الاثنين، 30 مارس 2015

إن كنت تريد السعادة


إن كنت تريد السعادة
ذهب أحد الدعاة للعلاج في بريطانيا
قال : فأدخلت إلى مستشفى من أكبر المستشفيات هناك لا يكاد يدخله
إلا كبير أو وزير فلما دخل عليَّ الطبيب ورأى مظهري قال : أنت مسلم ؟
قال : نعم
فقال : هناك مشكلة تحيرني منذ عرفت نفسي
هل يمكن أن تسمعها مني ؟
قال : نعم
فقال : أنا عندي أموال كثيرة ووظيفة مرموقة وشهادة عالية وقد جربت
جميع المتع شربت الخمور المتنوعة وواقعت الزنى وسافرت إلى بلاد
كثيرة ومع ذلك لا أزال أشعر بضيق دائم وملل من هذه المتع حتى عرضت
نفسي على عدة أطباء نفسيين وفكرت في الانتحار عدة مرات لعلي أجد
حياة أخرى ليس فيها ملل ألا تشعر أنت بمثل هذا الملل والضيق ؟!
فقال له : لا بل أنا في سعادة دائمة وسوف أدلك على حل المشكلة ولكن
أجبني أنت إذا أردت أن تمتع عينيك فماذا تفعل ؟
قال : نظر إلى امرأة حسناء أو منظر جميل
قال : فإذا أردت أن تمتع أذنيك فماذا تفعل ؟
قال : أستمع إلى موسيقى هادئة
قال : فإذا أردت أن تمتع أنفك فماذا تفعل ؟
قال : أشم عطراً .. أو أذهب إلى حديقة
قال له : حسناً إذا أردت أن تمتع عينك لماذا لا تستمع إلى موسيقى ؟
فتعجب وقال : لا يمكن لأن هذه متعة خاصة بالأذن
قلت : فإذا أردت أن تمتع أنفك لماذا لا تنظر إلى منظر جميل ؟ فعجب أكثر
وقال : لا يمكن لأن هذه متعة خاصة بالعين ولا يمكن أن يتمتع بها الأنف
قال له : حسناً .. وصلت إلى ما أريده منك
أنت تحس بهذا الضيق والملل في عينك ؟
قال : لا
قال : تحس به في أذنك في أنفك فمك فرجك
قال : لا أحس به في قلبي في صدري
قال : أنت تحس بهذا الضيق في قلبك والقلب له متعة خاصة به لا يمكن
أن يتمتع بغيرها ولا بدَّ أن تعرف الشيء الذي يمتع القلب لأنك بسماعك
للموسيقى .. وشربك للخمر .. ونظرك وزناك .. لست تمتع قلبك
وإنما تمتع هذه الأعضاء
فعجب الرجل .. وقال : صحيح .. فكيف أمتع قلبي ؟
قال : بأن تشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله وتسجد بين يدي
خالقك وتشكو بثك وهمك إلى الله فإنك بذلك تعيش في راحة
واطمئنان وسعادة
فهزّ الرجل رأسه وقال : أعطني كتباً عن الإسلام وادعُ لي وسوف أسلم
وصدق الله إذ قال :
{ يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَتْكُمْ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ
َشِفَاءٌ لِمَا فِي الصُّدُورِ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ ( 57 )
قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ ( 58 )}
سورة يونس .
فعجباً لأقوام يلتمسون الأنس والانشراح
ويبحثون عن السعادة في غير طريقها ..
والله يقول :
{ أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ اجْتَرَحُوا السَّيِّئَاتِ أَنْ نَجَعَلَهُمْ
كَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَوَاءً مَحْيَاهُمْ وَمَمَاتُهُمْ
سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ }
21 الجاثية
ففرّق الله بين عيش السعداء وعيش الأشقياء
في المحيا والممات :
بل إن المحسن كلما ازداد إحساناً في الدنيا عظمت لذته وسعادته
وأحسن الله إليه في رزقه وولده ووظيفته ومسكنه أحسن إليه في كل شيء
قال تعالى :
{ قُلْ يَاعِبَادِي الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا رَبَّكُمْ لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا فِي هَذِهِ الدُّنْيَا حَسَنَةٌ
وَأَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةٌ إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ }
الزمر / 10 .

وإنك لتحزن إذا رأيت مسلمين عقلاء يلتمسون السرور
وسعة الصدربالاجتماع على مشاهدة محرم ..
أو الحديث عنه أو مزاولته في بيت أو بستان أو متنزّه أو في جلسة
على طريق أو شاطئ في مجالس لا تقربها الملائكة ولا تغشاها الرحمة
ويتفرقون عنها بصدور ضيقة وأنفسٍ مكتئبة ويزين بعضهم لبعض هذا
المنكر وكأنهم قد اجتمعوا على مباح أو طاعة وكأن ليس لهم إله يراقبهم
ولا ربٌ يحاسبهم وتبحث عنهم في مجالس الذكر فلا تجدهم ثم يوم
القيامة يكفر بعضه ببعض ويلعن بعضهم بعضاً
وقد قال أبو القاسم صلى الله عليه وسلم
فيما رواه الترمذي والحاكم :
( أَيُّمَا قَوْمٍ جَلَسُوا فَأَطَالُوا الْجُلُوسَ ، ثُمَّ تَفَرَّقُوا قَبْلَ أَنْ يَذْكُرُوا اللَّهَ
، وَيُصَلُّوا عَلَى نَبِيِّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ إِلَّا كَانَتْ عَلَيْهِمْ
مِنَ اللَّهِ تِرَةٌ إِنْ شَاءَ اللَّهُ عَذَّبَهُمْ ، وَإِنْ شَاءَ غَفَرَ لَهُمْ )
الراوي: أبو هريرة المحدث: الألباني - المصدر: صحيح الجامع
- الصفحة أو الرقم: 2738خلاصة حكم المحدث: صحيح
وإنه ليشتدّ حزنك أكثر .. إذا رأيت :
فتيات مسلمات هن حفيدات خديجة وفاطمة وأخوات حفصة وعائشة
قد طهّر الله قلوبهن من الشرك وأعينهن من الخيانة .وحفظ فروجهن
من الفجور قد سلم لهن الأسماع والأبصار وتفضل عليهن بالستر
والعافية لم تروّع إحداهن في بلدها ولم تفجع في أبيها ولا ولدها .
لم يغتصبها فاجر ولم يعتدِ عليها كافرومع كل هذه النعم تجد إحداهن
تتسكع سوق وتنساق وراء شهوة في هاتف أو مجلة .. أو صداقة فاجرة
وتخالف ربها بتقليد الكافرات في اللباس والمظهر وقد يكون نظرها إلى
القنوات وتقليبها للمجلات أكثرَ من نظرها في السور والآيات وحضور
مجالس الصالحات وتظن المسكينة أن السعادة فيما تفعله أو تزينه لها
صديقاتها أو يحتال به عليها ذئب فاجر .. أو شاب غادر ولا يلبث كل ذلك
أن ينقلب عليها شقاءً وضيقاً
والعبد حتى لو حصل شيئاً من ملاذه فتمتع بها وسعِد بتحصيلها فإنه
لا يلبث حتى يملها ويذهب عنه ذهوله وتتحول هذه الملاذّ إلى أسباب
ضيق وملل وتعاسة ..
فهذه هي السعادة الحقيقية
واللذة الأبدية .. التي ضيع طريقها الكثيرون ..
هذه هي السعادة التي يعيش بها المرء حياة المطمئنين فيا من فقد السعادة
إن كنت تريد السعادة فقد عرفت طريقها
اللهم إنا نسألك عيش السعداء وموت الشهداء
والحشر مع الأتقياء ومرافقة الأنبياء
اللهم إنا نسألك من الخير كله ..

هناك تعليقان (2):

  1. الردود
    1. وجزاكم الله خيرالجزاء ورزقكم الله السعاده والعفو والعافية في الدنيا والآخرة.

      حذف