الأحد، 17 مايو 2015

تعريب الطب - التعليم الجامعي بأي لغة


تعريب الطب


بقلم البروفيسور / زهير بن أحمد السباعي  

شاركت في لقاء علمي دعى إليه المركز العربي للوثائق والمطبوعات
الصحية بالكويت  بهدف إعداد معجم طبي مفسر ،
وهو مشروع ضخم يُعد امتداداً للمعجم الطبي الموحد الذي أشرفت
على وضعه منظمة الصحة العالمية ويشتمل في طبعته الأخيرة على أكثر
من مائة ألف مصطلح طبي .

أثرت في هذا الاجتماع قضية أجدني أعود إليها بين حين وآخر .
وهي أن هناك إجماع أو يكاد بين وزراء الصحة العرب وعمداء
كليات الطب في العالم العربي والمنظمات العالمية مثل منظمة الصحة
العالمية والمنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم على ضرورة البدء
 في تدريس الطب والعلوم الصحية باللغة العربية  والسؤال القائم :

ما هي العقبات التي تحول دون البدء في تعّلم الطب باللغة العربية
 في الجامعات العربية ؟
       قد يسهل الجواب إذا استعرضنا وجهات النظر المعارضة
والتي تتلخص في التالي:

1- عدم توفر الكتب والمراجع الطبية باللغة العربية .
2- الأدبيات الطبية متجددة ويصعب متابعتها وترجمتها .
3- طالب الطب يجب أن يجيد اللغة الإنجليزية أو لغة أخرى متطورة
لكي يتابع دراساته العليا .
الرد على وجهات النظر المعارضة أمر سهل وميسور إذا اعتبرنا
أن المقصود هو تعليم الطب في مرحلة ما قبل البكالوريوس
 وليس الدراسات الطبية العليا :

أولاً .. الكتب الطبية المتوفرة حالياً باللغة العربية سهلة وميسورة
لتعليم طالب الطب إلى مرحلة البكالوريوس يتجاوز عددها200 كتاب
ومرجع طبي .
قام بتأليفها أو تعريبها أساتذة الجامعات السورية ومنظمة الصحة العالمية
والمركز العربي للوثائق والمطبوعات الصحية وهي تغطي الحاجة
وتفيض عنها لتدريس الطب إلى مرحلة البكالوريوس .

ثانياً .. طلاب الطب قبل أن يصلوا إلى مرحلة الدراسات العليا لا يلجئون
إلى الأدبيات إلاّ فيما ندر والنادر لا حكم له .
ولا أعني بذلك أنهم لا يحتاجون إليها ولكني أقول أنهم نادراً
ما يلجئون إليها لبطء قراءتهم باللغة الإنجليزية .

ثالثاً .. أعيد القول فيما سبق أن كررته في مناسبات عدة .
وهي أنه يجب على طالب الطب أن يجيد اللغة الإنجليزية أو لغة أجنبية
حية وأن يجتاز فيها امتحاناً عالياً قبل تخرجه. علماً بأن طلاب الطب
الذين يدرسون الطب في الجامعات العربية باللغة الإنجليزية لا يجيدون
اللغة الإنجليزية - إلاّ في ماندر  ومن ثم فهم يدرسون الطب
وعلومه بلغة لا يجيدونها قراءة أو كتابة أو حديثاً مما يحول
بينهم وبين إجادة التعلّم .

ولو سئلت عن أفضل وسيلة لتشجيع التعليم الطبي باللغة العربية ..
لقلت هي أن يتبرع أحد أصحاب الخير أو مجموعة منهم بمبلغ
مائة مليون ريال أو أكثر توضع وقفاً يصرف من ريعه على تخصيص
جوائز تشجيعية وتقديرية لكليات الطب التي تأخذ زمام المبادرة
في تعريب الطب . وأرجو أن لا يظن ظان من أن نظم الجامعات تحول
 دون التعريب .
فهذه النظم تقول بكل وضوح أن لغة العلم هي اللغة العربية إلاّ إذا تعذر
ذلك وهذا أمر غير متعذر وإنما هو مطلوب .

التعليم الجامعي بأي لغة


بقلم البروفيسور / زهير بن أحمد السباعي  


أكتب هذه الخاطرة أثر قراءتي للمقالة الجيدة التي سطرها الصديق
الدكتور أحمد الضبيب في صحيفة الجزيرة بعنوان :

 " اللغة العربية في عصر الدولة "  

وأسوقها وعلي أعود لمقالة الدكتور الضبيب في حلقة قادمة لاستعرض
أهمية تعلم لغة أجنبية مثل اللغة الإنجليزية .

لمن يظن أن تعلم علم من العلوم بلغة أجنبية يساعد على إتقانها .
شاب متخرج من إحدى الكليات الجامعية العلمية التي تدرس موادها
باللغة الإنجليزية كلفته بتحرير خطاب باللغة الإنجليزية فأتي فيه
 بما لا يقل عن عشرة أخطاء ،
قد لا يمثل هذا الشاب بقية الدارسين من زملائه .
ولكن تظل الدلالة قائمة وهي أن أغلب الطلاب الجامعيين الذين يدرسون
علومهم باللغة الإنجليزية في أكثر جامعاتنا لغتهم الإنجليزية
دون المستوى المطلوب .
المستوى الذي يساعد على القراءة السريعة والاستيعاب الجيد.

وقد أثبت هذا في كتابي
"تجربتي في تعليم الطب باللغة العربية" 

 نتيجة لدراسة أجريتها على مجموعة من طلاب الطب والأطباء
ووجدت من خلالها أن سرعة قراءتهم ومدى استيعابهم لنص
 قرءوه باللغة العربية أفضل من نص مماثل قرءوه باللغة الإنجليزية .
ولو أنك سألت بعض الأساتذة المشرفين على طلاب الدراسات العليا
في جامعتنا الذين يجرون اطروحاتهم باللغة الإنجليزية لقالوا لك
أن ضعف اللغة هو المشكلة الأساسية التي يواجهونها مع طلابهم.

والخلاصة التي أود أن انتهي إليها هي أن تدريس العلوم بما فيها العلوم
الطبية باللغة الإنجليزية لا يساعد على إتقان اللغة الإنجليزية
ولا على سرعة القراءة والقدرة على استيعاب المادة المدروسة .
 أضف إلى ذلك أن كل الدراسات تؤكد أن تعلم علم من العلوم بلغة الأم
أفضل وأجدى وهذا ما انتهجته كثير من الدول الأوروبية الصغيرة
 نسبياً – في عدد سكانها مثل السويد والنرويج والدانمارك وهولندا
واليونان ، كل منها تدرس العلوم والطب بلغتها مع إلزام الطلاب
 إتقان لغة أجنبية حية مثل الإنجليزية أو الألمانية أو الفرنسية .





ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق