الخميس، 20 أغسطس 2015

فضائل ومناقب أبو بكر الصديق رضى الله تعالى عنه



أبو بكر الصديق رضى الله تعالى عنه

فضائل ومناقب العشرة المبشرون بالجنة

للكاتب الإسلامي المصري/ سيد مبارك

أبو بكر الصديق رضى الله تعالى عنه
اسمه عبد الله بن عثمان بن عامر بن كعب بن سعد بن تميم بن مرة بن كعب بن لؤيد.
وهو أول الرجال إسلامًا وأعظم الصحابة  و أحبهم إلي قلب النبي - صلى الله عليه و سلم - و إليك أخي القارئ بعض مناقبه و الله المستعان

** الصاحب و الصديق

لقد كان أبو بكر أحب الناس من الرجال إلى قلب النبي - صلى الله عليه و سلم - , و كان الصاحب في الدعوة و الصاحب في الهجرة و المصدق له بلا ذرة شك و المؤمن بكل ماجاء به من عند ربه
- وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال :
خطب رسول الله صلى الله عليه وسلم الناس و قال إن الله خير عبدا بين الدنيا وبين ما عنده فاختار ذلك العبد ما عند الله قال فبكى أبو بكر فعجبنا لبكائه أن يخبر رسول الله صلى الله عليه و سلم عن عبد خير فكان رسول الله صلى الله عليه و سلم هو المخير و كان أبو بكر أعلمنا فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم إن من أمن الناس علي في صحبته و ماله أبا بكر و لو كنت متخذا خليلا غير ربي لاتخذت أبا بكر و لكن أخوة الإسلام و مودته لا يبقين في المسجد باب إلا سد إلا باب أبي بكر ([1])
- و عن أبي الدرداء رضي الله عنه قال : ( كنت جالسا عند النبي صلى الله عليه و سلم إذ أقبل أبو بكر آخذا بطرف ثوبه حتى أبدى عن ركبته فقال النبي صلى الله عليه وسلم أما صاحبكم فقد غامر فسلم وقال إني كان بيني وبين ابن الخطاب شيء فأسرعت إليه ثم ندمت فسألته أن يغفر لي فأبى علي فأقبلت إليك فقال يغفر الله لك يا أبا بكرثلاثا ثم إن عمر ندم فأتى منزل أبي بكر فسأل أثم أبو بكر فقالوا لا فأتى إلى النبي صلى الله عليه و سلم فسلم فجعل وجه النبي صلى الله عليه و سلم يتمعر حتى أشفق أبو بكر فجثا على ركبتيه فقال يا رسول الله و الله أنا كنت أظلم مرتين فقال النبي صلى الله عليه وسلم إن الله بعثني إليكم فقلتم كذبت و قال أبو بكر صدق و واساني بنفسه و ماله فهل أنتم تاركوا لي صاحبي مرتين فما أوذي بعدها) ([2])
-  و عن ابن عباس رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه و سلم قال ( لو كنت متخذا من أمتي خليلا لاتخذت أبا بكر ولكن أخي وصاحبي) ([3]).
و هذه الأحاديث الثلاثة تبين بوضوح عظمة الصداقة و الصحبة بين النبي - صلى الله عليه وسلم - و أبو بكرالصديق رضي الله عنه .

** أبو بكر أول الرجال إسلاماً

قلنا إن أبي بكر أول الرجال إسلامًا وأعظم الصحابة واقربهم وأحبهم إلي قلب النبي – صلى الله عليه و سلم - , وعندما دعاه النبي – صلى الله عليه و سلم - ألي الإسلام لم يتلعثم ولم يتردد وأنما بادر إلي تصديقه و الإيمان بدعوته.
- وعن أبي سعيد قال قال أبو بكر ألست أول من أسلم ألست صاحب كذا ))([4])
** جاء في( تحفة الأحوزي ) في معني قوله : ( ألست أول من أسلم ) أي من الرجال . قال الحافظ قد اتفق الجمهور على أن أبا بكر أول من أسلم من الرجال , وذكر ابن إسحاق أنه كان تحقق أنه سيبعث لما كان يسمعه و يرى من أدلة ذلك فلما دعاه بادر إلى تصديقه من أول وهلة . انتهى
هذا و قد قيل أن أول من أسلم ( علي ) و قيل (خديجة ) - رضي الله تعالى عنهما!!
. و قد ذكر علمائنا لرفع هذا الاشكال بأن اول من أسلم من الرجال أبا بكر الصديق , و(علي ) أول من أسلم من الصبيان و( خديجة ) أول من أسلمت من النساء و الله أعلم .

** إيمانه و صلابته

لا ريب أن حقيقة الإيمان وصلابته لا تظهر إلا عند الشدائد و هذا ما أثبته أبي بكر في مواقف كثيرة من ذلك ماذكرته عائشة رضي الله عنها و زوج النبي – صلى الله عليه و سلم -  قالت :
-  ( لم أعقل أبوي قط إلا وهما يدينان الدين وقال أبو صالح حدثني عبد الله عن يونس عن الزهري قال أخبرني عروة بن الزبير أن عائشة رضي الله عنها قالت لم أعقل أبوي قط إلا وهما يدينان الدين و لم يمر علينا يوم إلا يأتينا فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم طرفي النهار بكرة و عشية فلما ابتلي المسلمون خرج أبو بكر مهاجرا قبل الحبشة حتى إذا بلغ برك الغماد لقيه ابن الدغنة وهو سيد القارة فقال أين تريد يا أبا بكر فقال أبو بكر أخرجني قومي فأنا أريد أن أسيح في الأرض فأعبد ربي قال ابن الدغنة إن مثلك لا يخرج ولا يخرج فإنك تكسب المعدوم وتصل الرحم وتحمل الكل وتقري الضيف وتعين على نوائب الحق وأنا لك جار فارجع فاعبد ربك ببلادك فارتحل ابن الدغنة فرجع مع أبي بكر فطاف في أشراف كفار قريش فقال لهم إن أبا بكر لا يخرج مثله و لا يخرج أتخرجون رجلا يكسب المعدوم و يصل الرحم و يحمل الكل و يقري الضيف ويعين على نوائب الحق فأنفذت قريش جوار ابن الدغنة و آمنوا أبا بكر وقالوا لابن الدغنة مر أبا بكر فليعبد ربه في داره فليصل وليقرأ ما شاء ولا يؤذينا بذلك ولا يستعلن به فإنا قد خشينا أن يفتن أبناءنا ونساءنا قال ذلك ابن الدغنة لأبي بكر فطفق أبو بكر يعبد ربه في داره ولا يستعلن بالصلاة ولا القراءة في غير داره ثم بدا لأبي بكر فابتنى مسجدا بفناء داره و برز فكان يصلي فيه ويقرأ القرآن فيتقصف عليه نساء المشركين وأبناؤهم يعجبون و ينظرون إليه وكان أبو بكر رجلا بكاء لا يملك دمعه حين يقرأ القرآن فأفزع ذلك أشراف قريش من المشركين فأرسلوا إلى ابن الدغنة فقدم عليهم فقالوا له إنا كنا أجرنا أبا بكر على أن يعبد ربه في داره و إنه جاوز ذلك فابتنى مسجدا بفناء داره وأعلن الصلاة و القراءة و قد خشينا أن يفتن أبناءنا و نساءنا فأته فإن أحب أن يقتصر على أن يعبد ربه في داره فعل وإن أبى إلا أن يعلن ذلك فسله أن يرد إليك ذمتك فإنا كرهنا أن نخفرك و لسنا مقرين لأبي بكر الاستعلان قالت عائشة فأتى ابن الدغنة أبابكر فقال قد علمت الذي عقدت لك عليه فإما أن تقتصر على ذلك وإما أن ترد إلي ذمتي فإني لا أحب أن تسمع العرب أني أخفرت في رجل عقدت له قال أبو بكر إني أرد إليك جوارك وأرضى بجوار الله ورسول الله صلى الله عليه و سلم يومئذ بمكة فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم قد أريت دار هجرتكم رأيت سبخة ذات نخل بين لابتين و هما الحرتان فهاجر من هاجر قبل المدينة حين ذكر ذلك رسول الله صلى الله عليه و سلم و رجع إلى المدينة بعض من كان هاجر إلى أرض الحبشة و تجهز أبو بكر مهاجرا فقال له رسول الله صلى الله عليه و سلم على رسلك فإني أرجو أن يؤذن لي قال أبو بكر هل ترجو ذلك بأبي أنت قال نعم فحبس أبو بكر نفسه على رسول الله صلى الله عليه وسلم ليصحبه وعلف راحلتين كانتا عنده ورق السمر أربعة أشهر..) ([5])

**مكانة أبا بكرالصديق

كان أبو بكر كما ذكرت سلفاً أحب الناس إلى قلب النبي - صلى الله عليه و سلم - و دلت على ذلك أحاديث كثيرة منها على سبيل المثال ما جاء عن أبي عثمان رضي الله عنه قال :
-  ( أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث عمرو بن العاص على جيش ذات السلاسل قال فأتيته فقلت أي الناس أحب إليك قال عائشة قلت من الرجال قال أبوها قلت ثم من قال عمر فعد رجالا فسكت مخافة أن يجعلني في آخرهمْ) ([6])
و لأن الصحابة يحبون مايحبه الله ورسوله و يبغضون ما يبغضه الله و رسوله فقد أحبوا أبا بكر وعرفوا قدره و مكانته و فضله عليهم .
-  وعن ابن عمر رضي الله عنهما قال : ( كنا في زمن النبي صلى الله عليه و سلم لا نعدل بأبي بكر أحدا ثم عمر ثم عثمان ثم نترك أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم لا نفاضل بينهم) ([7])

** دفع أبي بكر اذي المشركين عن النبي صلي الله عليه وسلم

إن إيمان أبي بكر بالنبي صلى الله عليه و سلم وبما جاء به من عند الله لم يكن وليد الصدفة أو للصداقة التي جمعت بينهم قبل البعثة فحسب .. بل إن إيمان الصديق انما كان ينبع من فطرته السوية وكرهه للشرك واهله , ولهذا كان من أشد المدافعين عن النبي صلى الله عليه وسلم   لا يهاب مخلوقاً ولا تأخذه في الله لومة لائم
- وعن عبد الله بن عمرو بن العاص قال ( بينا رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي بفناء الكعبة إذ أقبل عقبة بن أبي معيط فأخذ بمنكب رسول الله صلى الله عليه وسلم ولوى ثوبه في عنقه فخنقه به خنقا شديدا فأقبل أبو بكرفأخذ بمنكبه ودفع عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال أتقتلون رجلا أن يقول ربي الله وقد جاءكم بالبينات من ربكمْ) ([8])
نعم .. اننا أمام رجل يجاهر بكلمة الحق لا يتردد في نجدة صديقه وحبيبه ..ذاك هو أبا بكر الصاحب والصديقرضي الله عنه .

**أبو بكر  يبشر بالجنة

بشر النبي  صلى الله عليه وسلم  أبا بكر بالجنة وبشر أيضاً ستة كان سبباً في إسلامهم وهم (عثمان بن عفان, وطلحة والزبير, وسعد وأبي عبيدة بن الجراح , وعبد الرحمن بن عوف ) ..فهنيئا لأبي بكر الجنة ..هنيئا له جوار النبي –صلي الله عليه وسلم- في الفردوس الأعلي  في مقعد صدق عند مليك مقتدر
-عن أبي موسى رضي الله عنه قال كنت مع النبي صلى الله عليه وسلم في حائط من حيطان المدينة فجاء رجل فاستفتح فقال النبي صلى الله عليه وسلم افتح له وبشره بالجنة ففتحت له فإذا أبو بكر فبشرته بما قال النبي صلى الله عليه وسلم فحمد الله ثم جاء رجل فاستفتح فقال النبي صلى الله عليه وسلم افتح له وبشره بالجنة ففتحت له فإذا هو عمر فأخبرته بما قال النبي صلى الله عليه وسلم فحمد الله ثم استفتح رجل فقال لي افتح له وبشره بالجنة على بلوى تصيبه فإذا عثمان فأخبرته بما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم فحمد الله ثم قال الله المستعان)([9])


** أبو بكر يدعي من أبواب الجنة الثمانية

أن يدخل المرء الجنة من باباً من ابوابها الثمانية فهذه نعمة يمنّ الله بها علي من يشاء من عباده ... ولكن أن يدعي  للدخول من كل أبواب الجنة فهذه هي العظمة , وهي لا تكون إلا لإنسان تجتمع فيه صفات الخير كلها, وأبوبكر جديراً بأن يكون هذا الإنسان ..
- وعن أبي هريرة رضي الله عنه: ( أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال من أنفق زوجين في سبيل الله نودي من أبواب الجنة يا عبد الله هذا خير فمن كان من أهل الصلاة دعي من باب الصلاة ومن كان من أهل الجهاد دعي من باب الجهاد ومن كان من أهل الصيام دعي من باب الريان ومن كان من أهل الصدقة دعي من باب الصدقة فقالأبو بكر رضي الله عنه بأبي أنت وأمي يا رسول الله ما على من دعي من تلك الأبواب من ضرورة فهل يدعى أحد من تلك الأبواب كلها قال نعم وأرجو أن تكون منهم) ([10])

** تصديق أبو بكرللنبي بكل ماجاء به

كان أبي بكر يصدق النبي في كل ما يقوله ويخبر به حتي لو كان ما يقوله مخالف للعقل والمنطق وقاموس الحياة ..لماذا ؟
لأن إيمانه بالله ورسوله يوازي إيمان الأمة ,  ولأنه يعلم يقيناً صدق النبي صلى الله عليه وسلم- وبغضه للكذب والتدليس , و يعلم من أمانته ونقاء سريرته  ما لا يعلمه أي أنسان اّخر فقد صاحبه قبل البعثة ورأي  ولمس عن قرب كريم خصاله صلى الله عليه وسلم-..لهذا كان لا يتردد ويبادر في تصديقه بلا ذرة شك واحدة فيما يقوله أو يخبر به ..والنبي صلى الله عليه و سلم - يعلم هذا ..
- وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: ( صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاة الصبح ثم أقبل على الناس فقال بينا رجل يسوق بقرة إذ ركبها فضربها فقالت إنا لم نخلق لهذا إنما خلقنا للحرث فقال الناس سبحان الله بقرة تكلم فقال فإني أومن بهذا أنا وأبو بكر وعمر وما هما ثم وبينما رجل في غنمه إذ عدا الذئب فذهب منها بشاة فطلب حتى كأنه استنقذها منه فقال له الذئب هذا استنقذتها مني فمن لها يوم السبع يوم لا راعي لها غيري فقال الناس سبحان الله ذئب يتكلم قال فإني أومن بهذا أنا وأبو بكر وعمر وما هما ثم ) ([11])

**أبو بكر في أعلى علييين

و كما انبأ النبي صلى الله عليه وسلم  الصحابة بأن أبو بكر وعمر رضي الله عنهما يصدقونه في ما يقوله كذلك انبأ الصحابة أنهما في الدرجات العلي من الجنة.
- عن أبي سعيدالخدري  قال :( قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن أهل الدرجات العلى ليراهم من تحتهم كما ترون النجم الطالع في أفق السماء وإن أبا بكر وعمر منهم وأنعما) ([12])

**أبو بكر سيد كهول أهل الجنة

- عن أنس قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأبي بكر وعمر هذان سيدا كهول أهل الجنة من الأولين والآخرين إلا النبيين والمرسلين لا تخبرهما يا علي)([13])
* جاء في (تحفة الأحوزي بشرح جامع الترمذي ) ما مختصره :
قوله : ( هذان سيدا كهول أهل الجنة ) الكهول بضمتين جمع الكهل وهو على ما في القاموس من جاوز الثلاثين أو أربعا وثلاثين إلى إحدى- وخمسين فاعتبر ما كانوا عليه في الدنيا حال هذ الحديث وإلا لم يكن في الجنة كهل كقوله تعالى { وآتوا اليتامى أموالهم } وقيل سيدا من
مات كهلا من المسلمين فدخل الجنة لأنه ليس فيها كهل بل من يدخلها ابن ثلاث وثلاثين , وإذا كانا سيدي الكهول فمن أولى أن يكونا سيدي شباب أهلها ) انتهى .

** رؤيا النبي لأبي بكر في المنام

- عن ابن شهاب أن سعيد بن المسيب أخبره أنه سمع أبا هريرة يقولا (سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول بينا أنا نائم رأيتني على قليب عليها دلو فنزعت منها ما شاء الله ثم أخذها ابن أبي قحافة فنزع بها ذنوبا أو ذنوبين وفي نزعه والله يغفرله ضعف ثم استحالت غربا فأخذها ابن الخطاب فلم أر عبقريا من الناس ينزع نزع عمر بن الخطاب حتى ضرب الناس بعطن)( [14])
* وقد يتبادر للمرء من الحديث أن عمر أفضل من أبي بكر وهذا غلط , واليك شرح النووي للحذيث لرفع الإشكال و الألتباس .. قال – رحمه الله -
( وأما قوله صلى الله عليه وسلم في أبي بكر رضي الله عنه وفي نزعه ضعف فليس فيه حط من فضيلة أبي بكر , ولا إثبات فضيلة لعمر عليه
, وإنما هو إخبار عن مده ولايتهما , وكثرة انتفاع الناس في ولاية عمر لطولها , ولاتساع الإسلام , وبلاده , والأموال وغيرها من الغنائم
والفتوحات , ومصر الأمصار , ودون الدواوين . وأما قوله صلى الله عليه وسلم : ( والله يغفر له ) فليس فيه تنقيص له , ولا إشارة إلى ذنب , وإنما هي كلمة كان المسلمون يدعمون بها كلامهم , ونعمت الدعامة , وقد سبق في الحديث في صحيح مسلم أنها كلمة كان المسلمون يقولونها
: افعل كذا , والله يغفر لك . قال العلماء : وفي كل هذا إعلام بخلافة
أبي بكر وعمر , وصحة ولايتهما , وبيان صفتها , وانتفاع المسلمين بها . قوله صلى الله عليه وسلم : ( فجاءنيأبو بكر فأخذ الدلو من يدي ليروحني ) قال العلماء : فيه إشارة إلى نيابة أبي بكر عنه , وخلافته بعده , و راحته صلى الله عليه وسلم بوفاته من نصب الدنيا ومشاقها , كما قال صلى الله عليه وسلم : " مستريح ومستراح منه " الحديث , و " الدنيا سجن المؤمن " , و " لا كرب على أبيك بعد اليوم " .)

**رفيق الرسول في الهجرة

أن ليلة الهجرة ليلة مشهوده لأبي بكر فقد هاجر الصحابة قبله و ظل هو ينتظر الرسول صلى الله عليه و سلم  , وجاء له النبي يوماً ليلا ليخبره إن الله تعالى قد أذن له بالهجرة ولندع عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها تخبرنا بالقصة كلها ..
- وعن عائشة رضي الله عنها قالت : ( هاجر ناس إلى الحبشة من المسلمين و تجهز أبو بكر مهاجرا فقال النبي صلى الله عليه وسلم على رسلك فإني أرجو أن يؤذن لي فقال أبو بكر أو ترجوه بأبي أنت قال نعم فحبس أبو بكرنفسه على النبي صلى الله عليه وسلم لصحبته وعلف راحلتين كانتا عنده ورق السمر أربعة أشهر قال عروة قالت عائشة فبينا نحن يوما جلوس في بيتنا في نحر الظهيرة فقال قائل لأبي بكر هذا رسول الله صلى الله عليه وسلم مقبلا متقنعا في ساعة لم يكن يأتينا فيها قال أبو بكر فدا لك أبي وأمي والله إن جاء به في هذه الساعة إلا لأمر فجاء النبي صلى الله عليه وسلم فاستأذن فأذن له فدخل فقال حين دخل لأبي بكر أخرج من عندك قال إنما هم أهلك بأبي أنت يا رسول الله قال فإني قد أذن لي في الخروج قال فالصحبة بأبي أنت وأمي يا رسول الله قال نعم قال فخذ بأبي أنت يا رسول الله إحدى راحلتي هاتين قال النبي صلى الله عليه وسلم بالثمن قالت فجهزناهما أحث الجهاز وضعنا لهما سفرة في جراب فقطعت أسماء بنت أبي بكر قطعة من نطاقها فأوكأت به الجراب ولذلك كانت تسمى ذات النطاق ثم لحق النبي صلى الله عليه وسلم وأبو بكر بغار في جبل يقال له ثور فمكث فيه ثلاث ليال يبيت عندهما عبد الله بن أبي بكر وهو غلام شاب لقن ثقف فيرحل من عندهما سحرا فيصبح مع قريش بمكة كبائت فلا يسمع أمرا يكادان به إلا وعاه حتى يأتيهما بخبر ذلك حين يختلط الظلام ويرعى عليهما عامر بن فهيرة مولى أبيبكر منحة من غنم فيريحها عليهما حين تذهب ساعة من العشاء فيبيتان في رسلهما حتى ينعق بها عامر بن فهيرة بغلس يفعل ذلك كل ليلة من تلك الليالي الثلاث) ([15])
- وفي رواية اخري عن أنس رضى الله عنه نتابع احداث هذه الهجرة المباركة..
- وعن أنس عن أبي بكر رضي الله عنه قال( قلت للنبي صلى الله عليه وسلم وأنا في الغار لو أن أحدهم نظر تحت قدميه لأبصرنا فقال ما ظنك يا أبا بكر باثنين الله ثالثهما)  ([16])

**عرض حفصة بنت عمر

أبو بكر يحفظ سراً  لرسول الله  صلى الله عليه وسلم  حتى لو كان هذا السر يؤدي إلي غضب الفاروق رضي الله عنه .. فما هو هذا السر ؟ ‍‍‍‍‍‍‍ّ‍‍‍‍‍‍‍‍ ‍‍‍‍
- عن  سالم بن عبد الله أنه سمع عبد الله بن عمر رضي الله عنهما يحدث أن عمر بن الخطاب حين تأيمت حفصة بنت عمر من خنيس بن حذافة السهمي وكان من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم قد شهد بدرا توفي بالمدينة قال عمر فلقيت عثمان بن عفان فعرضت عليه حفصة فقلت إن شئت أنكحتك حفصة بنت عمر قال سأنظر في أمري فلبثت ليالي فقال قد بدا لي أن لا أتزوج يومي هذا قال عمر فلقيت أبا بكر فقلت إن شئت أنكحتك حفصة بنت عمر فصمت أبو بكر فلم يرجع إلي شيئا فكنت عليه أوجد مني على عثمان فلبثت ليالي ثم خطبها رسول الله صلى الله عليه وسلم فأنكحتها إياه فلقيني أبو بكر فقال لعلك وجدت علي حين عرضت علي حفصة فلم أرجع إليك قلت نعم قال فإنه لم يمنعني أن أرجع إليك فيما عرضت إلا أني قد علمت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد ذكرها فلم أكن لأفشي سر رسول الله صلى الله عليه وسلم ولو تركها لقبلتها)([17])
  

** وعلى ذلك فليتنافس المتنافسون

أن أبو بكر كان من الذين يسارعون في الخيرات و مما يذكر من سيرته العطرة المنافسة بينه وبين عمر فيما يرضي الله تعالي و رسوله .
- عن زيد بن أسلم عن أبيه قال سمعت عمر بن الخطاب يقول أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نتصدق فوافق ذلك عندي مالا فقلت اليوم أسبق أبا بكر إن سبقته يوما قال فجئت بنصف مالي فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ما أبقيت لأهلك قلت مثله وأتى أبو بكر بكل ما عنده فقال يا أبا بكر ما أبقيت لأهلك قال أبقيت لهم الله ورسوله قلت والله لا أسبقه إلى شيء أبدا)([18])
* و هناك عشرات المواقف التي يثبت فيها أبا بكر حبه للخير ومبادرته بلا كلل أو ملل إلى ابتغاء مرضاة الله تعالى و إليك موقفاً واحداً و فيه الكفاية ..
-        عن أبي هريرة قال ( قال رسول الله صلى الله عليه و سلم من أصبح منكم اليوم صائما قال أبو بكر رضي الله عنه أنا قال فمن تبع منكم اليوم جنازة قال أبو بكر رضي الله عنه أنا قال فمن أطعم منكم اليوم مسكينا قال أبو بكررضي الله عنه أنا قال فمن عاد منكم اليوم مريضا قال أبو بكر رضي الله عنه أنا فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم ما اجتمعن في امرئ إلا دخل الجنة)([19])

** ما كنت لأجلس مع الشيطان

كان أبا بكر حكيما..ً حليما..ً صبورًا.. يدرك إن الشيطان للإنسان عدواً مبين وهاهو رجل يؤذيه بكلمات جارحه وهو صابراً محتسباً , ولكن الشيطان يحثه علي الإنتصار لنفسه فلم يدع له الرجل خيارأً عندما زاد أذاه  فلما رد وانتصر لنفسه انصرف النبي   صلى الله عليه و سلم
-  وفي الحديث" نزل ملك من السماء يكذبه ( يعني الذي وقع في أبى بكر ) بما قال لك ، فلما انتصرت وقع الشيطان ، فلم أكن لأجلس إذ وقع الشيطان "([20]) .

** تواضع أبي بكر- رضي الله تعالى عنه

الكبر نقيض التواضع ولا يدخل الجنة من كان في قلبه مثقال ذرة من كبر, وكان أبا بكريخشي أن يكون فيه صفة من صفات المتكبرين سواء في ملبسه أو حديثه أو غير ذلك  فيهلك , وقد افزعه حديث النبي صلى الله عليه و سلم عمن يجر ثوبه خيلاء , ولكن النبي صلى الله عليه و سلم ينفي عنه هذه الصفة ليطمئن قلبه وتسكن جوارحه رضى الله عنه و ارضاه..
- وعن سالم بن عبد الله عن أبيه رضي الله عنه ( عن النبي صلى الله عليه وسلم قال من جر ثوبه خيلاء لم ينظر الله إليه يوم القيامة قال أبو بكر يا رسول الله إن أحد شقي إزاري يسترخي إلا أن أتعاهد ذلك منه فقال النبي صلى الله عليه وسلم لست ممن يصنعه خيلاءَ)([21])

**علم أبا بكر- رضي الله تعالي عنه

رأي أبي بكر إن الناس تركوا تغيير المنكر مع الأستطاعة بحجة أنهم لا شأن لهم به بعدما هداهم الله تعالي , وأدرك أبا بكر خطورة هذا الفهم وخطئه فخطب فيهم يبين ما ألتبس عليهم ويردهم إلي التفسير الصحيح لأية من القران اتخذونها حجة..
- وعن قيس بن أبي حازم عن أبي بكر الصديق أنه قال : ( أيها الناس إنكم تقرءون هذه الآية يا أيها الذين آمنوا عليكم أنفسكم لا يضركم من ضل إذا اهتديتم و إني سمعت رسول الله صلى الله عليه و سلم يقول إن الناس إذا رأوا الظالم فلم يأخذوا على يديه أوشك أن يعمهم الله بعقاب منه  )([22])

** أبو بكر من الذين استجابوا لله وللرسول
من بعد ما أصابهم القرح

كان أبو بكر من الذين استجابوا لله ورسوله من بعد ما أصابهم القرح وذلك يوم أحد عندما انصرف المشركين عن رسول الله –صلي الله عليه وسلم- فخاف أن يرجعوا فأختار سبعون رجلاً ليذهبون خلفهم وكان منهم أبا بكروالزبير رضي الله عنهما.
- وعن هشام عن أبيه عن عائشة رضي الله عنها الذين استجابوا لله والرسول من بعد ما أصابهم القرح للذين أحسنوا منهم واتقوا أجر عظيم قالت لعروة يا ابن أختي كان أبواك منهم الزبير وأبو بكر لما أصاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ما أصاب يوم أحد وانصرف عنه المشركون خاف أن يرجعوا قال من يذهب في إثرهم فانتدب منهم سبعون رجلا قال كان فيهم أبو بكر والزبير)([23])

** تقديم النبي  أبو بكر للصلاة

عندما مرض النبي –صلي الله عليه وسلم- أختار الصديق ليخلفه ويصلي بالناس , وأبو بكر جديراً بهذا الشرف
فهو الصاحب قبل البعثة والمصدق له حين كذبه الناس, والرفيق في الهجرة , وثاني أثنين إذ هما في الغار,وهو أحب الصحابة ألي قلبه واقربهم إلي الله وسيلة,واعمقهم إيماناً ويقيناً ..فلا عجب أن يكون أولى الناس بهذا الشرف العظيم ..
-  وعن الأسود قال ( كنا عند عائشة رضي الله عنها فذكرنا المواظبة على الصلاة والتعظيم لها قالت لما مرض رسول الله صلى الله عليه وسلم مرضه الذي مات فيه فحضرت الصلاة فأذن فقال مروا أبا بكر فليصل بالناس فقيل له إن أبا بكر رجل أسيف إذا قام في مقامك لم يستطع أن يصلي بالناس وأعاد فأعادوا له فأعاد الثالثة فقال إنكن صواحب يوسف مروا أبا بكر فليصل بالناس فخرج أبو بكر فصلى فوجد النبي صلى الله عليه وسلم من نفسه خفة فخرج يهادى بين رجلين كأني أنظر رجليه تخطان من الوجع فأراد أبو بكر أن يتأخر فأومأ إليه النبي صلى الله عليه وسلم أن مكانك ثم أتي به حتى جلس إلى جنبه قيل للأعمش وكان النبي صلى الله عليه وسلم يصلي وأبو بكريصلي بصلاته والناس يصلون بصلاة أبي بكر فقال برأسه نعم)([24])
وفي رواية اخري عن سهل بن سعد الساعدي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ذهب إلى بني عمرو بن عوف ليصلح بينهم فحانت الصلاة فجاء المؤذن إلى أبي بكر فقال أتصلي للناس فأقيم قال نعم فصلى أبو بكر فجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم والناس في الصلاة فتخلص حتى وقف في الصف فصفق الناس وكان أبو بكر لا يلتفت في صلاته فلما أكثر الناس التصفيق التفت فرأى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأشار إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم أن امكث مكانك فرفع أبو بكر رضي الله عنه يديه فحمد الله على ما أمره به رسول الله صلى الله عليه وسلم من ذلك ثم استأخر أبو بكر حتى استوى في الصف وتقدم رسول الله صلى الله عليه وسلم فصلى فلما انصرف قال يا أبا بكر ما منعك أن تثبت إذ أمرتك فقال أبو بكر ما كان لابن أبي قحافة أن يصلي بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ما لي رأيتكم أكثرتم التصفيق من رابه شيء في صلاته فليسبح فإنه إذا سبح التفت إليه وإنما التصفيق للنساء)([25])

** تقبيل أبو بكر وهو سجي

مات النبي –صلي الله عليه وسلم- وانتقل إلي الرفيق الأعلي  وكان موته امرا طبيعياً.. فلن يخلد إنسان في الدنيا ويعلم الصحابة ذلك فكل نفسٍ ذائقة الموت , ولكن علي الرغم من ذلك إنهار الكثير منهم غير مصدق إن الرسول –صلي الله عليه وسلم- قد مات , وكان عمر بن الخطاب رضي الله عنه من هؤلاء الذين اصابهم الذهول والصدمة غير مصدقين إن الرسول –صلي الله عليه وسلم- قد مات.. ولكننا أمام رجل لن يجود الزمان بمثله ..نعم إن أبا بكرفي هذا الموقف العصيب يضرب لنا اروع الأمثلة في الصبر واليقين والرضا بقضاء الله تعالي ..فماذا قال ؟وكيف كان تصرفه إذاء أنفلات اعصاب الصحابة وتكذيبهم بموته –صلي الله عليه وسلم- ..
- عن عائشة رضي الله عنها زوج النبي صلى الله عليه وسلم قالت ( أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مات وأبوبكر بالسنح قال إسماعيل يعني بالعالية فقام عمر يقول والله ما مات رسول الله صلى الله عليه وسلم قالت وقال عمر والله ما كان يقع في نفسي إلا ذاك وليبعثنه الله فليقطعن أيدي رجال وأرجلهم فجاء أبو بكر فكشف عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فقبله قال بأبي أنت وأمي طبت حيا وميتا والذي نفسي بيده لا يذيقك الله الموتتين أبدا ثم خرج فقال أيها الحالف على رسلك فلما تكلم أبو بكر جلس عمر فحمد الله أبو بكر وأثنى عليه وقال ألا من كان يعبد محمدا صلى الله عليه وسلم فإن محمدا قد مات ومن كان يعبد الله فإن الله حي لا يموت وقال إنك ميت وإنهم ميتون وقال وما محمد إلا رسول قد خلت من قبله الرسل أفإن مات أو قتل انقلبتم على أعقابكم ومن ينقلب على عقبيه فلن يضر الله شيئا وسيجزي الله الشاكرين قال فنشج الناس يبكون قال واجتمعت الأنصار إلى سعد بن عبادة في سقيفة بني ساعدة فقالوا منا أمير ومنكم أمير فذهب إليهم أبو بكر وعمر بن الخطاب وأبو عبيدة بن الجراح فذهب عمر يتكلم فأسكته أبو بكر وكان عمر يقول والله ما أردت بذلك إلا أني قد هيأت كلاما قد أعجبني خشيت أن لا يبلغه أبوبكر ثم تكلم أبو بكر فتكلم أبلغ الناس فقال في كلامه نحن الأمراء وأنتم الوزراء فقال حباب بن المنذر لا والله لا نفعل منا أمير ومنكم أمير فقال أبو بكر لا ولكنا الأمراء وأنتم الوزراء هم أوسط العرب دارا وأعربهم أحسابا فبايعوا عمر أو أبا عبيدة بن الجراح فقال عمر بل نبايعك أنت فأنت سيدنا وخيرنا وأحبنا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخذ عمر بيده فبايعه وبايعه الناس فقال قائل قتلتم سعد بن عبادة فقال عمر قتله الله وقال عبد الله بن سالم عن الزبيدي قال عبد الرحمن بن القاسم أخبرني القاسم أن عائشة رضي الله عنها قالت شخص بصر النبي صلى الله عليه وسلم ثم قال في الرفيق الأعلى ثلاثا وقص الحديث قالت فما كانت من خطبتهما من خطبة إلا نفع الله بها لقد خوف عمر الناس وإن فيهم لنفاقا فردهم الله بذلك ثم لقد بصر أبو بكر الناس الهدى وعرفهم الحق الذي عليهم وخرجوا به يتلون وما محمد إلا رسول قد خلت من قبله الرسل إلى الشاكرين)([26])

** مبايعة أبو بكر بالخلافة

بعدما مات النبي –صلي الله عليه وسلم- كادت أن تحدث فتنة عمن يخلف رسول الله –صلي الله عليه وسلم-... وكل من المهاجرين والأنصار من يري انهم الأحق بأن يكون الخليفة منهم.. وانتهي الأمر بأختيار أبا بكر فلم يكن أحد من امهاجرين أو الأنصار ينكر فضائله وتفضيل النبي –صلي الله عليه وسلم- له عنهم رضي الله تعالي عنه.
عن أنس بن مالك رضي الله عنه ..( أنه سمع خطبة عمر الآخرة حين جلس على المنبر وذلك الغد من يوم توفي النبي صلى الله عليه وسلم فتشهد وأبو بكر صامت لا يتكلم قال كنت أرجو أن يعيش رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى يدبرنا يريد بذلك أن يكون آخرهم فإن يك محمد صلى الله عليه وسلم قد مات فإن الله تعالى قد جعل بين أظهركم نورا تهتدون به هدى الله محمدا صلى الله عليه وسلم وإن أبا بكر صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم ثاني اثنين فإنه أولى المسلمين بأموركم فقوموا فبايعوه وكانت طائفة منهم قد بايعوه قبل ذلك في سقيفة بني ساعدة وكانت بيعة العامة على المنبر قال الزهري عن أنس بن مالك سمعت عمر يقول لأبي بكر يومئذ اصعد المنبر فلم يزل به حتى صعد المنبر فبايعه الناس عامةً)([27])

 ** أبو بكروحروب الردة

بعد مبايعة أبا بكربالخلافة وجد أن كثيراً من القبائل ارتدت عن الدين , ورفضوا اعطاء الزكاة التي هي حق الله تعالي بعد موت النبي –صلي الله عليه وسلم- فراي أن يأخذهم بالقوة إن لم يعودوا إلي الحق ويخرجون زكاة اموالهم صاغرين .. وكن عمر بن الخطاب يري إن محاربتهم وهم علي التوحيد أمريخالف السنة ..فإذا بأبي بكريبين لعمر ماخفي عنه ويتدارك عمر الموقف ويعين خليفة رسول الله –صلي الله عليه وسلم- على محاربتهم فكانواعبرة لغيرهم وعاد الجميع لدفع الزكاة وهم صاغرين ..
- وعن أبي هريرة قال لما توفي النبي صلى الله عليه وسلم واستخلف أبو بكر وكفر من كفر من العرب قال عمر يا أبا بكر كيف تقاتل الناس وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله فمن قال لا إله إلا الله فقد عصم مني ماله ونفسه إلا بحقه وحسابه على الله قال أبو بكر والله لأقاتلن من فرق بين الصلاة والزكاة فإن الزكاة حق المال والله لو منعوني عناقا كانوا يؤدونها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم لقاتلتهم على منعها قال عمر فوالله ما هو إلا أن رأيت أن قد شرح الله صدر أبي بكر للقتال فعرفت أنه الحق)([28])

** جمع أبو بكر القرآن

لوكان لأبي بكر هذه المنقبة فقط لكان ذلك كافياً ليترحم ويثني عليه كل مسلم يقرأ القران في المصحف بكل خير بعد أن كاد أن يضيع بموت الصحابة الذين كانوا يحفظونه في صدورهم في الحروب ضد المشركين..
* وعن زيد بن ثابت الأنصاري رضي الله عنه وكان ممن يكتب الوحي قال : ( أرسل إلي أبو بكر مقتل أهل اليمامة فإذا عمر بن الخطاب عنده قال أبو بكر رضي الله عنه إن عمر أتاني فقال إن القتل قد استحر يوم اليمامة بقراء القرآن وإني أخشى أن يستحر القتل بالقراء بالمواطن فيذهب كثير من القرآن وإني أرى أن تأمر بجمع القرآن قلت لعمر كيف تفعل شيئا لم يفعله رسول الله صلى الله عليه وسلم قال عمر هذا والله خير فلم يزل عمر يراجعني حتى شرح الله صدري لذلك ورأيت في ذلك الذي رأى عمر قال زيد قال أبو بكر إنك رجل شاب عاقل لا نتهمك وقد كنت تكتب الوحي لرسول الله صلى الله عليه وسلم فتتبع القرآن فاجمعه فوالله لو كلفوني نقل جبل من الجبال ما كان أثقل علي مما أمرني به من جمع القرآن قلت كيف تفعلون شيئا لم يفعله رسول الله صلى الله عليه وسلم قال هو والله خير فلم يزل أبو بكر يراجعني حتى شرح الله صدري للذي شرح له صدر أبي بكر وعمر رضي الله عنهما فتتبعت القرآن أجمعه من العسب واللخاف وصدور الرجال حتى وجدت آخر سورة التوبةآيتين مع أبي خزيمة الأنصاري لم أجدهما مع أحد غيره لقد جاءكم رسول من أنفسكم عزيز عليه ما عنتم حتى خاتمة براءة فكانت الصحف عند أبيبكر حتى توفاه الله ثم عند عمر حياته ثم عند حفصة بنت عمر رضي الله عنه)([29])

** مرض أبو بكر ووفاته
مات أبا بكر بعد أن اشتد به المرض..
مات الصاحب والصديق ..

مات أرحم الناس بهذه الأمة..ولكن ستظل فضائله ومناقبه ورحلة كفاحه وتضحيته وإيثاره ومحبته وايمانه الذي لا يتزعزع بالله ورسوله نوراً يضىء الطريق لكل من يريد أن يستشعر حقيقة الإيمان الصادق في داخله تجاه ربه ودينه .. وهاهى أم المؤمنين وأبنته عائشة رضي الله عنها تخبرنا عن لحظاته الأخيرله في دار الغرورقبل أن يلحق بالنبي –صلي الله عليه وسلم-  في دار الخلود  في الفردوس الأعلي في مقعد صدق عند مليك مفتدر..
- وعن عائشة رضي الله عنها قالت ( دخلت على أبي بكر رضي الله عنه فقال في كم كفنتم النبي صلى الله عليه وسلم قالت في ثلاثة أثواب بيض سحولية ليس فيها قميص ولا عمامة وقال لها في أي يوم توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم قالت يوم الاثنين قال فأي يوم هذا قالت يوم الاثنين قال أرجو فيما بيني وبين الليل فنظر إلى ثوب عليه كان يمرض فيه به ردع من زعفران فقال اغسلوا ثوبي هذا وزيدوا عليه ثوبين فكفنوني فيها قلت إن هذا خلق قال إن الحي أحق بالجديد من الميت إنما هو للمهلة فلم يتوف حتى أمسى من ليلة الثلاثاء ودفن قبل أن يصبح([30])




[1] -أخرجه البخاري ح/ 3381
[2] -أخرجه الخاري ح/ 3388
[3] - أخرجه البخاري ح/ 3383
[4] - أخرجه الترمذي وصححه الالباني في صحيح الترمذي( 8 - 167 )- وأنظر الرياض النضرة في مناقب العشرة ل-باب ذكر أقاويل العلماء- لمحب الدين أحمد بن عبد الله، أبو جعفر الطبري (المتوفى : 694هـ
[5] -أخرجه البخاري ح/ 2134
[6] -أخرجه البخاري ح/ 4010
[7] -أخرجه البخاري ح/ 3421
[8] -أخرجه البخاري ح/ 4441
[9] -أخرجه البخاري ح/ 3417
[10] -أخرجه البخاري ح/ 1764
[11] -أخرجه البخاري ح/ 3212
[12] - أنظر صحيح الترمذي للالباني ( 8/158) ,وابن ماجة ( 96 )
[13] -أخرجه ابن ماجة والترمذي وأنظر الصحيحة للألباني ح/ 824 و المشكاة (ح/ 6050)
[14] -أخرجه البخاري ح/ 3391 , ومسلم ح/ 4405
[15] - أخرجه البخاري ح/5360
[16] -أخرجه البخاري ح/3380
[17] -أخرجه البخاري ح/3704
[18] -أنظر صحيح سنن الترمذي للألباني والمشكاة (6021)
[19] - أخرجه مسلم ح/1707
[20] - أنظر  " السلسلة الصحيحة " للألباني  ح/ 2376 -قلت وهناك رواية مشهورة  ضعيفه ننبه إليها وهي عن سعيد بن المسيب أنه قال ( بينما رسول الله صلى الله عليه و سلم جالس و معه أصحابه وقع رجل بأبي بكر فآذاه فصمت عنه أبو بكر ثم آذاه الثانية فصمت عنه أبو بكر ثم آذاه الثالثة فانتصر منه أبو بكر فقام رسول الله حين انتصر أبو بكر فقال أبو بكر أوجدت علي يا رسول الله فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم نزل ملك من السماء يكذبه بما قال لك فلما انتصرت وقع الشيطان فلم أكن لأجلس إذ وقع الشيطان ) قال الألباني في الصحيحة و هذا مع إرساله ضعيف ، لأن بشيرا هذا لا يعرف كما قال الذهبي . و قد خالفه ابن عجلان فقال : عن سعيد بن أبي سعيد عن أبي هريرة : " أن رجلا كان يسب أبا بكر ، و ساق نحوه " . أخرجه أبوداود أيضا هكذا موصولا بذكر أبي هريرة ، و هو الأصح كما قال البخاري ، على ما في " تخريج الإحياء " للحافظ العراقي ( 3 / 156 ) .-قلت والحديث  ذكره صاحب الرياض النضرة في مناقب العشرة – باب ماجاء عن عمر وتفضيله فلينتبه
[21] -أخرجه البخاري ح/5338
[22] -اأخرجه الترمذي وصحح الألباني إسناده في السلسلة الصحيحة 
[23] -أخرجه البخاري ح/ 3769
[24] أخرجه البخاري ح/ 624
[25] -أخرجه البخاري ح/ 643
[26] - أخرجه البخاري ح/ 3394
[27] -أخرجه البخاري ح/ 6679
[28] -أخرجه البخاري ح/ 6413
[29] -أخرجه البخاري ح/ 4603
[30] -أخرجه البخاري ح/ 1298

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق