به.


وهذا درس عظيم تحتاج الأمة إلى فهمه على وجهه، وحتى لا تبعد بعض العقول عن فهم المراد أقول الناس ثلاثة:

- فمن الناس من يُقْحِمُ الأمَّةَ في مواجهات لم يُعِدَّ لها الإعداد المشروع وهذا هو محل الذم.
- ومن الناس من يُقْحَم هو في مواجهة لم يُعِدَّ لها يراد بها استئصاله واستئصال العصابة المؤمنة، فحري بمثل هذا أن يقاوم ويجاهد لأنه في موقع الدفاع عن نفسه وماله ودينه, ومثل هذا محمود على جهاده ومقاومته غير مذموم، وقد مضت سنة الله بنصرة المستضعفين، وإدارة الدائرة على الباغين الظالمين.
- وقسم ثالث أخير، يتحمل عنت المجاهدة في خاصة نفسه مع ضعف إمكاناته وإن أصابه ما أصابه، ولكنه لا يعنت غيره، ولا يسبب لهم الأذى الذي لم يكلفهم الله التعرض له، ولا يتسبب في مفسدة أعظم من المصلحة التي قصد تحقيقها فهذا صنيعه محل اجتهاد يُعَيِّن الأصوب فيه رد الأمر إلى الموازنة بين المصالح والمفاسد المعتبرة شرعاً، وكثير من هذا محل اجتهاد لا ينبغي التثريب على المخالف فيه، والله يتجاوز عن الخطأ إن صحت النيات بل قد يعظم أجر المجتهد، وإياه نسأل أن يلهم العاملين للإسلام الحادبين عليه الصواب.

• بقلم : الشيخ الدكتور . ناصر العمر

الأربعاء، 2 سبتمبر 2015

ما هو ثمن الحب في الله ؟ هل أحد منكم يعرف الثمن ؟؟؟



مناقشة علمية في مجلس الألباني رحمه الله

 سائل: الذي يحب في الله هل يجب أن يقول له أحبك في الله ؟
الشيخ الألباني: نعم ولكن الحب في الله له ثمن باهظ قَـلّ من يدفعه
أتدرون ما هو ثمن الحب في الله ؟
هل أحد منكم يعرف الثمن ؟؟؟
من يعرف يعطينا الجواب ...

أحد الحضور :
يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم:

( سبعة يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله...  )

منهم

( رجلان تحابا في الله...اجتمعا على ذلك... وافترقا على ذلك )

 الشيخ الألباني:
هذ كلام صحيح في نفسه ولكن ليس جواباً للسؤال هذا تعريف للحب
 في الله تقريباً  وليس بتعريف كامل أنا سؤالي ما الثمن الذي ينبغي أن
يدفعه المتحابان في الله أحدهما للآخر ولا أعني الأجر الأخروي

 أريد أن أقول من السؤال:
 ما هو الدليل العملي على الحب في الله بين اثنين متحابين ؟؟؟
فقد يكون رجلان متحابان ولكن تحاببهما شكلي وما هو حقيقي فما الدليل
على الحب الحقيقي؟ أحد الحضور :

( أن يحب لأخيه ما يحبه لنفسه )

الشيخ الألباني: هذا صفة الحب أو بعض صفات الحب أحد الحضور :

قال تعالى:
{ قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ }
" [ آل عمران:٣١]

الشيخ الألباني:
هذا جواب صحيح لسؤال آخر أحد الحضور :الجواب قد يكون في
 الحديث الصحيح...

( ثلاث من كن فيه وجد فيها حلاوة الإيمان )

 من ضمنه الذين تحابا في الله الشيخ الألباني هذا أثر المحبة في الله
ما هو؟ حلاوة يجدها في قلبه. أحد الحضور : قال تعالى :

{ وَالْعَصْرِ (1) إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ (2)
إِلَّا الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ (3) }

الشيخ الألباني: أحسنت هذا هو الجواب  وشرح هذا: إذا كنتُ أنا أحبك
 في الله فعلاً  تابعتك بالنصيحة كذلك أنت تقابلني بالمثل ولذلك. فهذه
المتابعة في النصيحة قليلة جداً بين المدعين الحب في الله الحب هذا قد
يكون فيه شيء من الإخلاص ولكن ما هو كامل وذلك لأن كل واحد منا
يراعي الآخر بيخاف يزعل بيخاف يشرد إلى آخره ومن هنا الحب في الله
ثمنه أن يخلص كل منا للآخر وذلك بالمناصحة  يأمره بالمعروف وينهاه
عن المنكر دائماً وأبداً فهو له في نصحه أتبع له من ظله ولذلك صح أنه
كان من دأب الصحابة حينما يتفرقون... أن يقرأ أحدهما على الآخر

{ وَالْعَصْرِ (1)إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ (2)
إِلَّا الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ (3) }

المصدر:
الحاوي من فتاوى الألباني.