الثلاثاء، 8 يوليو 2014

فضائل شهر رمضان وما ينبغي فيه


فضائل شهر رمضان وما ينبغي فيه

الحمد لله أهل علينا شهر الصيام، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه، كانوا يفرحون بحلول شهر الصيام والقيام، أما بعد:

فإن الله سبحانه وتعالى اختص شهر رمضان من بين الشهور بفضائل عديدة، وميزه بميزات كثيرة، قال تعالى:
{شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن هدى للناس وبينات من الهدى والفرقان فمن شهد منكم الشهر فليصمه ومن كان مريضا أو على سفر فعدة من أيام أخر} [البقرة 185].

ففي هذه الآية الكريمة ذكر الله لشهر رمضان ميزتين عظيمتين:

الميزة الأولى: إنزال القرآن فيه، لأجل هداية الناس من الظلمات إلى النور وتبصيرهم بالحق من الباطل بهذا الكتاب العظيم، المتضمن لما فيه صلاح البشرية وفلاحها، وسعادتها في الدنيا والآخرة.

الميزة الثانية: إيجاب صيامه على الأمة المحمدية حيث أمر الله بذلك في قوله: {فمن شهد منكم الشهر فليصمه}
[البقرة 185].

وصيام رمضان هو أحد أركان الإسلام، وفرض من فروض الله معلوم من الدين بالضرورة وإجماع المسلمين، من أنكره فقد كفر، فمن كان حاضرا صحيحا وجب عليه صوم الشهر أداء، كما قال الله تعالى:
{فمن شهد منكم الشهر فليصمه} [البقرة 185]
فتبين أنه لا مناص من صيام الشهر، إما أداء وإما قضاء، إلا في حق الهرم الكبير، والمريض المزمن ـ اللذين لا يستطيعان الصيام قضاء ولا أداء فلهما حكم آخر سيأتي بيانه إن شاء الله.

ومن فضائل هذا الشهر ما بينه النبي صلى الله عليه وسلم في الأحاديث الصحيحة كما جاء في الصحيحين عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إذا جاء رمضان فُتحت أبواب الجنة وغُلّقت أبواب النار وصُفدت الشياطين" [أخرجه البخاري 1898، 1899، ومسلم 1079].

فدل هذا الحديث على مزايا عظيمة لهذا الشهر المبارك:

الأولى: أنه تفتح فيه أبواب الجنة، وذلك لكثرة الأعمال الصالحة التي تشرع فيه، والتي تسبب دخول الجنة، كما قال تعالى: {ادخلوا الجنة بما كنتم تعملون} [النحل 32].

الثانية: إغلاق أبواب النار في هذا الشهر، وذلك لقلة المعاصي التي تسبب دخولها، كما قال تعالى:
{فأما من طغى * وآثر الحياة الدنيا * فإن الجحيم هي المأوى} [النازعات 37 ـ 39 ]
وقال تعالى: {ومن يعص الله ورسوله فإن له نار جهنم خالدين فيها أبدا} [الجن: 23].

الثالثة: أنه تصفد فيه الشياطين، أي تغل وتوثق، فلا تستطيع إغواء المسلمين وإغراءهم بالمعاصي، وصرفهم عن العمل الصالح، كما كانت تفعل في غير هذا الشهر، ومنعها في هذا الشهر المبارك من مزاولة هذا العمل الخبيث إنما هو رحمة بالمسلمين لتتاح لهم الفرصة لفعل الخيرات وتكفير السيئات.

ومن فضائل هذا الشهر المبارك أنه تضاعف فيه الحسنات، فروي أن النافلة تعدل فيه أجر الفريضة، والفريضة تعدل فيه أجر سبعين فريضة، ومن فطر فيه صائما كان مغفرة لذنوبه وعتق رقبته من النار، وكان له مثل أجر ذلك الصائم من غير أن ينقص من أجره شيء، وكل هذه خيرات وبركات ونفحات تحل على المسلمين بحلول هذا الشهر المبارك، فينبغي للمسلم أن يستقبل هذا الشهر بالفرح والغبطة والسرور ويحمد الله على بلوغه ويسأله الإعانة على صيامه وتقديم الأعمال الصالحة فيه، إنه شهر عظيم، وموسم كريم، ووافد مبارك على الأمة الإسلامية، نسأل الله أن يمنحنا من بركاته ونفحاته.. إنه سميع مجيب، والحمد لله رب العالمين.
حديث
  عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، " أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، قَالَ : الصِّيَامُ جُنَّةٌ ، فَلَا يَرْفُثْ ، وَلَا يَجْهَلْ ، وَإِنِ امْرُؤٌ قَاتَلَهُ أَوْ شَاتَمَهُ ، فَلْيَقُلْ : إِنِّي صَائِمٌ مَرَّتَيْنِ ، وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَخُلُوفُ فَمِ الصَّائِمِ أَطْيَبُ عِنْدَ اللَّهِ تَعَالَى مِنْ رِيحِ الْمِسْكِ ،
يَتْرُكُ طَعَامَهُ ، وَشَرَابَهُ ، وَشَهْوَتَهُ مِنْ أَجْلِي الصِّيَامُ لِي ، وَأَنَا أَجْزِي بِهِ وَالْحَسَنَةُ بِعَشْرِ أَمْثَالِهَا " . رواه البخاري

Image removed by sender. http://www.up9or.com/up8/13665407701.gif
قطوف
قال ابن رجب: كانوا يقولون:
إذا حضر شهر رمضان فانبسطوا فيه بالنفقة، فإن النفقة فيه مضاعفة كالنفقة في سبيل الله، وتسبيحة فيه أفضل من ألف تسبيحة في غيره.

Image removed by sender. http://www.up9or.com/up8/13665407701.gif
ذكرى
حكي عن عبد الواحد بن زيد قال: كنت في مركب فطرحتنا الريح إلى جزيرة وإذا فيها رجل يعبد صنما فقلنا له: يا رجل! من تعبد؟ فأومأ إلى الصنم
فقلنا: إن معنا في المركب من يسوى مثل هذا وليس هذا إله يعبد قال: فأنتم لمن تعبدون؟
قلنا: الله قال: وما الله قلنا: الذي في السماء عرشه وفي الأرض سلطانه وفي الأحياء والأموات قضاؤه فقال: كيف علمتم له؟
قلنا: وجه إلينا هذا الملك رسولا كريما فأخبر بذلك قال: فما فعل الرسول؟
قلنا: أدى الرسالة ثم قبضه الله قال: فما ترك عندكم علامة؟
قلنا: بلى ترك عندنا كتاب الملك فقال: أروني كتاب الملك فينبغي أن تكون كتب الملوك حسانا فأتيناه بالمصحف
فقال: ما أعرف هذا فقرأنا عليه سورة من القرآن فلم نزل نقرأ ويبكي حتى ختمنا السورة
فقال: ينبغي لصاحب هذا الكلام أن لا يعصى! ثم أسلم وحملناه معنا وعلمناه شرائع الإسلام وسورا من القرآن وكنا حين جننا الليل وصلينا العشاء وأخذنا مضاجعنا
قال: لنا يا قوم! هذا الإله الذي دللتموني عليه إذا جنه الليل ينام؟
قلنا: لا يا عبد الله! هو عظيم قيوم لا ينام قال: بئس العبيد أنتم تنامون ومولاكم لا ينام؟
فأعجبنا كلامه فلما قدمنا عبادان قلت لأصحابي: هذا قريب عهد بالإسلام فجمعنا له دراهم وأعطيناه فقال: ما هذا؟
قلنا تنفقها فقال: لا إله إلا الله! دللتموني على طريق سلكتموها أنا كنت في جزائر البحر أعبد صنما من دونه
ولم يضيعني يضيعني وأنا أعرفه؟!
فلما كان بعد أيام قيل لي: إنه في الموت فأتيته فقلت له: هل من حاجة فقال: قضى حوائجي من جاء بكم إلى جزيرتي
قال: عبد الواحد فحملتني عيني فنمت عنده فرأيت مقابر عبادان روضة وفيها قبة وفي القبة سرير عليه جارية لم ير أحسن منها
فقالت: سألتك بالله إلا ما عجلت به فقد اشتد شوقي إليه فانتبهت وإذا به قد فارق الدنيا فقمت إليه فغسلته وكفنته وواريته
فلما جن الليل نمت فرأيته في القبة مع الجارية وهو يقرأ:

" والملائكة يدخلون عليهم من كل باب سلام عليكم بما صبرتم فنعم عقبى الدار " الرعد: " . 
خاطرة
عِبَادَةُ الصَّوْمِ 
فَالصَّوْمُ حِرْمَانٌ مَشْرُوعٌ ، وَتَأْدِيْبٌ بِالجُوْعِ ، وَامْتِثَالٌ للهِ وَخُضُوعٌ ؛ فَضَائِلُهُ جَمَّةٌ ، وَخَيْرَاتُهُ مُلِمَّةٌ ، وَيَا بُشْرَاهُ لِكُلٍّ أُسْرَةٍ مُؤْمِنَةٍ 
فَأَكْرِمْ بِعِبَادَةٍ اخْتَصَّ الرَّحْمَنُ بِثَوَابِهَا : (( كُلُّ عَمَلِ ابْنِ آدَمَ لَهُ إِلا الصَّوْمَ ؛ فَإِنَّهُ لِي وَأَنَا أَجْزِي بِهِ )) 
وَأَنْعِمْ بِرَائِحَةٍ هِيَ أَطْيَبُ عِنْدَ اللهِ مِنْ كُلِّ رَائِحَةٍ : (( وَلَخُلُوفُ فَمِ الصَّائِمِ أَطْيَبُ عِنْدَ اللَّهِ مِنْ رِيحِ المِسْكِ )) 
قَالَ مَكُحُولٌ رَحِمهُ اللهُ : (( يَرُوحُ أَهْلُ الجَنَّةِ ؛ فَيَقُولُونَ : رَبَّـنَا ، مَا وَجَدْنَا رِيْحَاً مُنذُ دَخَلْنَا الجَنـَّةَ أَطْيَبُ مِنْ هَذِهِ الرِّيح .
فَيقُالُ : هَذِهِ رَائِحَةُ أَفوَاهُ الصُّوَّامِ )) (( لطائف المعارف )) لابن رجب ( 301) 
إِيْهِ أَيُّهَا الصِّائِمُ ؛ فَادْعُ ؛ فَـ (( ثَلاَثُ دَعَوَاتٍ مُسْتَجَابَاتٍ ؛ دَعْوَةُ الصَّائِمِ )) 
لَكَ ، وَلأَحْبَابِكَ ، وَلا تَنْسَ إِخْوَانَكَ المُجَاهِدِيْنَ ، وَالمُسْتَضْعَفِيْنَ ، وَأهلَ البَلاءِ . 
وَأَرْوَعُ مِنْ ذَاكَ ؛ أَنَّ صِيَامَكَ ؛ جُنَّةٌ تَتَّقِي بِهِ فَيْحَ جَهَنَّمَ ، (( إِنَّمَا الصِّيَامُ جُنَّةٌ يَسْتَجِنُّ بِهَا العَبْدُ مِنْ النَّارِ )) 
لَكَ اللهُ أَيَّها البَيْتُ المُسْلِمُ ؛ فَأَعْظِمْ بِصَوْمِكَ شَفِيْعَاً ؛ فـَ (( الصِّيَامُ وَالقُرْآنُ يَشْفَعَانِ لِلْعِبَادِ يَوْمَ القِيَامَةِ ، يَقُولُ الصِّيَامُ : رِبِّ إِنِّي مَنَعْتُهُ الطَّعَامَ ، وَالشَّرابَ بِالنَّهَارَ ؛ فَشَفِّعْنِي فِيهِ )) فَيَشْفَعُ . 
فَأَيْنَكِ أَيَّتُهَا الأُسْرَةُ المُسْلِمَةُ مِنْ هَذِهِ الفَضَائِلِ ، أَتَقْعُدِي عِنْهَا ؟ 
فَشَمِّرِي عَنْ سَاعِدِ الجِدِّ .
فَطُوْبَى لِلعَابِدِيْنَ

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق