"إنما المؤمنـون إخــوة"
الله عز وجل هو المسئول عن رزق عباده وتدبير شئون حياتهم وتصريف
أمورهم بما فيه صالحهم ،فأصل كسب رضا الله بإكرام عياله ومراعاة
حقوقهم والإحسان إليهم ولذلك كان إيذاؤهم من عدم تعظيمه تعالى وعدم
الصدق في محبته ،
وقد وضع لنا صلى الله عليه وسلم قاعدة عريضة
في التعامل بيننا تتوقف عليها سعادة الدنيا والآخرة فقال :
( مَن لا يرحم لا يُرحم )
قال تعالى
{ هَلْ جَزَاءُ الإِحْسَانِ إِلاَّ الإِحْسَانُ }
أي: أنت حسنة من حسنات الله فقد منحك نعمة الإيجاد ونعمة الإمداد
ونعمة الهدى والرشاد، خلقك ليُسعدك وليُحسن إليك، خلقك لجنة عرضها
السموات والأرض
، فهل جزاء إحسان الله لك إلا أن تُحسن إلى خلقه ؟
فالعبد حسنة من حسنات الله فإذا كان رد فعله الإحسان فقد حقق غايته
من وجوده ، والإحسان يكون في عبادة الله وإلى خلق الله ، لأن الدين
بمعناه الشمولي :الدين اتصال بالحق وإحسان للخلق
· البعثة المحمدية كانت مهمتها تزكية النفوس وتحسين الأخلاق
فقد بُعث صلى الله عليه وسلم بعد 124ألف نبي ،جاء ليتمم رسالاتهم
ويدعو إلى خلاصة ما دعوا إليه فقال:
( إنما بُعثت لأتمم مكارم الأخلاق )
ولخص صفات المتدين الملتزم بالإسلام الصحيح فقال :
( المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده والمؤمن
من أمنه الناس على دمائهم وأموالهم )
و أرشد المسلمون بأيسر الطرق لنيل محبته
و لمرافقته في الجنة فقال :
( إن أحبكم إليّ وأقربكم مني مجلسا يوم القيامة أحاسنُكم أخلاقا )
· الأخـــــلاق هي الديـــــــــــن ... فتأملـــــــــــــوا معنـــــــــــا :
- أقام صلى الله عليه وسلم في مكة 13عاما بدون شرائع وتكاليف
ليصحح المفاهيم حول الدين الحق لينتج عنها سلوكيات سليمة ومستقيمة
، لذلك مكث صلى الله عليه وسلم في مكة يدعو لتطهير القلوب
والسلوكيات من العادات الجاهلية قبل أن تفرض العبادات؛ فالصلاة
فرضت ليلة الإسراء و المعراج في السنة 12 من النبوة قبل الهجرة
بنحو ثلاث سنوات ، فرض الصوم و الزكاة في السنة 2 من الهجرة ،
فُرض الحج في السنة 5 من الهجرة
- وقال تعالى :
{ لَقَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْ أَنْفُسِهِمْ
يَتْلُوا عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ }
أي : يأمرهم بالمعروف وينهاهم عن المنكر لتزكو نفوسهم وتطهر من
الدنس و الأخلاق السيئة فيعظموا الله بتعظيم حقوق عباده ، وقد ذكر
تعالى التزكية قبل تعلم الكتاب والحكمة(السنة) لتصبح النفوس مستعدة
لفهم وقبول ما في الكتاب والسنة فتنقاد لما تعلمت محبة وتعظيما
لصاحب الأمر والنهي
· ثلاث مواقف عظيمة لرسول الله صلى الله عليه وسلم أرسى
فيها القواعد الأساسية للدين وأوصى بها الصحابة
رضوان الله عليهم لتتبع ويلتزم بها المسلمون إلى يوم القيامة
- الموقف الأول :
عند دخوله للمدينة وقد استقبلته الجموع فكان أول ما قال لهم وصية
ليؤسس بها الحكومة الإسلامية في المدينة التي ستنطلق منها الدعوة
إلى جميع أرجاء الأرض بشعوبها المختلفة على ثوابت وقيم إسلامية :
( أَيُّهَا النَّاسُ , أَفْشُوا السَّلامَ , وَأَطْعِمُوا الطَّعَامَ , وَصِلُوا الأَرْحَامَ ,
وَصَلُّوا وَالنَّاسُ نِيَامٌ , تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ بِسَلامٍ )
أي أوصى بالإحسان للخلق بالقول والعمل
- الموقف الثاني : لتأسيس الحكومة الإسلامية على أسس
" الديـــــــن المعاملة "
في حجة الوداع يوم عرفة وقد بلغ الصحابة 100ألف صحابي فخطب
صلى الله عليه وسلم فيهم فقال :
(أما بعد أيها الناس اسمعوا مني أبين لكم فإني لا أدري لعلى
لا ألقاكم بعد عامي هذا في موقفي هذا.أيها الناس إن دماءكم
وأعراضكم حرام عليكم إلى أن تلقوا ربكم كحرمة يومكم هذا
في شهركم هذا في بلدكم هذا، ألا هل بلغت اللهم فاشهد، فمن كانت
عنده أمانة فليؤدها إلى من ائتمنه عليها ، وإن ربا الجاهلية
موضوع ولكن لكم رؤوس أموالكم لا تظلمون ولا تظلمون
وقضى الله أنه لا ربا. )
*قال أيضا في خطبة الوداع... ليصحح مفهوم الدين أنه هو تعظيم الله
بتعظيم حقوق عباده وإقامة الأركان :
( أما بعد أيها الناس إن الشيطان قد يئس أن يعبد في أرضكم هذه،
ولكنه قد رضي أن يطاع فيما سوى ذلك مما تحتقرون من أعمالكم
فاحذروه على دينكم ، واستوصوا بالنساء خيراً، فإنهن عندكم
عوان ( أي أسيرات ) لا يملكن لأنفسهن شيئاً، وإنكم إنما
أخذتموهن بأمانة الله واستحللتم فروجهن بكلمة الله فاتقوا الله
في النساء واستوصوا بهن خيراً ،ألا هل بلغت اللهم فاشهد )
*وليُفهم صلى الله عليه وسلم المسلمون أن الالتزام هو ليس الالتزام
بالعبادات فقط بل أيضا بحقوق الآخرين
قال أيضا في خطبة الوداع:
" أيها الناس إنما المؤمنون إخوة ولا يحل لامرئ مال لأخيه
إلا عن طيب نفس منه ،ألا هل بلغت اللهم فاشهد ،،،فلا ترجعن
بعدى كافراً يضرب بعضكم رقاب بعض،،،،فإني قد تركت فيكم
ما إن أخذتم به لن تضلوا بعده:
كتاب الله وسنة نبيه، ألا هل بلغت اللهم فاشهد ،،،،أيها الناس
إن ربكم واحد وإن أباكم واحد كلكم لآدم وآدم من تراب أكرمكم
عند الله اتقاكم، وليس لعربي على عجمي فضل إلا بالتقوى ،
ألا هل بلغت اللهم فاشهد قالوا نعم – قال فليبلغ الشاهد الغائب )
· تدبــــــــــــــروا هذه الإحصائية الرقميــــــــــــة :
- في القرآن (6236)آية ؛ منها (500) آية فقط من آيات الأحكام
،ويقصد بآيات الأحكام: ما ورد في القرآن الكريم من الآيات القرآنية
التي تتضمن الأوامر والنواهي والمسائل الفقهية , و(5736)عن الأخلاق
وإعمار حركة الكون والمعاملة الطيبة مع المخلوقات التي تعيش معنا
مسلمين أم غير مسلمين إنسانا أم حيوانا أم بيئة نعيش بينها ووجب علينا
أن نحافظ عليها ، وآيات العبادات في القرآن (110) آية فقط ، فكأنما
العبادات التي نتعبد بها تُمثل جزء من 62جزء من آيات المعاملات
وقد تمسكنا بجزء واغترننا به وعطلنا 62جزءا والله المستعان
- وفي السنة المشرفة : 60000حديث صحيح منها 2000خاصة
بالعبادات والأحكام يعني 3% والباقي تعلق بمكارم الأخلاق
- ذكر الشيخ الذهبي في كتاب الكبائر من عددها من 76
من كبائر الذنوب منها:
السدس فقط خاص بالعبادات أي حوالي( 12) كبيرة ، و (64)
كبيرة خاصة بالمعاملات
فهل اتضح لكم أن ...........
الأخـــــــــــــــلاق هي الديــــــــــــــــــــــــــ ن؟!؟!
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق