حقائق حول الذكر
1. قال تعالى :
{ مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ
حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ }
. 97 النحل.
ووالله من لم يحييه الله فهو :
الميت حتى لو أكل وشرب وبين الناش عاش .
ووالله من لم يوفقه الله للخير فلن :
يدله عليه ولن يوفقه إليه عبدٌُ من عباد الله مهما كان , حتى لو كنتُ أنا
وحتى لو كنتَ أنت وحتى لو كان غيرنا ممن تقلّد أعلى المناصب أو امتلك
الدنيا بأسرها أو كان له من النعم والخيرات والفضل والوجاهة والشهرة
والصدارة مالم يكن لغيره .
{ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً }
,, تلك هى حياة الصالحين الأتقياء , هى طيبةٌُ بأصل المعنى وجمال
المفهوم وروح الروح .
ولعل من أعظم الأعمال الصالحة ذكر الله تعالى , ذكر الله إيمان والإكثار
منه استزادة فى الإيمان ومتانة فى القرب من الله , وهل لايحب المؤمن
أن يعيش ويحيا حياة طيبة وأن يكون من الله قريب .
إذاً فمن أراد الحياة الطيبة والجزاء الأوفى فعليه بكثير الصالحات
وعلى رأسها كثرة ذكر الله تعالى ,
فمن أَكْثَر الذكر , أكثر الله عليه :
الفواتح الربانية والكشف والبصيرة ونقاء الروح وصفائها التى قد تصل
به إلى أن يمنّ الله عليه باستنارة واستبصار مالم يستنير به ويبصره
غيره من الخلق أجمعين من كثير أحوال هى فى زحمة الحياة قد تاهت ,
ياسارية الجبل , فهو سبحانه حين يعطى الذاكر الصادق فهو سبحانه
لايبخل عليه بل يعطيه ويمنحه الكثير مما يدهشه ويفتح به عليه
من فتوحاته الربانية .
2. إنّ ذكر الله ما هو في حقيقته إلا بداية الطريق السوي الذي يصل بنا
إلى مرضات الله , هو الروح والبصيرة هو الكشف والنور هو التيسير
والقبول هو الخاتمة المنشودة الحسنة هو الجنّة ثم هو الفوز
بمتعة النظر الى وجه الله الكريم
وأى متعة وأى لذة بعد النظر إلى وجه الله , ربى لاتحرمنا أجمعين
وهب المسيئين منا للمحسنين .
3. الاكثار من حمد الله ذكر من أعظم أنواع الذكر ,, فاحمده حين تضيق
بك الدنيا , احمده على حال كان , حين تحزن احمده , حين تنفرج احمده ,
حين تسوء بك الأقدار احمده , حين يتقلب عليك الناس احمده , حين تعانى
احمده , حين وحين وحين احمده واحمده واحمده , فهو يحب الحامدون .
4. حسن الظن بالله أيضا هو من الذكر فمن حسن بالله ظنه فوالله لن
ولن يضيع وهل يضيع من لجأ إلى ربه ورمى عليه حمله وقال له يارب .
5. إن عبادة الله الحقة تتطلب من الخلق أجمعين أن يوظفوا حياتهم لذكر
الله , وليس قصدى هنا من التوظيف والذكر أن يعكف المرء فى المسجد
ويترك عمله ومصلحه بلده والكسب على عياله , ليس قصدى الجلوس
آناء الليل وأطراف النهار مع المصحف والمسبحة , أبدا ليس هذا
ماقصدت , وإنما قصدى هو أن العبادة الحقة هى مفاهيم ومحاور ربانية
كبيرة شاملة واسعة تشمل الكثير والذى من بينها الذكر فذكر الله مهمة
عظيمة ، فاذكرونى أذكركم , فالذكر حياة الروح ، وإنّما تتربى الروح
وترتقى فى معاملتها مع الله ومع النفس ومع الخلق ,كلما كانت لله ذاكرة
تحسن ذكرها لله وتكثر منه وتتعبد الله به , فيتحقق الإيمان والتوحيد
والخوف والرجاء فيصير العبد وقبل أن يفعل شيئا يتذكر أن الله يراه
ومعه وينظر اليه , فيصبح صاحب تلك النفس عبدا ربانيا , وتصبح تلك
النفس نفسا ربانية , ويصبحان هما معا أشبه بنور يتنقل بين الناس
ويتحرك :
{ وَجَعَلْنَا لَهُ نُورًا يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ }
6. ذكر الله مفهومه واسع كبير , فهو ليس فقط فى مجرد تحرك اللسان
بالتسبيح والتكبير وغيره فهذا نوع من الذكر , وإنما طعامك وشرابك ان
جعلت نيتك منه التعبد به لربك فهو لك ذكر وعليه تؤجر وبه تتعبد, وحب
الزوجة لزوجها والزوج لزوجته إن نويا من وراءه التمتع بالحب الحلال
والستر والعفة والسكن وغض البصر وحفظ الفرج فهو أيضا ذكر وعليه
كل واحد يؤجر وبه يتعبد وإلى الله يتقرب وإلى الجنة يهرول فيصير البيت
ربانيا , وطاعة الزوجة لزوجها فى المعروف و غير مكروه أو حرام
وعدم عنادها معه إن علمت أنها عبادة مستوجبة تحفظ للبيوت أمنها
وأنها بذلك تذكر الله وتتعبده فهو لها ذكر تؤجر عليه وبه لله تتعبد فتصير
زوجة ذاكرة ربانية , وإكرام الزوج لزوجته وإحسانه التعامل معها بكل
مايحمله الإحسان من معنى , وحفظه لها والخوف عليها من كل سوء
وشر , سواء أكان ذاك وقت جمع الشمل أو حتى بعد تفرّقه , إن هو
أراد به ونوى منه طاعة ربه والحفاظ على زوجه ودوام العلاقة وطيب
المعشر والوفاء والحسنى فهو له ذكر يؤجر عليه ويتعبد الله به فيصير
زوجا ذاكرا ربانيا , والولد إن أطاع والديه بنية طاعة الله فهو له ذكر
عليه يؤجر وبه يتعبد ويصير ابنا ذاكرا ربانيا , و كلمتك ومقالك وكتابك
ونصيحتك إن كتبته وأديتها لله وبنية طاعته وتبليغ دعوته فهو لك ذكر
عليه تؤجر وبه تتعبد فتصير كاتبا وناصحا ذاكرا ربانيا , ونصرتك لأخيك
ظالما أو مظلوما إن نويت منه طاعة ربك نلت الأجر وتعبدت بذلك ربك
وصرت ذاكرا ربانيا , ووظيفتك ان نويت منها التكسب من الحلال من
أجل زوجك وبنيك واستعانة على طاعة الله هى أيضا لك ذكر عليه تؤجر
وبه تتعبد فتصير موظفا ذاكرا ربانيا , واحسانك للجار وتأسفك له إن
أخطأت فى حقه واعتذارك له إن جعلته لله فهو لك ذكر عليه تؤجر وبه
تتعبد فتصير جارا ذاكرا ربانيا , ومذاكرتك واجتهادك وتفوقك فى دراستك
إن نويت بها طاعة الله فهو لك ذكر عليه تؤجر وبه تتعبد فتصير دارسا
ذاكرا ربانيا وهكذا المعلم والطبيب وسائر المهن فيصبح الكل مأجورا
ويصير الجميع لله عبادا ذكّارين .
7. الذكر يربي الروح وإذا تربت الروح حسنت التربية وإذا حسنت التربية
صفت النفس وإذا صفت النفس رقَّ القلب وإذا رقّ القلب تربّى في الإنسان
الضمير الحي الذي يكون له دور كبير في توجيه حياة صاحبه مع نفسه
أولا ومع الله ومع الناس , فتكون الثمرة عبداً ربّانياً راقياً فى تعامله رحمانيا ,
منصفا عادلا لاينسى فضلا بينه وبين الناس , نورانيا يرى من نور الله ,
وبنوره يتحرك وبخطوات الله يظل يخطو بإلهام منه فى صبحه ونهاره
وخواطره ووظيفته ومشيته ومقاله وقلمه وكل حاله وكل مايشغل باله .
جزاء من جنس العمل :.
ولاشك أنّ كثرة الذكر لله تعالى بشتى صوره من تسبيح وتحميد وثناء
واستغفار وصلاة على الحبيب صل الله عليه وسلم وقراءة القرآن.
وغير ذلك، لابدّ وأن تؤتي ثمارها في سائر الأمور والأحوال:.
(*)- فهي تزيد الإيمان
{ إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ
وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ }
(الأنفال/ 2).
وإذا زاد الإيمان ظهرت بالتبعية آثاره الواضحة على النفس في: معتقدات
صحيحة، وأفهام سليمة، وأخلاق سامية، ومواقف متزنة ربّانية معتدلة،
ونشاط نافع، وعلم صالح، وإنصاف من النفس فى كل جوانبها بكسر
كِبْرها وعدم استكبارها فالأمر نهايته قبر مترٌُ فى مترين عفن وظلام
وعظام ورائحة منتنة ودود وذباب أزرق وحاجة ماسة لدعوات من أحياء
ربما تكون منقذة ومن عذاب القبر مخلّصة ولباب الجنة فاتحة , فالإسلام
دين عظيم يتمتع بشمول وجمال في كل جوانبه.
(*)- تجعل الإنسان يسعى دائماً للبلوغ بنفسه إلى درجة ما من درجات
الكمال الإنساني في عقله وقدراته ومنطق تفكيراته وطاقاته الجسمية
والعلمية وغيرها؛ مما يجعله قادراً على الارتفاع والارتقاء بنفسه
والرقى بها .
(*)- بكثرة الذكر يتحقق الأمن النفسي؛ ويلين القلب فلا يعرف القسوة ,
فمن ثمار الإكثار من الذكر شعور المسلم بسعادة وأمن واطمئنان في
نفسه، ولذة وجدانية عالية لايشعر بها سواه , فيظهر ذلك جلياً واضحاً
على نفسه وقسمات وجهه وجوارحه وأعضائه وكلماته وتصرفاته :
{ الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ أُولَئِكَ لَهُمُ الأمْنُ وَهُمْ مُهْتَدُونَ }
(الأنعام/ 82).
(*)- بكثرة ذكر الله تُطرد الشياطين وتبتعد فلا سيطرة لها ولا همز منها
ولا تعب حتى وإن فكّرت أن تتواجد فلن يكون تأثيرها على الذاكر
الا ضعيفا ,, إن كيد الشيطان كان ضعيفا .
(*) – كثرة ذكر الله ترضي الله و تحبب الملائكة فى الذاكر .
(*) – بكثرة ذكر الله يزول الهمّ والغمّ عن القلوب وتقوي الأبدان.
(*) – كثرة ذكر الله تجعل الأرض كلها تشهد للذاكر المكثر ذكره , ذلك
الربانى الذى لا يرى نفسه إلا بلسانٍ بالذكر يترطب وعينٌُ بالذكر تمتلأ
ويداً لصفحات القرآن تجوب الليل والنهار .
(*)- الذي يذكر ربّه كثيراً على جنبه أو قاعداً أو نائماً يشهد
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق