الثلاثاء، 25 أغسطس 2015

حتى يظل القلب حيا


حتى يظل القلب حيا
بسم الله والحمد لله
اللَّهمّ اجْعَلْنِي خَيْرًا مِمَّا يَظُنُّونَ، وَاغْفِرْ لِي مَا لا يَعْلَمُونَ،
 وَلا تُؤَاخِذْنِي بِمَا يَقُولُونَ . والله انى انقل لكم فقط ما احب ان اقراه
وارجو من الله ان ندعو بعضنا البعض بالعفو والعافيه فى الدنيا والاخره

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين، أما بعد:
فإن القلب هو جوهر الحياة في الإنسان، فبحسب حياته وسلامته ونقائه،
تكون حياة الإنسان وسلامته ونقاؤه، وهذه الحقيقة..

فإن القلب هو جوهر الحياة في الإنسان، فبحسب حياته وسلامته ونقائه،
تكون حياة الإنسان وسلامته ونقاؤه، وهذه الحقيقة كما تدل عليها
الشواهد الشرعية تقررها النظريات العلمية والفلسفية في سائر المِلل
 عبر التاريخ.

 ومن هنا فإن المسلم الحكيم هو :
من يفتش عن أسباب صلاح قلبه، وأسباب قوته وعافيته؛ لأنه يدرك
 أنه متى امتلك قلبًا سليمًا من الآفات؛ فقد امتلك الحياة وامتلك نقاءها
وجمالها.  وهذا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بيّن أنّ السلامة
والصلاح في الإنسان مرتبطة بصلاح قلبه فيقول:

( ألا وإن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله،
 وإذا فسدت فسد الجسد كله، ألا وهي: القلب )

أخي الكريم: إن قلبك هو مفتاح السعادة والغنى ،
 ووعاء السلامة والهدى، ومصدر القوة والرضى، ولَحرصك على صفائه
ونقائه، أهم بكثير من حرصك على الهواء والطعام. فكيف تجعل قلبك
سليمًا نابضًا بالإيمان والحياة؟.

أولًا: كن صاحب عقيدة :
فتوحيد الله -جلّ وعلا- نور يملأ القلوب، ويبصِّرها، ويقويها، فهو مادة
حياته، وأساس قوته وسلامته، ولا حياة للقلب إلا بالإيمان بالله
-جلّ وعلا- ذلك الإيمان الذي يصنع الطمأنينة في القلوب، والسكينة
 في النفوس؛ لأنه يولِّد فيها من التوكل على الله ما يهوِّن
 أمامها الصِّعاب:
قال -تعالى-:  
{ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ }
 (الطلاق: 3)

 ويولِّد فيها من الثقة بالله، واليقين به ما تزول به الهموم والغموم
والأحزان، ويولِّد فيها من البصيرة والهدى ما يجعلها أكثر ثباتًا،
 وقدرة على مواجهة الصِّعاب،
كما قال -تعالى-: 
 { مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ إِلا بِإِذْنِ اللَّهِ وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ يَهْدِ قَلْبَهُ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ }
 (التغابن: 11).

فالإيمان بالله -جلّ وعلا- نور يسري في قلب المؤمن، يضيء له الطريق،
ويمكنه من الثبات عليه؛ فيرى به الأشياء على حقيقتها:
 القبيح قبيحًا، والحسن حسنًا.

 أخي الكريم: اعلم أن السعادة والحياة الطيبة
 في الحياة لا تقوم إلا على :
أساس واحد هو: الهدى.
 كما قال -تعالى-: 
 { فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلا يَضِلُّ وَلا يَشْقَى (123) وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا (124) }
 (طه).

ثم اعلم أن محل الهدى هو القلب، وأنّ هذا المحل لا يمكنه حمل الهدى
 إلا إذا كان فيه من الإيمان واليقين ما يؤهله لذلك؛
ولهذا قال -تعالى-: 
{ وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ يَهْدِ قَلْبَهُ }
 (التغابن: 11).

ومن هنا فإن تحقيق الهداية مشروط بتحقيق العقيدة الصحيحة، والإيمان
النقي من شوائب الشرك بالله، وعلى قدر معرفة المؤمن بربّه، ويقينه به،
تكون بصيرته وخشيته وهدايته
كما قال -تعالى-: 
 { إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاء }
(فاطر: 28).

وإذا تأملت أخي في تأثر القلوب بذكر الله، ووجلها من الله، وجدت ذلك
التأثر لا يحصل إلا للقلوب المؤمنة،
كما قال -تعالى-: 
 { الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ أَلا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ }
(الرعد: 28)،

 فعطف -سبحانه- في هذه الآية اطمئنان القلوب بالذكر على الإيمان،
وهو ما يدل على أن قلب المؤمن أعقل حين سماع ذكر الله؛ للمعاني
 التي يتضمنها الذكر، وهو ما يجعله متأثرًا به، وأبصر بالآيات والحقائق
 الغيبية؛ لذلك، إذا ذكر العبد الله، أبصر عيب نفسه وأبصر عظمة الله،
وأبصر قدرته ورحمته وصفاته العليا، وأبصر تقصير نفسه، وضعفها؛
فأورثته بصيرة قلبه ذلك التأثر الحاصل حين سماع ذكر الله، بعكس
ضعيف الإيمان الذي مات إحساس قلبه، فلا يسمع ولا يعقل
 كما قال -تعالى-: 
{ لَهُمْ قُلُوبٌ لا يَفْقَهُونَ بِهَا }
(الأعراف: 179)،

 وكما قال – تعالى ـ: 
{ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا }
 (محمد: 24) ،

وكما قال – تعالى ـ: 
{ فَإِنَّهَا لا تَعْمَى الأَبْصَارُ وَلَكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ }
(الحج: 46).

 فقلب المؤمن قلب عاقل،
لا تخدعه مظاهر الأشياء لأنه لا يرى بعينه فقط، وإنما بقلبه أيضًا،
ولأن قلب المؤمن منور بتوحيد الله؛ فإنه أعقل بالآيات الكونية والشرعية،
ولذلك قال – تعالى ـ: 
 { إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ }
(الأنفال: 2).

قال الشيخ عبد الرحمن السّعدي:
فوصف الله المؤمنين بهذه الصفات المتضمنة للقيام بأصول الدين
وفروعه، وظاهره وباطنه، فإنه وصفهم بالإيمان به إيمانًا: ظهرت آثاره
في عقائدهم، وأقوالهم، وأعمالهم الظاهرة والباطنة، وأنه مع ثبوت
الإيمان في قلوب - يزداد إيمانهم كلما تليت عليهم آيات الله، ويزداد
خوفهم ووجلهم كلما ذكر الله؛ وهم في قلوبهم وسرهم متوكلون على الله.
(التوضيح والبيان لشجرة الإيمان ص15).

ثانيًا: فرِغ قلبك من الشواغل والأخلاط  :
أخي إن الإيمان بالله -جلّ وعلا-، والتوكل عليه، واليقين به كل ذلك يولِّد
في القلب قوة، وبصيرة وعقلًا يزن بها الأمور، ويحقق بها الهدى ليعيش
آمنًا من شرور الغي وطرق الردى. لكن سنة الله اقتضت أن يظل المؤمن
في تنازع، ومكابدة ليظل قلبه ثابتًا على الإيمان والتقوى، لكن المؤمن
مهما كانت قوة إيمانه؛ فلابد له من غفوة وضعف، فإنما سمي القلب لشدة
تقلبه، وعدم ثباته على حاله، كما قال الشاعر:

وما سمي الإنسان إلا لنسيه *** ولا القلب إلا أنه يتقلب

وأحسن منه قول رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: 
( إنما سمي القلب من تقلّبه، إنما مثل القلب مثل ريشة بالفلاة،
تعلّقت في أصل شجرة، يقلّبها الريح ظهرًا لبطن )

وهذا التقليب الذي هو أخص صفات القلب، هو منشأ كون الإنسان
موصوفًا بالظلم والغدر والخطأ؛ فإنه متقلب في أحواله، متغير في صفاته،
تغلبه الشهوة، كما تلتبس عليه الأمور بالشبهة، ويطغى عليه النسيان
كما يتمادى به الهوى والطغيان، ويغره المتاع، كما تقهره الطباع،
 فهو لسبب أو لآخر متقلب في طبعه.

 1- تطهير القلوب بالتوبة:
وهذا التقلب في الإنسان، ما خلقه الله -جل وعلا- إلا ليبتليه بخطئه كما
يبتليه بصوابه،
 قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: 
( والذي نفسي بيده! لو لم تذنبوا لذهب الله بكم،
 ولجاء بقوم يذنبون فيستغفرون الله، فيغفر لهم )

وليطلعه على رحمته إذا هو تبصَّر بذنبه وعاد إلى الله تائبًا طائعًا،
 ومن هنا أخي لابد أن تعلم أنك في كل وقت وحين في حاجة إلى تجديد
التوبة والإكثار من الاستغفار؛ فإنهما يطهران القلب من شوائب المعاصي
وآثارها وسوادها، ولهذا أوصى الله -جل وعلا- عباده المؤمنين بالتوبة،
وجعلها أساس فلاحهم 
فقال تعالى: 
 { وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَ الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ }
(النور: 31).

وفي الحديث قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم ـ: 
( تعرض الفتن على القلوب عرض الحصير عودًا عودًا، فأي قلب أشربها نكتت فيه نكتة سوداء، وأي قلب أنكرها نكتت فيه نكتة بيضاء حتى يصير القلب أبيض مثل الصفا، لا تضره فتنة ما دامت السموات والأرض، والآخر أسود مربدًّا كالكوز مجخيًا لا يعرف معروفًا ولا ينكر منكرًا، إلا ما أشرب من هواه )

رأيت الذنوب تميت القلوب *** وقد يورث الذل إدمانها
وترك الذنوب حياة القلوب *** وخير لنفسك عصيانها

 أخي الكريم:
فإذا علمت أن الذنوب تمرض القلوب، وتطمس بصيرتها، وتعطل عقلها،
فاحرص على تطهير قلبك من أمراض المعاصي باجتنابها، وملازمة
التوبة والاستغفار لإبطال مضراتها، فإن قوة قلبك وسلامته مرهونة
بصفائه ونقائه، وإنما ينقى قلبك بثلاثة أشياء:

الأول: بالتوبة إلى الله، والاستغفار من الذنب.

الثاني: بالإكثار من الحسنات، فإنهن يذهبن السيئات،
 كما قال – تعالى ـ 
{ وَأَقِمِ الصَّلاةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفًا مِنَ اللَّيْلِ إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ ذَلِكَ ذِكْرَى لِلذَّاكِرِينَ }
(هود: 114).

الثالث: الحرص على أسباب المغفرة، كالصلاة، والنوافل، والوضوء،
وانتظار الصلاة بعد الصلاة، والعمرة والحج، ونحو ذلك من موجبات
المغفرة المبسوطة في كتب الفضائل والسلوك.

فقد أوصى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- معاذًا فقال له: 
( اتق الله حيثما كنت، وأتبع السيئة الحسنة تمحها، وخالق الناس بخلق حسن )

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على المصظفى الأمين
 خير خلق الله أجمعين سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد:
تحدثنا في مقال سابق عن بعض أسباب بقاء القلب حيا بعيدا عن الآفات
المهلكة والأمراض الفتاكة، ونكمل في هذا المقال ما بدأناه من حديث
عن ذلك، ومن هذه الأسباب:

- تطهير القلب من الأمراض:
فإن طهارة القلب من أمراضه، وخلوّه من أعراضها، هو أعظم أسباب
قوته ولينه ورقته وخشوعه، وصاحبه هو خير الناس وأحبهم إلى الله،
كما في الحديث عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم- :
حين سأله بعض أصحابه رضي الله عنهم فقالوا:
 ( يا نبي الله من خير الناس؟ قال: "ذو القلب المخموم، واللسان
الصادق"، فقالوا: يا نبي الله! قد عرفنا اللسان الصادق، فما القلب
المخموم؟ قال: "هو التقي النقي، الذي لا إثم فيه، ولا بغي
ولا حسد"، قالوا: يا رسول الله! فمن على أثره؟ قال: "الذى يشنأ
(يبغض)الدنيا، ويحب الآخرة". قالوا: ما نعرف هذا فينا إلا رافع
مولى رسول الله، فمن على أثره؟، قال: "مؤمن في خلق حسن".)

فها هنا بيّن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- طريق نقاء القلوب
وحقيقتها، وجمع بيانه ثلاث صفات هي: اجتناب الإثم، والبغي، والحسد.
فهذه الصفات هي من أخطر أمراض القلوب، والتي ما أصابت قلبًا
 إلا ملأته سوءًا، وظلمة، وطمست نوره وأضعفت بصيرته. وإذا كانت
الآثام تنكت نكتات سوداء في القلوب، فإن الحسد يأكل حسناتها الموجبة
لنقائها كما تأكل النار الحطب.

"والحسد هو: تمني زوال نعمة المحسود، أو هو البغض والكراهية لما
يراه من حسن حال المحسود، وهو طبع لئيم يسكن القلوب الضعيفة الميتة
مهما كان شأن أصحابها،فلربما وجدت المرء قد ملك من صفات الحسن،
وأسباب الملك ما لم يملكه غيره؛ لكنه لغلبة طبعه الحاسد لا يحب رؤية
النعمة على غيره".

أخي الكريم:
 واعلم أن الحسد هو من الاعتراض على حكم الله -سبحانه-، كما قيل:
"من رضي بقضاء الله لم يسخطه أحد، ومن قنع بعطائه لم يدخله حسد".
وقد قيل: "مَا رَأَيْتُ ظَالِمًا أَشْبَهَ بِمَظْلُومٍ مِنَ الْحَاسِدِ ، حُزْنٌ لازِمٌ ، وَنَفَسٌ
دَائِمٌ ، وَعَقْلٌ هَائِمٌ ، وَحَسْرَةٌ لا تَنْقَضِي ".
وإذا تأملت في قول الله -جلّ وعلا-: 
{ وَمِنْ شَرِّ حَاسِدٍ إِذَا حَسَدَ }
(الفلق: 5)

، علمت أن الحسد طبع غالبًا ما يتسلل إلى القلوب، لكن القلوب الحية
بالإيمان تبصر شعاعه، فتعكسه وتطرده وترده خائبًا، لكن القلوب
الضعيفة تستجيب.

قال ابن تيمية:
ما خلا جسد من حسد، ولكن اللئيم يبديه والكريم يخفيه

قال النبي - صلى الله عليه وسلم ـ: 
( لا تقاطعوا، ولا تدابروا، ولا تباغضوا، ولا تحاسدوا، وكونوا عباد الله إخوانًا، ولا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث )

واعلم أخي أن الحسد كما يوجب قسوة القلب، ولؤم الطبع، وفساد
الأخلاق، فهو يعطل القلب من اكتساب أعظم الثواب؛ إذ القلب الخالي
من الحسد مملوء ولابد بالخير؛ فلا تجد صاحبه إلا يحدث نفسه بفعل
الخيرات، وإن عجز عنها، قد سارت به نيته الصافية، وحبه لنفع العباد،
ما لم تسر الصلوات والقربات بالعباد!.
وقد قال -صلى الله عليه وسلم-: 
( إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكلّ امرئ ما نوى )

أخي: فإن رُمت القلب الطاهر، فوطن نفسك على الصبر، وجاهد نفسك
في بذل النفع للعباد، تُحسن إلى من أساء إليك، وتصل من قطعك، وتعطي
من منعك، وتسامح من آذاك، في الحديث
 قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم ـ : 
( المؤمن الذي يخالط الناس ويصبر على أذاهم، خير من الذي لا يخالط الناس ولا يصبر على أذاهم )

فكما أن تطهير قلبك من الحسد يوجب لك النقاء والسلامة، فهكذا صبرك
على الحسود، واحتمالك لأذاه، وإحسانك إليه، يوجب لك الخيرية والراحة
والنصر، كما يمتص حسد الحاسد ويرده، فإن الغالب في الناس أن
الإحسان يمتلك قلوبهم، ويردهم إلى رشدهم.

كما قال الشاعر:
أحسن إلى الناس تستعبد قلوبهم *** فطالما استعبد الإنسان إحسان

وأحسن منه قول الله -جل وعلا-: 
{ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ}
(فصلت: 34).

 أغن قلبك بالقناعة:
فإن الحرص يسبب الفقر للقلب، ويحدث فيه فاقة لا يسدّها شيء أبدًا،
أما القناعة والرضى بما كتبه الله من الرزق؛ فيوجب للقلب الغنى، ويولِّد
فيه الطمأنينة والسكينة،
 وقد قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم- لأبي ذر: 
( يا أبا ذر أترى كثرة المال هو الغنى؟" قال: قلت:
نعم يا رسول الله! قال: "فترى قلة المال هو الفقر؟" قلت:
 نعم يا رسول الله! قال: "إنما الغنى غنى القلب، والفقر فقر القلب )

والقناعة متى سكنت القلوب، أصابها الخير كله، وسلِمت من آفات الشح
والحرص والبخل، وهي من أخطر الأمراض الفتاكة
 قال -تعالى-:
 { وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ }
 (التغابن: 16).

وعن جابر - رضي الله عنه- قال:
قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم ـ: 
( واتقوا الشح، فإن الشح أهلك من كان قبلكم، حملهم على أن سفكوا دماءهم، واستحلوا محارمهم )

والشح: هو شدة الحرص.

ومن ينفق الأيام في جمع ماله *** مخافة فقر فالذي فعل الفقر

 أخي الكريم:
 واعلم أن العناية بمقويات القلب وأسباب عافيته أكثر من أن تحصر
 في هذه الكلمات ولكن عليك بكثرة ذكر الله بعد أداء فرائضه؛ فإنه أعظم
عون لك على طهارة قلبك، فإنك إن داومت على ذكر الله تسبيحًا،
واستغفارًا، وتهليلاً، وتكبيرًا، وجدت أثر ذلك واضحًا على قلبك، فإن
زدت حرصًا على الصيام واجتنبت كثرة النوم والأكل والكلام والضحك؛
نلت عافية قلبك وسلامته.
وصلى الله على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.

منقول من بيت عطاء الخير
 الأخ / محمد الخواص
جزاهم الله عنا كل خير

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق