الاثنين، 8 يونيو 2015

إخلاص النية لله



إخلاص النية لله
الإخلاص لله هو توحيد الجهة وتنقية العمل ممّا سوى الله سبحانه وتعالى كما قال سهل رحمه الله تعالى الاخلاص أن يكون سكون العبد وحركاته لله تعالى خاصة. وقال الحواريّون لعيسى ابن مريم عليه السلام ما الخالص من الأعمال؟ فقال الذي يعمل لله تعالى لا يحبّ أن يحمده عليه أحد.
وفي الحقيقة نرى من حولنا من يسارع في الخيرات وعمل الصالحات يريد أن يحمد ويشكر على عمله من المخلوق غير مبال برضا الخالق والكثير منهم يغفل أن يسأل نفسه هل تقبل منه؟ ولكن قليل من الذين اصطفاهم الله سبحانه وتعالى وقال في شأنهم جلّ في علاه 
{وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آتَوا وَّقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ أَنَّهُمْ اِلَى رَبِّهِمْ رَاجِعُونَ}
(المؤمنون 60)

يتقربون بالأعمال الصالحات ويرجون من الله القبول. 
والإخلاص هو صفة لازمة للمسلم اذا كان عاملا أوتاجرًا أوطالبًا أوغير ذلك فالعامل يتقن عمله لأنّ الله أمر باتقان العمل واحسانه، والتاجر يتقي الله في تجارته، فلا يغالي على النّاس ولا يطلب الا الربح الحلال، والطالب يجتهد في مذاكرته وتحصيل دروسه وهو يبتغي مرضاة الله ونَفْع المسلمين بهذا العلم. فالإخلاص قاعدة البنيان اذ لا يستقيم الظلّ والعود معوجّ. 
وسئل رسول الله صلى الله عليه وسلّم عن الاخلاص فقال: 
«أن تقول ربّي الله ثمّ تستقم كما أمرت»

 (التراقي في جامع السعادات) 
ميادين الإخلاص

وللاخلاص ميادين متعددة أهمها:
1- الإخلاص في النية: على المسلم أن يخلص النيّة في كلّ عمل يقوم به حتى يتقبله الله منه لأنّ الله سبحانه لا يقبل من الأعمال الاّ ما كان خالصًا لوجهه تعالى وقد بيّن ذلك في كتابه العزيز،
 فقال تعالى:
{وَمَا أُمِرُوا اِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاء}
(البينة 5). 
وقال عليّ بن أبي طالب رضي الله عنه: «لا تهتمّوا لقلّة العمل واهتمّوا للقبول فانّ النّبيّ صلى الله عليه وسلّم قال لمعاذ بن جبل: أخلص العمل يجزك منه القليل». 
قيل لئن تصليّ ركعتين في خلوة تخلصهما خير لك من أن تكتب سبعين حديثا أوسبع مائة بعلوّ. 
وكان عمر يدعو اللّهمّ أنّي أسألك من العمل أخلصه وأصوبه. قالوا ما أخلصه وأصوبه؟ قال انّ العمل اذا كان خالصا ولم يكن صوابا لم يقبل، واذا كان صوابا ولم يكن خالصا لا يقبل حتّى يكون خالصا وصوابا.

2 ـ الإخلاص في العبادة: قال تعالى: 
{قُلْ اِنَّ صَلاَتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ لاَ شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَاْ أَوَّلُ الْمُسْلِمِين}َ
(الأنعام 162 و163)
انه لا يقبل الله تعالى من طاعة الانسان وعبادته الا ما كان خالصًا له. 
قال عزّ وجلّ في الحديث القدسيّ: «أنا أغنى الشركاء عن الشرك من عمل عملا أشرك فيه معي غيري تركتُه وشركَه». (رواه مسلم)
وقال صلى الله عليه وسلم: «انّ الله لا يقبل من العمل الاّ ما كان له خالصًا، وابْتُغِي به وجهُه». (رواه النسائي) فالمسلم المخلص هو الذي يتوجه في صلاته لله ربّ العالمين فيؤديها بخشوع وسكينة ووقار ويصوم احتسابًا للأجر من الله، وليس ليقول النّاس عنه: انّه مُصَلٍّ أوحاج، أو صائم وانّما يبتغي في كلّ أعماله وجه ربّه ورضاه.
قال تعالى:
{قُلْ اِنِّي أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ اللَّهَ مُخْلِصًا لَّهُ الدِّينَ}
(الزمر 11). 
ان مثل من يعمل الطاعات للرّياء والسمعة كمثل رجل خرج الى السوق وملأ كيسه حصاة فيقول النّاس ما أملأ كيس هذا الرجل ولا منفعة له سوى مقالة النّاس ولو أراد أن يشتري له شيئا لا يعطى له. كذلك الذي عمل للريّاء والسّمعة لا منفعة له من عمله سوى مقالة النّاس ولا ثواب له في الآخرة، تدبر قول الله تعالى:
{وَقَدِمْنَا اِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاء مَّنثُورًا} 
(الفرقان 23).

3- الإخلاص في الهجرة: هاجرت احدى الصحابيات من مكّة الى المدينة وكان اسمها أمّ قيس فهاجر رجل اليها ليتزوجها ولم يهاجر من أجل نُصْرَةِ الدّين فقال صلى الله عليه وسلم: 
انّما الأعمال بالنيات، وانّما لكل امرئ ما نوى فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله فهجرته إلى الله ورسوله، ومن كانت هجرته لدنيا يصِيبُها أو إمرأة ينكحها فهجرته إلى ما هاجر إليه.

(متفق عليه).

الإخلاص صفة الأنبياء يصرف
عن صاحبه السّوء والفحشاء

من ثمرات الاخلاص أنّه صفة الأنبياء عليهم أفضل الصلاة والسّلام، ويصرف عن صاحبه السّوء والفحشاء والمنكر:
 قال عزّ وجلّ
{وَلَقَدْ هَمَّتْ بِهِ وَهَمَّ بِهَا لَوْلا أَن رَّأَى بُرْهَانَ رَبِّهِ كَذَلِكَ لِنَصْرِفَ عَنْهُ السُّوءَ وَالْفَحْشَاء اِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُخْلَصِينَ}
 (يوسف 24)

 ومن كان مخلصا حفظه الله من الشياطين
 قال تعالى:
{قَالَ فَبِعِزَّتِكَ لَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ اِلَّا عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ} 
(ص 82 و83)

وما من عبد يخلص لله العمل أربعين يوما الاّ ظهرت ينابيع الحكمة من قلبه على لسانه وفاز بالجنّة وما فيها من نعم:
 قال تعالى: 
{اِلَّا عِبَادَ اللَّهِ الْمُخْلَصِينَ أُوْلَئِكَ لَهُمْ رِزْق مَّعْلُوم فَوَاكِهُ وَهُم مُّكْرَمُونَ فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ عَلَى سُرُرٍ مُّتَقَابِلِينَ يُطَافُ عَلَيْهِم بِكَأْسٍ مِن مَّعِينٍ بَيْضَاء لَذَّةٍ لِّلشَّارِبِينَ لَا فِيهَا غَوْلٌ وَلَا هُمْ عَنْهَا يُنزَفُونَ وَعِنْدَهُمْ قَاصِرَاتُ الطَّرْفِ عِينٌ كَأَنَّهُنَّ بَيْضٌ مَّكْنُون}
(الصافات 40...49).

بقلم الشيخ عبد الناصر الخنيسي

اخلاص النية لله للشيخ بن العثيمين رحمه الله



منقول

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق