السبت، 31 يناير 2015

صفات المسلمة التقية -- ثمانية أسباب تعين المسلمة على تقوى الله


صفات المسلمة التقية
لابد أن يكون هناك فرق ظاهر بين المسلمة التقية الصادقة، والمسلمة التي تدعي التقوى ولا تسلكها، أو تسلك الطريق الخاطئ، لذا كان ولابد من أن تُجْلَى الصفات الحقيقية للمسلمة التقية، ولعل أهمها:
1ـ حب الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم، 
وهذا الحب يحملها على وجوب الطاعة المطلقة لله ولرسوله صلى الله عليه وسلم.
قال ابن القيم رحمه الله[1]: "فالمحبة شجرة في القلب، عروقها الذل للمحبوب، وساقها معرفته، وأغصانها خشيته، وورقها الحياء منه، وثمرتها طاعته، ومادتها التي تسقيه ذكره، فمتى خلا الحبُّ عن شيء من ذلك كان ناقصًا".
وعلى ذلك فإن استقرت محبة الله عز وجل ومحبة رسوله صلى الله عليه وسلم في قلب المسلمة حملها ذلك على:
1ـ الحرص على تدبر تلاوة القرآن.
2ـ الإكثار من النوافل من صيام وصلاة وصدقة ونحو ذلك.
3ـ كثرة ذكر الله عز وجل بالقلب واللسان.
4ـ إفراد النبي صلى الله عليه وسلم بالاتباع.
5ـ عدم تقديم قول أي شخص على قول الله وقول رسوله صلى الله عليه وسلم.
6ـ مجالسة أهل الطاعة من النساء الصالحات الدَّيِّنات.
7ـ تذكر الموت والاتعاظ به.
8ـ الاعتزاز بشرائع الإسلام، حتى وإن كانت تخالف هواها.
2ـ مراقبة الله عز وجل:
فإن المسلمة حين تغفل عن مراقبة الله عز وجل لها واطلاعه عليها، يحملها ذلك على اقتحام حرمات الله فتعصيه ولا تبالي، أما المسلمة التقية فهي تستشعر مراقبة الله عز وجل فتستحي من مخالفته، وتطهر ظاهرها وباطنها مما يغضب الله عز وجل، فعن ابن مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "استحيوا من الله تعالى حق الحياء، فليحفظ الرأس وما وعى، وليحفظ البطن وما حوى، وليذكر الموت والبلا، ومن أراد الآخرة ترك زينة الحياة الدنيا، فمن فعل فقد استحيا من الله حق الحياء"[2].
قال البيضاوي رحمه الله: "ليس حق الحياء من الله ما تحسبونه، بل أن يحفظ نفسه بجميع جوارحه عما لا يرضاه من فعل وقول".
وقال الحارث المحاسبي: "المراقبة علم القلب بقرب الرب"
وكان الإمام أحمد ينشد:
إذا ما خلوت الدهر يومًا فلا تقـل *** خلوت ولكن قل عليَّ رقيـب
ولا تحسبــن الله يغفـــل ســاعــة *** ولا أنَّ ما يخفى عليه يغيب 
فأي مراقبة هذه لمن باعت نفسها بأبخس الأثمنا؟!
وأي مراقبة هذه لمن تبرجت وتعرت وعصت الواحد القهار؟!
وأي مراقبة هذه لمن لا تتقي الله في لسانها؟
وأي مراقبة هذه لمن لم تشغل لسانها بذكر الله تعالى وتلاوة القرآن؟
وأي مراقبة هذه لمن تعيش لدنياها وتغفل عن آخرتها؟!
وأي مراقبة هذه لمن لا تتقي الله تعالى في زوجها وأولادها؟!
3ـ مجاهدة نفسها ومغالبة هواها:
فالمسلمة التقية دائمًا في صراع مع نفسها وهواها، تجاهدهما وتغالبهما بطاعة الله تعالى والتقرب منه والأنس به، فهي دائمًا تحاسب نفسها، فإن وجدت تقصيرًا ـ ولابد ـ لامتها لومًا شديدًا ووبختها وعصمتها بطاعة الله تعالى، فإن بقيت على ذلك فإن نفسها ستصغو وتزكو، وسيصبح هواها مقيدًا دائمًا بالشرع، أما من تترك العنان لنفسها وهواها ليقوداها، هلكت وأضاعت نفسها وخسرت خسرانًا مبينًا.
قال الشيخ مصطفى السباعي رحمه الله: "إذا همَّت نفسك بالمعصية فذكِّرها بالله، فإذا لم ترجع فذكِّرها بأخلاق الرجال، فإذا لم ترجع فذكِّرها بالفضيحة إذا علم بها الناس، فإذا لم ترجع فاعلم أنك تلك الساعة انقلبت إلى حيوان"[3].
وقد أخبر الله عز وجل أن اتباع الهوى يضل عن سبيله فقال تعالى: {يَا دَاوُدُ إِنَّا جَعَلْنَاكَ خَلِيفَةً فِي الْأَرْضِ فَاحْكُمْ بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ وَلا تَتَّبِعِ الْهَوَى فَيُضِلَّكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ[ص:26].
وقد حكم الله تعالى لتابع هواه بغير هدى من الله أنه من أظلم الظالمين فقال تعالى: {فَإِنْ لَمْ يَسْتَجِيبُوا لَكَ فَاعْلَمْ أَنَّمَا يَتَّبِعُونَ أَهْوَاءَهُمْ وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنِ اتَّبَعَ هَوَاهُ بِغَيْرِ هُدىً مِنَ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ[القصص:50].
4ـ عدم اتباع خطوات الشيطان:
وذلك يتم بمعرفة مكائده ومصائده، والحذر من وساوسه ودسائسه، فيجب على المسلمة ابتداءً أن تعلم أن الشيطان عدوٌ لبني آدم، فلا يمكن أن يأمرها بخير أو ينهاها عن شر، قال تعالى: {إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوّاً إِنَّمَا يَدْعُو حِزْبَهُ لِيَكُونُوا مِنْ أَصْحَابِ السَّعِيرِ[فاطر:6].
وصور مكائد ودسائس الشيطان كثيرة، ولنضرب مثالاً يوضح ذلك:
يأتي الشيطان ـ لعنه الله ـ إلى المسلمة يحذرها من الحجاب، وأنه تزمت وتشدد في الدين، فكم من محجبة لها تصرفات وسلوكيات غير سوية، وعلى ذلك فالمهم الأخلاق.
فإن وجد عندها إصرارًا على الحجاب، كرَّه إليها الحجاب الشرعي وزين لها الحجاب المتبرج، حتى تظن المسكينة أنها إذا ما ارتدت شيئًا على شعرها فقد تحجبت حتى لو ظهر شيء آخر من عورتها، حتى إذا وصل الحال بها إلى هذا الحد المزري، زين لها معاصي أخرى وأنه لا تعارض بين هذه المعاصي والحجاب، فلها أن تتخذ صديقًا، وأن تذهب إلى أماكن المنكر لمشاهدة أفلام أو مسرحيات وهكذا. حتى إذا استطاع أن يوقعها في الزنا لأوقعها وهي لا تزال تضع غطاءً على رأسها!!
لذا فإنه يجب على المسلمة أن تعرف ما تستعين به على الشيطان حتى تحفظ نفسها من شِركه وحبائله وهو:
1ـ الاستعاذة بالله منه، قال تعالى: {وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ[فصلت:36].
2ـ قراءة المعوذات.
3ـ قراءة آية الكرسي عند النوم.
4ـ قراءة سورة البقرة لقوله صلى الله عليه وسلم: "إن الشيطان يفر من البيت الذي تقرأ فيه سورة البقرة"[4].
5ـ قراءة الآيتين من آخر سورة البقرة كل ليلة.
6ـ قول: "لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، وهو على كل شيء قدير" مائة مرة كل يوم، تكن لقائلها حرزًا من الشيطان يومه ذلك حتى يمسي.
7ـ كثرة ذكر الله عز وجل.
8ـ الوضوء والصلاة.
9ـ إمساك فضول النظر والكلام والطعام ومخالطة الناس، فإن الشيطان إنما يتسلط على ابن آدم وينال منه غرضه من هذه الأبواب الأربعة.
5ـ تعظيم شعائر الله عز وجل، قال تعال: {ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ[الحج:32].
والشعائر جمع شعيرة: وهي كل شيء لله تعالى فيه أمر أشعر به وأعلم، كما قال القرطبي رحمه الله.
فالمسلمة التقية هي التي تعظم طاعة الله وأمره، فيدفعه ذلك إلى طاعته طاعة مطلقة، طاعة الذل والخضوع والحب للواحد القهار، وتعظم كذلك ما نهى الله عنه، فيمنعها ذلك عن معصيته، وصدق من قال: "أعزوا دين الله يعزكم الله".
فالمسلمة المتمسكة بصلاتها وحجابها، الحافظة للسانها وعورتها، إنما هي في حقيقة الأمر معظمة لشعائر الله.
ألا فلتتب كل مستهترة إلى ربها، ولتبادر بالعمل الصالح قبل فوات الأوان.

[1] روضة المحبين ص409.
[2] رواه الترمذي والحاكم وقال: صحيح الإسناد، ووافقه الذهبي، وحسنه الألباني، صحيح الجامع 935، المشكاة 1608.
[3] علمتني الحياة ص32
[4] رواه مسلم



ثمانية أسباب تعين المسلمة على تقوى الله
إنَّ المسلمة لن تتقي الله تعالى وتصل إلى درجة التقوى الحقيقية إلا بعد أن تتخذ من الوسائل والأسباب ما يوصلها إلى ذلك، ولعل أهم ما يعين المسلمة على ذلك:
1ـ تحقيق العبودية لله تعالى:
فالعبادة هي الطريق المؤدي إلى بلوغ درجات التقوى، وقد خلق الله الخلق لتحقيق هذه الغاية وتلك الوظيفة، فقال تعالى: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْأِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ[الذاريات:56]، وقال أيضًا: {وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولاً أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ[النحل:36]. والعبادة بمعناها العام تشمل جميع أعمال المرء الإرادية؛ قلبية كانت أو سلوكية، ويمكن تعريفها بأنها: عمل العبد الإرادي الموافق لطلب المعبود[1].
وقد عرفها الإمام ابن تيمية رحمه الله بقوله: "العبادة اسم جامع لكل ما يحبه الله ويرضاه من الأقوال والأعمال الظاهرة والباطنة"[2].
"أما العبادة بمعناها الخاص فهي: الأعمال المحددة التي كُلِّف العبد بالقيام بها، وهي ما يعبر عنها بـ"الشعائر التعبدية" كالأركان وغيرها من الفرائض، وهي أعمال مقصورة لتحقيق الطاعة للخالق والتقرب إليه، وإعلان الخضوع الكامل له.
ومن هنا كانت العبادة بمعناها الخاص تحمل معنى الغاية والوسيلة في آن واحد، فهي غاية في حد ذاتها لأنها قربة وطاعة لله وخضوع عملي له، وهي وسيلة من جهة أخرى نظرًا لما تحتويه من تحقيق الخضوع لله تعالى والإشعار به"[3].
إن عبودية المسلمة لله تعالى تتحقق عندما تخضع لشرع الله تعالى، وتنقاد لأحكامه التي أحل بها الحلال وحرَّم الحرام، وفرض الفرائض، وحدَّ الحدود، وتقوم بذلك كله بحب وذل له وحده جلَّ وعلا، بحيث تصبح حياتها كلها مصطبغة بالإسلام، في أقوالها وفي أعمالها الظاهرة والباطنة، وأن يكون ولاؤها لهذا الدين وحده، ويظهر ذلك في سلوكياتها ومنهج حياتها، بحيث تعيش لله وحده، وكل ما في الدنيا يندرج تحت حكم الله تعالى.
2ـ العلم النافع:
ونعني به كل علم يقرب من الله سبحانه وتعالى، ويزيد الخشية منه، ويدفع إلى العمل الصالح.
ولا شك أن طلب العلم من أفضل القربات عند الله تعالى، فيه تصح العبادة التي هي "فرض عين" على كل مسلم ومسلمة، كما أن الاستزادة من العلم تعلي قدر المسلمة عند ربها، وترفع منزلتها.
وقد تظاهرت الأدلة من الكتاب والسنة في بيان شرف العلم وأهله فمنها:
قوله تعالى: {قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ[الزمر: 9].
وقوله تعالى: {يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ[المجادلة:11].
وعند معاوية رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "من يرد الله به خيرًا يفقهه في الدين"[4].
والعلم النافع له من الثمرات العظيمة ما يغرسه في نفس المسلمة من تقوى الله تعالى والخشية منه، بل إن العلم النافع هو الذي يدفع مباشرة إلى تقوى الله تعالى؛ لأنه هو الذي يعرف المسلمة على ربها حق المعرفة، فتخشاه وتهابه، فيدفعها ذلك إلى كل عمل صالح، ويلزم صاحبته بالخلق الفاضل، والأدب الكامل، والاعتصام بالكتاب والسنة، وإخلاص القصد لله سبحانه، وبذلك يثمر ثمراته المرجوة منه.
قال الإمام ابن رجب الحنبلي رحمه الله:"من فاته هذا العلم النافع وقع في الأربع التي استعاذ منها النبي صلى الله عليه وسلم[5]، وصار علمه وبالاً وحجة عليه، فلم ينتفع به لأنه لم يخشع قلبه لربه، ولم تشبع نفسه من الدنيا، بل ازداد عليها حرصًا ولها طلبًا ولم يُسمع دُعاؤه ـ لعدم امتثاله لأوامر ربه، وعدم اجتنابه لما يسخطه ويكرهه"[6].
3ـ العمل الصالح:
يقول الإمام ابن القيم رحمه الله: "كمال الإنسان إنما هو بالعلم النافع والعمل الصالح وهما الهدى ودين الحق"[7].
لذلك فإن الترابط بين العلم والعمل وثيق جدًا، فلا يتصور وجود علم بلا عمل، أو عمل بدون علم.
والعمل الصالح هو الذي يمد المسلمة بالهمة على مجاهدة نفسها والارتقاء في منازل التقوى والقرب من الله تعالى، وكلما ازداد تمسكها بالفرائض ومسارعتها إلى النوافل كان ذلك زادًا لها على تحقيق التقوى، أما إذا تركت بعض الطاعات أو تكاسلت عن بعض النوافل؛ فإن زادها سيضعف، وجوادها سيتعثر.
ولذلك أرشدنا النبي صلى الله عليه وسلم أن القليل الدائم من العمل خير من الكثير المنقطع فقال: "أحب الأعمال إلى الله أدومها وإن قل"[8].
قال الإمام النووي في بيانه لما يشرد إليه هذا الحديث: "فيه الحث على المداومة على العمل، وأن قليله الدائم خير من كثير ينقطع. وإنما كان القليل الدائم خيرًا من الكثير المنقطع؛ لأن بدوام القليل تدوم الطاعة والذكر والمراقبة والنية والإخلاص، والإقبال على الخالق سبحانه وتعالى، ويثمر القليل الدائم بحيث يزيد على الكثير المنقطع أضعافًا كثيرة"[9].
4ـ محاسبة النفس:
فالمسلمة ينبغي لها أن تقف مع نفسها وقفة حساب وعتاب كي تأمن من شرها وتتحكم في قيادها، وقد جاءت الآيات والأحاديث مبينة أهمية المحاسبة، فمنها:
قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ[الحشر:18].
وقوله تعالى: {لا أُقْسِمُ بِيَوْمِ الْقِيَامَةِ. وَلا أُقْسِمُ بِالنَّفْسِ اللَّوَّامَةِ[القيامة:1-2].
قال مجاهد: اللوامة هي التي تندم على ما فات وتلوم نفسها.
وقال صلى الله عليه وسلم: "الكَيِّسُ من دان نفسه وعمل لما بعد الموت، والعاجز من أتبع نفسه هواها وتمنى على الله الأماني"[10].
قال الإمام الترمذي: معنى دان نفسه أي: حاسبها في الدنيا قبل أن يحاسب يوم القيامة.
ويقول الحسن البصري رحمه الله: "لا تلقى المؤمن إلا يعاتب نفسه، ماذا أردت بكلمتي؟ ماذا أردت بأكلتي؟ ماذا أردت بشربتي؟ والعاجز يمضي قدمًا لا يعاتب نفسه".
ويقول أيضًا رحمه الله: "إن العبد لا يزال بخير ما كان له واعظ من نفسه، وكانت المحاسبة من همته".
5ـ مداومة التوبة والاستغفار:
فإن العبد لا يخلو من ذنب أو معصية؛ وذلك لبشريته، لذا كان واجبًا عليه أن يداوم على التوبة والاستغفار.
قال تعالى: {وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعاً أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ[النور:31].
وقال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَصُوحاً عَسَى رَبُّكُمْ أَنْ يُكَفِّرَ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيُدْخِلَكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ[التحريم:8].
والتوبة النصوح ـ كما يقول الإمام ابن كثير رحمه الله ـ: هي التوبة الصادقة الجازمة التي تمحو ما قبلها من السيئات، وتكفُّه عما كان يتعاطاه من الدناءات، وذلك بأن يقلع عن الذنب في الحاضر، ويندم على ما سلف منه في الماضي، ويعزم أن لا يفعل ذلك في المستقبل[11].
وروى مسلم عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إن الله يبسط يده بالليل ليتوب مسيء النهار، ويبسط يده بالنهار ليتوب مسيء الليل حتى تطلع الشمس من مغربها".
وروى أيضًا عن الأغر المزني ـ رضي الله عنه ـ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "أيها الناس؛ توبوا إلى الله فإني أتوب إليه في اليوم مائة مرة".
فسارعي أيتها المسلمة إلى التوبة، ولا تؤخريها أو تسوفيها، فإن ذلك مهلكة وبُعدٌ لك عن طريق التقوى.
قال ابن القيم رحمه الله: "إن المبادرة إلى التوبة من الذنوب فرض على الفور لا يجوز تأخيرها، فمتى أخرها عصى بالتأخير، فإذا تاب من الذنب بقي عليه توبة أخرى، وهي توبته من تأخير التوبة، وقلَّ أن تخطر هذه ببال التائب، ولا يُنجي من هذا إلا توبة عامة مما يعلم من ذنوبه وما لا يعلم"[12].
6ـ الصبر ومجاهدة النفس:
فلتصبر المسلمة على طاعة الله، وتصبر عن معصيته، وتصبر على ما تتعرض له من بلاء، وهذا الصبر بأنواعه الثلاثة يحتاج منها إلى مجاهدة نفسها.
قال تعالى: {وَجَاهِدُوا فِي اللَّهِ حَقَّ جِهَادِهِ هُوَ اجْتَبَاكُمْ وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ[الحج: 78].
وقال تعالى أيضًا: {وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ[العنكبوت:69].
قال الإمام ابن القيم رحمه الله: "علق سبحانه الهداية بالجهاد، فأكملُ الناس هدايةً أعظمهم جهادًا، وأفرضُ الجهاد جهاد النفس، وجهاد الهوى، وجهاد الشيطان، وجهاد الدنيا. فمن جاهد هذه الأربعة في الله، هداه الله سبل رضاه الموصلة إلى جنته، ومن ترك الجهاد فاته من الهدى بحسب ما عطل من الجهاد"[13].
وقال صلى الله عليه وسلم: "المجاهد من جاهد نفسه في الله عز وجل"[14].
7ـ صحبة الصالحات، والتأمل في سير النساء الصالحات:
فإن ذلك يكسب المسلمة الصلاح والتقوى، ويرقى بها إلى مدارج القرب من الله تعالى، وتتقي بذلك آفات النفس ومكائد الشيطان.
ولذلك أمرنا الله تعالى بصحبة أهل الصدق والتقوى والحرص على مجالستهم، وقال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ[التوبة:119].
وقال تعالى أيضًا: {وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ[الكهف: 28].
وقد أرشدنا النبي صلى الله عليه وسلم في أحاديث كثيرة إلى ضرورة اختيار الجليس الصالح وصحبته، والبعد عن جلساء السوء وترك مصاحبتهم، فمن ذلك:
قوله صلى الله عليه وسلم: "المرء على دين خليله، فلينظر أحدكم من يخالل"[15].
وقوله صلى الله عليه وسلم أيضًا: "إنما مثل الجليس الصالح والجليس السوء، كحامل المسك ونافخ الكير، فحامل المسك إما أن يُحذيك، وإما أن تبتاع منه، وإما أن تجد منه ريحًا طيبة، ونافخ الكير إما أن يحرق ثيابك، وإما أن تجد منه ريحًا خبيثة"[16].
فالصحبة الصالحة كنز لا ينفد، وكلما كان صلاح الأصحاب أكبر ازدادت ثمرات تلك الصحبة؛ وعظمت آثارها في مختلف المجالات.
وبالصحبة يشيع الحب في الله، وتجد المسلمة من تنصحها وتوصيها بالخير وتذكرها بالله.
وبالصحبة تجد المسلمة القدوة الصالحة التي هي الطريق لحسن العاقبة في الآخرة؛ حيث تتأثر بأخلاقهن وسمتهن، وتستفد من علمهن وحديثهن، وتقوى من هِمتها وعزيمتها في الطاعة.
كما ينبغي للمسلمة القراءة في سير النساء الصالحات من الرعيل الأول ومن بعدهن، ولتتأمل أخبارهن، ولتطالع صفحات أعمالهن، فإن في ذلك أكبر دافع للعمل الصالح والتأسي.
8ـ تذكر الموت وأهوال القيامة:
فإن المسلمة التي تذكر الموت دائمًا والنقلة إلى القبر والبعث إلى يوم القيامة فإن ذلك يحررها من أسر الدنيا والشغف بها، كما أنه علاج لكثير من أمراض النفس؛ من الحسد والطمع والأنانية والكبر والغرور، وغير ذلك من أمراض النفس.
كما أن تذكر الموت والقيامة أيضًا يدفعان المسلمة إلى التزام التقوى والعمل الصالح.
يقول الحسن البصري رحمه الله: "حقيقٌ على من عرف أن الموت مورده، والقيامة موعده، والوقوف بين يدي الجبار مشهده، أن تطول في الدنيا حسرته، وفي العمل الصالح رغبته".
وقال أيضًا رحمه الله: "ما أكثر عبدٌ ذكر الموت إلا رأى ذلك في عمله، ولا طال أمل عبد قط إلا أساء العمل".
وكان يقول رحمه الله: "أيها الناس إنا والله ما خُلقنا للفناء ولكن خلقنا للبقاء، وإنما ننتقل من دار إلى دار".

[1] العبادة، د. محمد أبو الفتوح البيانوني ص16.
[2] العبودية ص38.
[3] العبادة للبيانوني.
[4] رواه البخاري.
[5] رواه مسلم.
[6] شرح النووي على صحيح مسلم (6/71)، وانظر: أدب الدين والدنيا للماوردي ص113.
[7] رواه الترمذي وقال: حديث حسن.
[8] رواه مسلم.
[9] شرح النووي على صحيح مسلم (6/71)، وانظر: أدب الدين والدنيا للماوردي ص113.
[10] رواه الترمذي وقال: حديث حسن.
[11] تفسير القرآن العظيم (4/418).
[12] مدارج السالكين (1/272، 273).
[13] الفوائد ص59.    
[14] رواه الترمذي وقال: حسن صحيح، وصححه الألباني في صحيح سنن الترمذي رقم 1322.
[15] رواه أبو داود والترمذي وقال: حديث حسن، وحسنه الألباني في "صحيح سنن الترمذي" برقم 1937.
[16] رواه البخاري ومسلم.

الجمعة، 30 يناير 2015

ما هو الإثبات العلمي على أن القرآن يمكن أن يعالج حتى أكثر الأمراض استعصاءً؟

في عصرٍ كثر فيه المشعوذون والدجالون ومن يدعون القدرة
 على العلاج بالقرآن، لا بد أن نتعامل مع موضوع العلاج بالقرآن
من زاوية علمية،....

ما هو الإثبات العلمي على أن القرآن يمكن أن يعالج
حتى أكثر الأمراض استعصاءً؟
هنالك أناس يعملون في مجال العلاج بالقرآن وقد حصلوا على نتائج طيبة
بسبب إخلاصهم لله تبارك وتعالى فهؤلاء وهم قلة قليلة جداً لا يبتغون
الحياة الدنيا أو الشهرة أو الأجر إنما يريدون وجه الله، فهم يتلون آيات
من القرآن على المرضى ابتغاء وجه الله وببركة هذه القراءة فإن
الله تبارك وتعالى يتمم هذا الشفاء. ولكن هنالك بعض الدجالين يدَّعون
 أنهم يستطيعون أن يعالجوا ويشفوا جميع الأمراض بهدف الكسب المادي
 أو الشهرة أو أهداف دنيوية.

لذلك ينبغي أن نميز بين هؤلاء وهؤلاء وينبغي أن نبني عقيدتنا على
أساس علمي، فلا يجوز لنا لو رأينا هذه المظاهر (الدجل والشعوذة)
 لا يجوز أن ننكر العلاج بالقرآن بشكل كامل، كذلك لا يجوز لنا أن نقبل
بهذا الموضوع بشكل مطلق، إذا جاءنا أي إنسان يقول أنا أعالج بالقرآن
نقبله دون أي تحفظ مثلاً.

ومن هنا لا بد من وضع الأساس العلمي لهذا العلاج ونتعرف على الأبحاث
العلمية التي قام بها العلماء، ولكن للأسف حتى الآن لا يوجد أبحاث علمية
طبية عن تأثير قراءة القرآن تحديداً على المرض، هنالك أبحاث في مجال
العلاج بالصوت، وهذا العلاج للأسف الذي بدأ به هم أناس غير مسلمين،
من دول غربية، يعالجون الناس بالترددات الصوتية، وأقول للأسف لأننا
نحن المسلمين لدينا كتاب، هذا الكتاب العظيم، للأسف ننساه ونغفل عنه
وننتظر الغرب حتى يكشف الحقائق ونأخذ الحقائق منه، بينما هذا الكتاب
العظيم الذي أودع الله فيه علمه تبارك وتعالى وجعله كتاباً مليئاً
بالمعجزات والحقائق والأسرار، ننساه، ونغفل عنه، ونجلس وننتظر
الآخرين حتى يكشفوا لنا العلاج والحقائق العلمية.

العلاج بالصوت هو أن يأتي المعالج بترددات صوتية
مثل أصوات موسيقى – أصوات طبيعية:
 خرير مياه أو بلابل أو حفيف الأشجار أو غير ذلك أو أصوات نقر على
الزجاج وغيره ويطبقون هذه الأصوات، يجعلون المريض يجلس ويستمع
إلى هذه الأصوات لفترة من الزمن، يعني كل يوم مثلاً نصف ساعة لمدة
– فرضاً – شهر.

لاحظوا أن بعض الأصوات تشفي من أمراض معينة، وهنالك بعض
الأمراض المستعصية مثل سرطان القولون وغيره قد تم شفاؤها بهذه
الوسيلة العلاجية، فقط باستخدام ترددات صوتية محددة، ثم بعد ذلك
 وجدوا أن هذه الترددات الصوتية تؤثر على خلايا الجسد، وتؤثر أيضاً
على الفيروسات داخل الجسم، وتؤثر على نظام المناعة بشكل كامل،
فبعض الترددات الصوتية تزيد من قدرة جهاز المناعة على
مواجهة المرض.

ولكن ينبغي أن نُعرّف المرض، ما هو المرض؟
إن أحدنا عندما يصاب بمرض ما، ما الذي يحدث في جسده، لماذا بعض
الناس يشفيهم هذا الدواء، وبعضهم لا يُشفَى؟ ولماذا تجد أن إنسان سليم
الجسم، وإنسان آخر تصيبه الأمراض؟ لماذا هناك إنسان لديه نظام مناعة
قوي جداً وإنسان آخر ليس لديه شيء من هذه المناعة؟

السبب:
 أن الله تبارك وتعالى عندما خلق الإنسان أودع في كل خلية من خلايا
جسده برنامجاً خاصاً يدير كل حركة من حركاته، وهذا البرنامج موجود
داخل كل خلية في الشريط الوراثي لهذه الخلية، هو الذي يتحكم بهذه
الخلية وباهتزازاتها وبتردداتها.لذلك وجد العلماء بعد أبحاث طويلة أن
 كل خلية تصدر ترددات صوتية وكل خلية من خلايا الجسد تتأثر
بالترددات الصوتية، وكانت نتيجة هذه الاختبارات أنهم وجدوا أن هنالك
بعض الأصوات التي تشفي من أمراض معينة، وفي رحلتهم في البحث
عن الترددات الصحيحة لم يعثروا على أي نتيجة علمية حتى الآن.

ولكن إذا أصاب الإنسان أي مرض ماذا يحدث داخل الخلايا؟
الذي يحدث هو خلل في برنامج هذه الخلايا الذي فطره الله تبارك وتعالى
 على الفطرة السليمة:

{ فِطْرَةَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ
ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ }
 [الروم: 30].

وربما نعجب إذا علمنا أن بعض الأطباء والباحثين اليوم يحاولون
 أن يبتكروا طرقاً جديدة في العلاج يسمونها: إعادة برمجة خلايا الدماغ،
فكل الأحداث التي يمر بها الإنسان وكل كلمة ينطقها وكل فعل يراه وكل
حدث يتلقاه كلها يتم تخزينها في أماكن خاصة داخل خلايا الجسد وليس
خلايا الدماغ بل خلايا الجلد وخلايا القلب وخلايا الرئتين... ويقولون:
 إن أي مرض لا بد أن يكون هنالك خلل من وراءه وبالتالي فإن هذا الخلل
يمكن إعادته ويمكن علاجه من جديد وإعادة الخلية إلى وضعيتها
الأولى التي كانت عليها.

ما هو الطريق الذي ينبغي علينا أن نسلكه لإعادة برمجة الخلايا؟
علماء البرمجة اللغوية العصبية يستخدمون الإيحاءات والكلمات ولديهم
أساليبهم في إعادة البرمجة والأطباء يستخدمون الأدوية الكيميائية، وهي
طبعاً الأكثر ضرراً على الإنسان لإعادة الخلية إلى طبيعتها، وعلماء النفس
يستخدمون أسلوب التحليل النفسي وغير ذلك. ولكن هناك أسلوب حديث
بعدما اكتشف العلماء أن كل خلية من خلايا دماغ الإنسان تهتز بنظام بديع
لا يحيد شعرة عن المسار الذي رسمه الله تعالى له.

فهؤلاء العلماء وجدوا أن خلايا الدماغ تهتز وخلايا الجسد تهتز أيضاً،
وهي تتأثر بالاهتزازات أي تتأثر بالأمواج الكهرطيسية، تتأثر بالضوء،
تتأثر بالصوت، ولذلك بدؤوا يفكرون بوسائل بديلة للعلاج وهي ما
يسمونه العلاج بالصوت وهو أحد أنواعه الطب البديل أو الطب المكمل.
فالعلاج بالصوت: يعني أن نأتي بالترددات التي توقظ هذه الخلايا
وتنشطها، وبنفس الوقت تقضي على الخلايا المريضة السرطانية
وتبعدها وتزيلها وتقوي جهاز المناعة لدى الإنسان.

القرآن الكريم يقوم بهذا العمل، والدليل على ذلك أن آيات القرآن وكلماته
وحروفه قد رتبها الله تبارك وتعالى بنظام محكم لا يشبه أي نظام آخر،
والله تبارك وتعالى عندما أنزل هذا القرآن وقال:

 { وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآَنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ
وَلَا يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إِلَّا خَسَارًا }
 [الإسراء: 82].

فهذا يعني أن الله أودع في كلمات هذا القرآن قدرة على العلاج ولغة
خاصة تفهمها خلايا الدماغ لدى الإنسان ولدى تلاوة آيات معينة
 يحدث هذا الشفاء.

الصوت هو عبارة عن أمواج ميكانيكية تنتقل عبر الأذن للدماغ يعالجها
ويعطي أوامره للجسد، ولكن هذا الصوت أيها الإخوة يؤثر أيضاً على كل
شيء من حولنا. فالعلماء حديثاً يقومون باستخدام الصوت من أجل التبريد
أو التكييف أو من أجل تبريد المياه وتجميدها، ويقومون أيضاً باستخدام
الترددات الصوتية من أجل تفتيت الحصى في الكلية لدى الإنسان،
ويقومون أيضاً باستخدام الترددات الصوتية لتفجير بعض
الخلايا السرطانية.

ونحن عندما نسمع كلام الله تبارك وتعالى عندما يقول:

 { لَوْ أَنْزَلْنَا هَذَا الْقُرْآَنَ عَلَى جَبَلٍ لَرَأَيْتَهُ خَاشِعًا مُتَصَدِّعًا
مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ وَتِلْكَ الْأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ }
[الحشر: 21]

 هذا يعني أن الله تبارك وتعالى لو جعل هذا الجبل يعقل كلام الله تعالى،
 إذاً لتصدَّع وتشقق وخرّ خاشعاً أمام عظمة هذا الكلام، فهذا الكلام عندما
نلقيه على إنسان مصاب بمرض عضال، فإن هذه الترددات الصوتية تدخل
عبر الأذن إلى دماغ هذا المريض، وتؤثر على هذه الخلايا، وتجعلها خلايا
خاشعة، أو تميتها إذا كانت خلايا سرطانية أو تنشطها وتحييها من جديد،
لأن الله تبارك وتعالى يقول:

 { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ }
 [الأنفال: 24]

. إذاً القرآن حياة، حياة بالنسبة للإنسان، وبالنسبة لكل خلية من خلايا
جسد هذا الإنسان.

أيها المريض ينبغي أن تعتمد على نفسك في القراءة
في البداية اعتمد على قراءتك لأن صوتك هو الأكثر تأثيراً. مثلاً أنا عندما
أصاب بمرض معين، إذا جلست وقرأت القرآن على نفسي، فإن خلايا
جسدي ستتأثر بشكل كبير بهذه القراءة، بينما إذا لجأت إلى إنسان آخر
سيكون التأثير أقل، ولكن أحياناً يكون التأثير كبيراً إذا كان صاحب الصوت
الذي يقرأ إنسان تقياً ومخلصاً في عبادته لله، فإن الترددات الصوتية
الصادرة عنه تختلف عن أي إنسان آخر، لأن العلماء يقولون: إن تاريخنا
والأحداث التي نقوم بها وتمر علينا، مختزنة في أصواتنا، فالترددات
الصوتية التي تصدر عن إنسان تقي يحفظ القرآن ويخاف الله
 تبارك وتعالى سوف تختلف تماماً عن تلك الترددات الصادرة
عن إنسان يعصي الله تبارك وتعالى.. لماذا؟

كيف يحدث هذا الصوت؟ إنه عملية معقدة تتم في الدماغ بتعليمات معينة
يتم إصدار هذا الصوت الذي هو عبارة عن موجات ميكانيكية ولكن كل
إنسان له صوته الخاص، وهذا الإنسان صوته يتأثر بالأحداث التي تمر
عليه، وهذا كلام وجده العلماء حديثاً، ففي الماضي لم يكن أحد يدرك شيئاً
عن موضوع أنه لكل إنسان بصمة خاصة بصوته، وهنا ربما نتذكر
 قول الحق تبارك وتعالى:

{ وَمِنْ آَيَاتِهِ خَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافُ أَلْسِنَتِكُمْ وَأَلْوَانِكُمْ
إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ لِلْعَالِمِينَ }
[الروم: 22].

 ففي الترددات الصوتية هنالك اختلاف أيضاً من إنسان لآخر، وفي تأثير
هذا الصوت هنالك اختلاف.فعندما يأتي إنسان ويصاب بمرض ويقرأ
بصوته هو على نفسه ويكون مخلصاً لله ويكون في حالة تركيز شديد
ورجاء شديد من الله أن يعافيه، فإن هذه الترددات ستكون أشد تأثيراً
 مما لو كان لا يتمتع بهذه الصفات.

والسؤال: ما هو الشفاء بالقرآن وكيف يكون هذا الشفاء، وهل صحيح أن
القرآن يشفي من كل الأمراض أم أن هنالك أمراضاً محددة يمكن للقرآن أن
يشفيها؟ هذا هو البحث الذي قمت به واستغرق مني أكثر من ثلاث سنوات
ووجدت بنتيجته أن القرآن الكريم يشفي من جميع الأمراض
 التي نعرفها والتي لا نعرفها.

ولكن ما هي الإثباتات والبراهين العلمية على ذلك؟
عندما وُجد الإنسان على سطح هذه الأرض وعندما بدأت الأمراض تصيبه
بدأ يلجأ إلى الآلهة وإلى الشمس أحياناً والقمر وبدأ يصنع الطقوس
المختلفة على أمل أن تشفيه هذه الآلهة، وفي زمن سيدنا إبراهيم
عليه السلام أنكر عليهم هذه الظواهر وأنكر عليهم هذه الأعمال فقال:

{ وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ }
 [الشعراء: 80]

أي أن الله تبارك وتعالى هو الذي يشفيني من أي مرض كان،
وبما أن الله تبارك وتعالى قال:

{ وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآَنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ }
 [الإسراء: 82]

فهذا يعني أن القرآن فيه شفاء لكل شيء.ولكن عندما تطور الطب
الحديث، بدأ الناس يلجؤون إلى الوسائل التجريبية ويعتمدون بشكل كبير
على الأدوية الكيميائية لعلاج مختلف الأمراض، وفي زمن النبي
عليه الصلاة والسلام كان العلاج الطبيعي لجميع الأمراض هو القرآن
الكريم، فقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يأمر أصحابه بهذا العلاج،
وربما نعلم من خلال قراءة سورة الفاتحة سبع مرات على المريض
وهنالك آيات محددة أيضاً إذا قرأها الإنسان فأصابت ذلك المرض فإنه
يشفى بإذن الله تبارك وتعالى. ولكن نحن اليوم في عصر العلم، وهنالك
تطور هائل في العلوم لذلك لا بد أن يكون خطابنا بهذه الوسيلة
أي بلغة العلم.
الدماغ فيه أكثر من تريليون خلية والتريليون هو مليون مليون أو هو
واحد وبجانبه اثنا عشر صفراً (1.000.000.000.000) هذه الخلايا
تعمل جميعاً بتناسق مبهر وكل خلية هي بمثابة جهاز كمبيوتر، وتأملوا
معي لو أننا وضعنا مثلاً تريليون جهاز كمبيوتر لتعمل في نفس الوقت..
لا يمكن. تصوروا معي حجم هذا العمل وحجم التنسيق الذي سيتم وحجم
المهندسين الذين سيشرفون على هذا العمل، مع العلم أن ذلك مستحيل،
فوق طاقة البشر، فإذا كان لدينا مثلاً مئة جهاز كمبيوتر وأردنا أن ننسق
بينها نحتاج لعدة مهندسين ليبقوا ليلاً نهاراً لكي لا يحدث خلل أو أخطاء،
فكيف أن الله تبارك وتعالى خلق لنا تريليون خلية في الدماغ بل أكثر
وجميعها تعمل بتناسق مبهر، وآلية عمل هذه الأجهزة أو هذه الخلايا
تعتمد على الاهتزاز فكل خلية من خلال الجسم لها تردد اهتزازي معين،
 لا توجد خلية ساكنة أو جامدة كل خلايا الجسم تهتز، ونتيجة هذا الاهتزاز
تتواصل مع بعضها وتنتقل المعلومات عبر الخلايا من الدماغ إلى
 أنحاء الجسم.

ولكن ما هو القرآن؟ ما هو صوت القرآن؟
إذا حللنا صوت القرآن نلاحظ أنه عبارة عن ترددات صوتية أو موجات
تنتقل إلينا من خلال الهواء، وهذه الأمواج الصوتية تنتقل إلى الأذن
ثم تدخل إلى الدماغ بعد أن تتحول في الأذن الداخلية طبعاً إلى نبضات
 أو إشارات كهربائية وإلى اهتزازات فتؤثر على مناطق معينة من الدماغ
ثم تعطي هذه الخلايا أوامرها للجسم لكي يتأثر بهذا الصوت.

على سبيل المثال ولكي ندرك مدى تأثير الصوت، أحياناً يسمع إنسان
خبراً سارّاً فتجده على الرغم من مرضه ينهض ويقوم ويحسّ كأنه شفي
بسبب ذلك. وأحياناً تجد إنساناً يكون معافى وفي كامل صحته يأتيه خبر
محزن فتجد أنه يصاب بجلطة قلبية أو دماغية أو قد يصاب
بالموت المفاجئ أو غير ذلك.

إذاً.. ما الذي حدث؟
الذي حدث أن هذه الترددات الصوتية التي تلقاها هذا الإنسان أثرت
 في خلايا دماغه فأعطى الدماغ تعليماته لأعضاء الجسد لتتفاعل مع هذه
الترددات الصوتية، ولذلك فإننا نجد أن الباحثين اليوم في الدول المتطورة
يلجؤون إلى طريقة جديدة لعلاج الأمراض المستعصية، فهنالك أمراض
كثيرة استعصت على الطب مثل السرطان وغيره، فهذه الأمراض لم يتمكن
الأطباء من إيجاد علاج ناجع لها، لذلك بدأ فريق من هؤلاء الباحثين
يلجؤون إلى طرق بديلة، وربما يكون من أهم هذه الطرق ما يسمى
العلاج بالصوت.

طبعاً يضعون هذا المريض ويؤثرون عليه بذبذبات صوتية معينة قد تكون
صوت لموسيقى أو أصوات للطبيعة مثل خرير الماء أو غير ذلك
 أو أصوات نقر على أوعية زجاجية إلى آخره..

فوجدوا بعد فترة من هذا العلاج أن العضو المصاب يتحسن، أو أن هذا
السرطان يبدأ بالتحسن، فأصدروا آلاف الأبحاث وهنالك مؤتمرات كبيرة
تعقد اليوم عن العلاج بالصوت كطريقة بديلة للطب الكيمائي.

فإذا تأملنا كتاب الله تبارك وتعالى، وقرأنا آياته وجدنا أن هذه الآيات تؤكد
على أن هذا القرآن فيه شفاء،
 يقول تبارك وتعالى:

 { وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآَنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ }
 [الإسراء: 82]

 لم يقل لنا: شفاء من مرض نفسي أو مرض عضوي أو مرض محدد..
لا.. شفاء لكل شيء سواء كان المرض اضطراباً نفسياً أو اضطراباً
في أحد أجهزة الجسم، دائماً القرآن فيه شفاء.

والباحثون اليوم لا يشكون أبداً في أن الترددات الصوتية تؤثر على خلايا
الدماغ فمنها ما ينشط هذه الخلايا ويجعلها أكثر نشاطاً وحيوية، ومنها
ما يؤثر أيضاً على خلايا السرطان فيفتتها، وهذا البحث قام به باحث
فرنسي اسمه "فابيان" هذا الباحث له قصة طريفة مع العلاج بالصوت.
في بداية حياته كان موسيقياً، وكان كلما استمع إلى صوت الموسيقى،
أو كلما عزف على آلته فإن هذه الأصوات يُحسّ أنه يتفاعل معها، حتى
إنه قد أصيب بمرضٍ ذات يوم، ولم يجد من يعالج هذا المرض من
الأطباء، كان هنالك لديه ورم معين في كتفه، وبعد فترة لاحظ أن هذا
الورم زال، ثم بعد ذلك أصيب بمرض عضلي في جسده، أيضاً لاحظ
أن بعض الترددات الصوتية تؤثر على هذا المرض وتزيله نهائياً من دون
أن يتناول أي دواء!

علاقة بين الصوت وبين الشفاء!
بعد ذلك ذهب إلى أحد الأطباء وأخبره بهذا الأمر، وقررا أن يقوما ببحث
علمي عن خلايا الإنسان، فقاما بإحضار خلية دم من إنسان وقاموا
بتعريضها لمختلف أنواع الأصوات، وعرضوها أيضاً لصوت الإنسان
نفسه الذي أخذوا منه هذه الخلية من دمه، وجدوا بعد أن أجروا هذه
التجارب وأخذوا القياسات وجدوا أن هذه الخلية تتأثر تأثراً كبيراً
بالصوت، فقاموا بتصوير هذه الخلية بكاميرا اسمها كاميرا كيريليان
وهذه الكاميرا تصوّر الطيف الكهرطيسي المحيط بالخلية
أو المحيط بالأجسام.
كل خلية كما يقول العلماء تنشر حولها مجال كهرطيسي، لأن الخلية فيها
كهرباء، ونتيجة عملها فإنها تنشر هذا المجال الذي يظهر في الصور على
شكل ألوان متنوعة فالخلية التي أخذوها هي خلية دم وجدوا أن أكثر
تنشيطٍ لها يحدث عندما يتم التأثير عليها بصوت صاحب هذه الخلايا، فأنا
مثلاً عندما أتحدث فإن خلايا جسدي تتأثر أكثر من خلايا جسد الآخرين،
وكذلك عندما يتحدث شخص آخر يتأثر هو أكثر مني بهذا الصوت، وهذه
عمليات لا نحس بها ولكنها موجودة، فخرجوا بنتيجة وهي أن للصوت
تأثيراً مهماً على الخلايا.

لقد أخذ هذا الباحث خلية سرطانية وقام بالتأثير عليها بأصوات محددة،
ووجد أن عند تردد معين لهذا الصوت فإن هذه الخلية تنفجر وتتفتت
وعند نفس التردد وجد أن الخلايا السليمة تنشط، أي أن هنالك مفعول
مزدوج للصوت يؤثر على الخلية المريضة فينشطها، ويؤثر على الخلية
السرطانية فيفتتها وحتى الخلية السليمة يزيد من طاقتها.

وهنا أصبح لنا علم جديد هو العلاج بالصوت!
وإذا ما عدنا إلى القرآن الكريم، ونحن نعلم أن القرآن نتلوه بصوتنا،
ونؤثر على الآخرين بهذه الترددات الصوتية والعلماء اليوم مشكلتهم أنهم
يبحثون عن الترددات الصوتية الصحيحة المناسبة لهذه الأمراض ولكنهم
وعلى الرغم من أن هذا البحث مضى عليه أكثر من ربع قرن إلا أنهم
 لم يعثروا على هذه الترددات الصحيحة بسبب أنهم يعتمدون على
الموسيقى والأصوات الأخرى.

ولكن نحن لدينا شيء مهم وهو القرآن، وبما أن الله تبارك وتعالى
هو الذي أنزل هذا القرآن ورتب كلماته وحروفه بتناسق مبهر بشكل
يعطي تناسقاً عظيماً يؤثر على العقول ويؤثر على القلوب أيضاً.

ولذلك فإننا عندما نقرأ سورة الفاتحة مثلاً فإن هذه الترددات الصوتية
التي تأتي وتدخل إلى دماغ هذا الشخص المريض فيتأثر بها ويتفاعل معها
وهذه الترددات تنتقل عبر الجسد كاملاً وعبر القلب أيضاً لأن القلب له دور
مركزي في هذا العلاج، فالله تبارك وتعالى يحدثنا في كثير من الآيات عن
أهمية القلب حتى إن النبي صلى الله عليه وسلم قال:

( ألا إن في الجسد مضغة، إذا صلحت صلح الجسد كله،
 وإذا فسدت فسد الجسد كله، ألا وهي القلب )

فنحن عندما نقرأ القرآن فإن قلوبنا تتأثر بهذه القراءة وأكثر ما يكون
التأثير إذا كان الإنسان يعتقد بهذا الكلام وإذا كان مستيقناً بأن
 هذا الكلام هو الحق.
ولذلك قال تبارك وتعالى:

{ وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآَنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ } 

أما الظالمين فلا يزدادون إلا مرضاً وفشلاً:

 { وَلَا يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إِلَّا خَسَارًا }

مع العلم أن تلاوة القرآن لها أثر شفائي للناس جميعاً
 لأن الله تبارك وتعالى قال:

{ يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَتْكُمْ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ }

والخطاب لمن؟ للناس:

 { وَشِفَاءٌ لِمَا فِي الصُّدُورِ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ }
 [يونس: 57].

 إذاً الهدى والرحمة والشفاء الكامل هو للمؤمن، أما غير المؤمن فقد
يتأثر ولكن بشكل قليل، ويعتمد هذا التأثير على مدى إيمانه بصدق
 هذا القرآن.

هنالك أيضاً تأثير عجيب لقراءة القرآن ليس على الإنسان فحسب بل على
المواد، وبخاصة الماء، فنحن عندما نقرأ آيات من القرآن على كأس من
الماء مثلاً، فإن تركيب جزيئات الماء سوف يختلف انتظام هذه الجزيئات
والمجال الكهرطيسي لها سوف يتأثر، وهذه التجربة قام بها عالم ياباني
ووجد أن هنالك تأثيراً كبيراً حتى إنه خرج بنتيجة وهي: أن الماء يختزن
المعلومات أو أن الترددات الصوتية تختزن في الماء بشكل أو بآخر،
 وهنا ربما ندرك الهدي النبوي الشريف عندما كان النبي صلى الله عليه وسلم
يقرأ على الماء، ويقرأ على الإنسان، ويقرأ على المريض، ونجد أن
الشفاء يكون تاماً وشاملاً بإذن الله تبارك وتعالى.

العلاج بالقرآن موضوع خطير وبنفس الوقت هو موضوع ممتع
يمكن لأي إنسان أن يجرب العلاج بالقرآن على نفسه. وقد قمت بتجربة
خلال ثلاث سنوات تقريباً، كنت أستمع إلى القرآن كل يوم لا يقل عن عشر
أو خمسة عشر ساعة، وقد هيأ الله تعالى لي هذه الظروف في ذلك الوقت
لحفظ القرآن وتأمله والاستماع إليه كل يوم لفترات طويلة. وبعد أن مضى
عدة أشهر لاحظت شيئاً غريباً فقد كان لدي بعض الأمراض المزمنة التي
 كنت أعاني منها بشكل دائم، مثل الإمساك، ومثل بعض الآلام في الكتف..
وأشياء أخرى.. فوجئت بأن هذه الأمراض اختفت بشكل مفاجئ لم يعد
لها أي أثر.

هنالك شيء آخر، أنني كنت عندما أقرأ صفحة من كتاب، لا أستطيع أن
أستوعب هذه الصفحة من المرة الأولى، فكنت أعيد القراءة عدة مرات
وأحياناً لا أفهم شيئاً، وفوجئت بعد حفظي للقرآن واستماعي له لساعات
طويلة، أنني عندما أفتح أي كتاب من أي علم كان، أستطيع أن أستوعبه
 بسهولة وأستنبط، أي أن القرآن يعطيك زيادة في القدرة على الاستيعاب
وتطوير المدارك والإبداع أيضاً.

ولذلك: إن هذه الاستنباطات وهذه الاكتشافات التي منَّ الله بها علينا إنها
ببركة القرآن فقط، ليس هنالك أي عوامل أخرى، ليس هنالك مؤثر آخر
إلا القرآن الكريم. ولذلك أنا أنصح كل إنسان يريد أن يصبح مبدعاً أن يقرأ
القرآن. كل إنسان يحب أن يحمل في عقله أضخم موسوعة علمية على
الإطلاق فليحفظ القرآن. وكل إنسان يعاني من أمراض سواء كانت نفسيه
أو جسدية فعليه أن يستمع إلى القرآن لأكبر عدد ممكن من الساعات.
 وكل إنسان يريد أن ينجح في حياته أو في عمله فليحفظ هذا القرآن. وكل
إنسان يريد أن يحصل على لغة عربية سليمة ويريد أن يمتلك تأثيراً مذهلاً
على الآخرين، فعليه أن يقرأ هذا القرآن ويحفظه ويعمل به أيضاً.

ففي كل آية من آيات هذا القرآن نجد أن الله تبارك وتعالى أودع قوة
شفائية، ولكن هذا لا يعني أن نترك وسائل الطب والعلاج الحديث،
 بل نستفيد منها ولكن أولاً نلجأ إلى كتاب الله تبارك وتعالى ثم نلجأ إلى
بقية الوسائل المتاحة ومن المستحسن أن ندمج بينها. يقول تبارك وتعالى
مخاطباً الناس جميعاً:

{ يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَتْكُمْ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَشِفَاءٌ
لِمَا فِي الصُّدُورِ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ *
 قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ }
 [يونس: 57-58]

. هذه آية تتحدث عن القرآن الكريم وأن فيه شفاءً للناس جميعاً. وفي آية
أخرى يؤكد على أن القرآن فيه شفاء، يقول تبارك وتعالى:

{ وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآَنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ
 وَلَا يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إِلَّا خَسَارًا }
[الإسراء: 82].

نسأل الله عز وجل أن يجعل القرآن شفاء لصدورنا وقلوبنا،
وأن يجعله نوراً لنا في الدنيا والآخرة،
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
ــــــــــــ
بقلم المهندس /عبد الدائم الكحيل