السبت، 21 فبراير 2015

الإخلاص في الدعاء - تحري الحلال من أسباب إستجابة الدعاء


هذا سر من أسرار إجابة الدعاء ألا وهو الإخلاص، هكذا
 كان أنبياء الله عليهم السلام، فهل نكون مثلهم فنقتدي بهم
 في دعائنا؟!...

بحثت طويلاً في كتاب الله تعالى عن سرّ استجابة الله لدعاء أنبيائه.

وبدأتُ أتساءل:
 لماذا ندعو الله تعالى أحياناً ولا يُستجاب لنا؟ ولماذا لا نحسّ بوجود الله
عز وجل قريباً منا؟ لماذا نضع ثقتنا بمن حولنا من البشر وننسى
خالق البشر جل وعلا؟

لقد بدأتُ ألاحظ شيئاً في القرآن عندما بحثتُ في "الإخلاص" فقد ارتبط
 الإخلاص بالعبادة أحياناً وبالدعاء أحياناً أخرى. ولكن في كلتا الحالتين
كان الإخلاص مرتبطاً بالله عز وجل. فهذه آية يحدثنا بها سيدنا محمد
صلى الله عليه وآله وسلم يقول:

{ قُلْ إِنِّي أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ اللَّهَ مُخْلِصًا لَهُ الدِّينَ }
 [الزمر: 11].

ومعنى (مُخْلِصًا لَهُ الدِّينَ)
 أي مخلصاً له العبادة، فكان سجود رسول الله صلى الله عليه وسلم
خالصاً لله، وركوعه لا يبتغي به إلا وجه الله، وكل كلمة ينطق بها
 لا يريد من ورائها إلا رضوان الله تعالى، وهذا هو الإخلاص الذي
أمره الله به، ولكن أين نحن من هذا الإخلاص؟!

الإخلاص مفتاح الإجابة
إن الإخلاص في العبادة لا بدّ أن يؤدي إلى الإخلاص في الدعاء، وهذا
 ما أمرنا الله به في قوله:

{ فَادْعُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ }
 [غافر: 14].

 فنحن عندما ندعو الله يجب أن يكون دعاؤنا فقط له هو، وعندما ندعو
ملحداً للإيمان يجب أن يكون عملنا ذا هدف واحد ألا وهو رضاء
 الله تعالى.في هذه الحالة أخي المؤمن أضمن لك الإجابة في الدعاء بإذن
الله تعالى. وهذا هو سيدنا يونس عليه السلام عندما ابتلعه الحوت ونزل
به في ظلمات البحر: ماذا فعل؟ لقد دعا الله بإخلاص فقال:

{ وَذَا النُّونِ إِذْ ذَهَبَ مُغَاضِبًا فَظَنَّ أَنْ لَنْ نَقْدِرَ عَلَيْهِ
 فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ }
[الأنبياء: 87].

 ولكن هل استجاب الله دعاءه أم تخلى عنه
في هذا الظرف الصعب؟
لقد استجاب الله له على الفور فقال:

{ فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْغَمِّ وَكَذَلِكَ نُنْجِي الْمُؤْمِنِينَ }
 [الأنبياء: 88].

لقد كانت الاستجابة سريعة، حتى إن الله تعالى استخدم حرف الفاء في
كلمة (فَاسْتَجَبْنَا) ونحن نعلم من العربية أن هذا الحرف يشير إلى سرعة
تعاقب الأحداث بعكس واو العطف التي تحمل شيئاً من التباطؤ في
 توالي الأحداث.


ما هو سرّ استجابة الله لأنبيائه؟
ولكن هذه الاستجابة السريعة لسيدنا يونس لها سرّ! وعندما بحثت عن
هذا السر وجدته في الآيات التي تلي هذه الآية في حديث الله عن أنبيائه
واستجابته لهم الدعاء، لماذا يا ربّ؟ ماذا كانوا يفعلون حتى نجّيتهم
وهم في أصعب مراحل حياتهم؟
والجواب:

{ إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَيَدْعُونَنَا رَغَبًا وَرَهَبًا
وَكَانُوا لَنَا خَاشِعِينَ }
 [الأنبياء: 90].

 إذن السر يكمن في المسارعة في الخيرات، والدعاء رغبة بما عند الله
من نعيم وجنات، ورهبة من عذابه وعقابه، والخشوع لله وحده.

إعجاز نفسيّ
ولكن الذي لفت انتباهي أثناء البحث آية تتحدث عن أناس يدعون الله
بإخلاص، وتصف لنا هذه الآية المشاعر الدقيقة التي يمر بها هؤلاء
في أصعب ظروف حياتهم وهم في وسط البحر بين الأمواج العاتية.
يقول تعالى:

{ وَإِذَا غَشِيَهُمْ مَوْجٌ كَالظُّلَلِ دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ
فَلَمَّا نَجَّاهُمْ إِلَى الْبَرِّ فَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ
وَمَا يَجْحَدُ بِآَيَاتِنَا إِلَّا كُلُّ خَتَّارٍ كَفُورٍ }
 [لقمان: 32].

في هذا الموقف والسفينة تشرف على الغرق يكون الإنسان في حالة
 من الإخلاص التام لله عز وجل.هذا ما تصفه لنا الآية، فماذا يقول العلم
في ذلك؟ لقد غرقت العديد من السفن على مر الزمن، وربما يكون آخرها
عبّارة غرقت في البحر الأحمر وتوفي أكثر من ألف إنسان، ونجا أقل من
نصف هذا العدد. لقد قام بعض العلماء بدراسة للمشاعر التي مرّ بها
هؤلاء الناجون من الموت المحتم.لقد أكّد الجميع وبلا أي استثناء أن
اللحظة التي أشرفوا فيها على الغرق كانت أهم لحظة في حياتهم، وكان
التوجه فيها إلى الله تعالى في قمة الإخلاص، حتى إنهم يؤكدون بأنهم
رأوا عشرات الغرقى قد ماتوا أمامهم وكانت آخر كلمة نطقوا بها هي
 "يا ربّ"!!!

إذن الشيء الثابت علمياً حتى بالنسبة لأولئك الذين لا يؤمنون بالإسلام،
أن أي واحد عندما يشرف على الغرق يدعو الله بإخلاص، وهذا باعتراف
جميع الناجين من الغرق على مر العصور، وهذه حقيقة علمية يؤكدها
علماء النفس.

سؤال لكل ملحد!
وعند هذه النقطة أود أن أوجه سؤالاً إلى أولئك الذين يستهزئون بأعظم
مخلوق أرسله الله ليكون رحمة للعالمين: إذا كان الرسول الأعظم عليه
صلوات الله وسلامه كما تصوّرونه متخلّفاً وإرهابياً وجاهلاً، إذا كان
كذلك، فكيف استطاع وهو لم يركب البحر مرة في حياته أن يصوّر لنا
الحالة الدقيقة التي يعيشها من أشرف على الغرق؟وتأمل معي هذه الآية
التي تلخص لنا الأحاسيس التي يمر بها من يركب السفينة منذ أول لحظة
وحتى اللحظة التي تسبق الغرق:

{ هُوَ الَّذِي يُسَيِّرُكُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ حَتَّى إِذَا كُنْتُمْ فِي الْفُلْكِ
 وَجَرَيْنَ بِهِمْ بِرِيحٍ طَيِّبَةٍ وَفَرِحُوا بِهَا جَاءَتْهَا رِيحٌ عَاصِفٌ
وَجَاءَهُمُ الْمَوْجُ مِنْ كُلِّ مَكَانٍ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ أُحِيطَ بِهِمْ دَعَوُا اللَّهَ
مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ لَئِنْ أَنْجَيْتَنَا مِنْ هَذِهِ لَنَكُونَنَّ مِنَ الشَّاكِرِينَ }
 [يونس: 22].

وهنا أقول لك يا أخي المؤمن
 إذا أردت أن يستجيب الله دعاءك فأخلص هذا الدعاء، وإذا أردته أن يتقبل
عبادتك فأخلص هذه العبادة لله، هكذا أمر الله نبيّه بقوله:

{ إِنَّا أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ فَاعْبُدِ اللَّهَ مُخْلِصًا لَهُ الدِّينَ }
[الزمر: 2].

وسوف أختم هذه الخاطرة بحادثة على زمن النبي الكريم
 صلى الله عليه وسلم عندما جاءه أعرابي بسيط  وقال له:

( يا رسول الله أوصني ولا تكثر لأحفظ؟ فقال له الحبيب
 صلى الله عليه وسلم: (أخلص دينك لله يكفك العمل القليل)،

أي أخلص عبادتك لله فمهما كان عملك قليلاً تجده عند الله كثيراً.
فالله خير حافظاً وهو أرحم الراحمين...
ــــــــــــ
بقلم المهندس /عبد الدائم الكحيل
ــــــــــــ

 من آداب الدعاء , تحري الحلال :
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال :
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
( إن الله تعالى طيب لا يقبل إلا طيبا )
 وإن الله تعالى أمر المؤمنين بما أمر به المرسلين ، فقال :
{ يَا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنْ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحًا }
المؤمنون : 51

  وقال تعالى :
{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ }
البقرة : 172

ثم ذكر الرجل يطيل السفر : أشعث أغبر ، يمد يديه إلى السماء :
يا رب يا رب ، ومطعمه حرام ، ومشربه حرام ، وملبسه حرام ،
وغذي بالحرام ، فأنى يستجاب لذلك ؟ .)
 رواه مسلم
 والحديث ورد فى -: البخارى فى رفع اليدين (86) و مسلم
 فى صحيحه(1015) و الترمذى(2989) و ابن الجعد فى مسنده (1633)
و ابن بشران فى الامالى (92) و الدارمى فى سننه (2773)و البيهقى
(6621) فى الشعب (1166)و البغوى فى شرح السنة ،و ابن المبارك
 فى الزهد (456) و اسحاق بن راهويه فى مسنده (168) و عبد الرزاق
فى مصنفه (8839) وأحمد فى مسنده (8570)

 والمعنى :

 إن الله طيب لا يقبل إلا طيباً،
قال تعالى
{ وَلاَ تَيَمَّمُواْ الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنفِقُونَ }
 [(267) سورة البقرة]

{ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَآئِثَ }
[(157) سورة الأعراف]

 فالمحرمات خبائث، والرديء خبيث ، والطيب يقابله الخبيث ، الطيب
الحلال ، والخبيث الحرام في قوله -جل وعلا-:

{ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَآئِثَ }
 [(157) سورة الأعراف]

فالمحرمات كلها خبائث

ثم ذكر النبي عليه الصلاة والسلام الرجل "يطيل السفر"
 وهذا من أسباب الإجابة يكون فيه المسافر 

"أشعث أغبر"
منكسر القلب غير مترفع ولا متكبر ، يمد يديه إلى السماء

 ( يا رب يا رب )
وهذا من أسباب إجابة الدعوة ,

( ومطعمه حرام )
 في كسبه لا يتورع في أكل ما حرم الله عليه، أو شرب ما حرم الله عليه،

( مطعمه حرام، ومشربه حرام )
وكلها من موانع الإجابة يعني الحرام محيط به من كل وجه ،

 " أنى يستجاب له"
،استبعاد لإجابة الدعوة لوجود هذه الموانع ، من مطعم حرام، ومشرب
حرام، وملبس حرام، وغذي بالحرام ، (فأنى) وهو مجرد استبعاد
لا استحالة، لا ييأس المسلم من دعاء الله ؛ لأنه قد يدعو الله جل وعلا
أن ينفي عنه وأن يبعده عن هذه الموانع

 والله يبتلي عباده، فقد يستجيب لهم فوراً , حتى مع انتفاء الموانع
قد لا يستجاب للإنسان في ظاهر الأمر؛ لأنه ما من دعوة يدعو بها مسلم
بغض النظر عن وجود الموانع , إلا أنه إما أن يستجاب له بما طلب،
أو يدفع عنه من الشر مقدار ما طلب أو أعظم، وقد تدخر له هذه الدعوة
إلى وقت هو أحوج بها منه إلى هذا الوقت . والله أعلم واحكم

وصل اللهم وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
منقول من بيت عطاء الخير

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق