غيّر حياتك بهذا (العيش الجديد)
* رغم أني في عشر الثلاثين إلا أني عانيتُ من لغوب الحياة ما يلعج
فؤادي، وقاسيتُ من لأواءِ تجاربها ما يهدّ عزائمي، ورأيتُ من تغير
وجوه الناس، وتكشف غدراتهم، وتتابع إساءاتهم ما ملأ روحي كلوماً
غائرة، وأثار في كبدي قروحاً ناكئة
* فاستولى عليّ الحزنُ حتى صرفَ عن حياتي بهجتها
وتسكـــّع قلبي في بيداء الكآبة حتى كاد يرد مخوفَ معاطبها
* وطفقتُ أبحثُ عن (حياةٍ) غير هذه (الحياة)
وأفتشُ عن (صحبٍ) غير هؤلاء (الصحب)
* فظفرتُ ببغيتي عندما ولجتُ عالم (القرآن)..
وأدركتُ حاجتي حين اهتزت حبال حنجرتي متغنيةً بـ(كلام الله)
* فوجدتُ (الحياة) التي لا بؤس فيها
وعثرتُ على (الصاحب) الذي لا أخشى بوائقه
فوالذي نفسي بيده إن (الحياة مع القرآن ) =
{ لَهِيَ الْحَيَوَانُ ۚ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ }
* (الحياةُ مع القرآن) =
هي النعيم المعجل، والعيش المرغد، والسرور المبهج
* (الحياةُ مع القرآن) =
نعمةٌ لا تعادلها نعمة، ومنــّةٌ لا تضارعها منة، وأنسٌ لا يجاريه أنسٌ
* عاشَ عمر رضي الله عنه مع القرآن فقرعته زواجره، وهزته مواعظه
حتى أنه خرج ليلةً فسمع
{وَالطُّورِ * وَكِتَابٍ مَسْطُورٍ * فِي رَقٍّ مَنْشُورٍ * وَالْبَيْتِ الْمَعْمُورِ * وَالسَّقْفِ الْمَرْفُوعِ * وَالْبَحْرِ الْمَسْجُورِ * إِنَّ عَذَابَ رَبِّكَ لَوَاقِعٌ}
فقال:
قسمٌ و ربِّ الكعبة حق.
فمرض شهراً يعوده الناس لا يدرون ما مرضه.
* وعاش ابنُ عباس رضي الله عنهما مع القرآن حتى صار القرآنُ جليسَ
فكره، وأنيسَ قلبه، وشاغلَ عقله
حتى أنه كان يقول
والله لو أضعتُ عقالَ بعيري لوجدتُ ذلك في كتابِ الله
* عاش خالدُ بن الوليد رضي الله عنه مع القرآن
حتى أنه في آخر حياته أمسك بالمصحف وبكى وقال :
شغلني عنك الجهاد !
* عاش عكرمةُ بن أبي جهل رضي الله عنه مع القرآن
حتى كان إذا رأى المصحف يأخذه فيضعه على وجهه،
ويبكي، ويقول:
كتاب ربي، وكلام ربي.
* وقضى ابن تيمية رحمه الله جُلّ حياته في الدعوة والجهاد ومناكفة أهل
البدع فلما سُجن في آخر حياته أقبل على القرآن تلاوة وتدبراً
ثم قال :
ندمتُ على تضييع أكثر أوقاتي في غير معاني القرآن
* وعاش العلامة محمد الأمين الشنقيطي رحمه الله مع القرآن
حتى قالَ عن نفسه
لا توجد آية في القرآن إلا ودرستها على حِدَة
(6236) آية في كتاب الله.. كل آية خصص لها وقتاً يفردها به
بالدراسة العميقة والتدبر الطويل !!!
* وأفنى الشيخُ المحدّثُ أبو إسحاق الحويني زهرةَ عمره، وميعةَ شبابه
في التدريس والخطابة والتصنيف فلما منع في آخرة أقبل على القرآن
تدبراً فعاش مع كلام الله أجملَ عيشٍ وأهنأه وانغمس في معانيه فلاحتْ له
أنوار هداياته، وانكشفت له أسرار دلائله فقال بعينٍ دامعةٍ، وصوتٍ
متهدجٍ، ونبرةٍ حزينة (فيا ليتني أعطيتُ القرآنَ عمري)
* لقد أحصى أحدُ المشايخ المعاصرين (١٨) عالماً ندموا
في آخر حياتهم أن لم يكن أكثر شغلهم بالقرآن
* إن (الحياةَ مع القرآن) =
حياةٌ مطمئنةٌ، وسكينةٌ دائمةٌ لا يعرفها إلا من عاش مع القرآن
* وما قال أهل الجنة
{ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَذْهَبَ عَنَّا الْحَزَنَ }
إلا لكونهم عاشوا مع القرآن، تأمل بداية الآيات
{ إِنَّ الَّذِينَ يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّهِ }
* إن (صحبة القرآن) =
هي الصحبة التي يثبت نفعها يوم يفر منك أبوك وأمك، وأخوك وصاحبك،
وزوجتك وأولادك، وقبيلتك وعشيرتك فتلتفت فلا تجد إلا صاحبك الوفي
(القرآن) يقف معك يجادل عنك ويشفع لك
( اقرَؤوا القرآنَ ؛ فإنَّهُ يأتي يومَ القيامةِ شَفيعًا لأصحابِه )
* لن أقول جرّب العيش مع القرآن لتذق لذة السعادة، بل تيقّن أنك في خير
منذ اللحظة التي تقرر فيها صحبة القرآن.
ختاماً يا سادة:
أقولها بلسان محبٍ ناصحٍ :
(لا تغادر دنياك قبل أن تذوق أطيب ما فيها؛ العيشَ مع كتاب الله)
عبدالله بن أحمد الحويل
1436/6/10
منقول
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق