لئن شكرتم لأزيدنكم
علي بن راشد المحري المهندي
الله سبحانه وتعالي خالقنا والمتفضل علينا بالنّعم والمغدق علينا بالعطايا والمنن،لذا وجب على العباد الشكر والثناء لعظيم منِّه وكرمه وفضله عليهم،
والشكر والثناء على الله تعالي حق له على عباده وليس تفضلا أو أدبا منهم، بل واجب لله عليهم، ويتحقق ذلك بعدة مراحل
أولها: شكر القلب وثنائه ورضاه بنعم الله عليه، وذلك في كل الأحوال يستشعر القلب قيمة النعم التي أنعمها الله عليه، وأن يخضع ويطمئن وينعقد على الاعتراف بأن المنعم بهذه النعَم الجليلة هو الله وحده لا شريك له ، قال تعالى: (وَمَا بِكُم مِّن نِّعْمَةٍ فَمِنَ اللّهِ) النحل/ 53.
ثانيا: شكر اللسان، وهو أن يلهج لسانك دائماً بذكر الله وشكره والثناء عليه يقول الله تعالى: (وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ) الضحى/ 11.
فإظهار النعم والتحدث بها والاعتراف بفضل الله تعالى من الشكر، كما أن الشكوى والتسخط وإنكار نعم الله الكثيرة من كفران النعم الذي توعد الله أصحابه بالعذاب الشديد.
(6) (وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِن شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ ۖ وَلَئِن كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيد).
سُوَرة إبراهيم
فنحذر جميعا من قولنا إذا سألنا أحد كيف حالك يقول لك لاجديد ليس كل من مر بضائقة أو سٌلب نعمه أن يستكثر الشكر والحمد لله تعالى، فهو سبحانه مع الابتلاء يترك لك الكثير من النعم.
فلا تنظر إلى ما فقدت، ولكن انظر ما أبقى الله لك، فنعم الله كثيرة، كما قال سبحانه : {وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا إِنَّ اللَّهَ لَغَفُورٌ رَحِيمٌ} سورة النحل-١٨
فَلَو نظر كل منا حوله كيف تتغير الأحوال وتتبدل النعم بين عشية وضحاها، فإذا نظرنا إلى دول الجوار وما حلّ بها خراب ودمار وما حلّ بشعوبها من الفقر والخوف، لشكرنا الله على ما نحن فيه من النعم ولنبذل ولنتصدق ولنساهم في نجدة وإغاثة إخواننا، فالمال مال الله والفضل له سبحانه.
ثالثا: شكر الجوارح
وشكر الجوارح يكون بانشغالها وعملها في طاعة الله وكفها عن ما نهى الله عنه، فالمسلم الحق هو الذي يحرص على طاعة ربه والعمل لمرضاته، واجتناب المعاصي مخافة غصب الله تعالى.
فهو بذلك يحقق منزلة من منازل الشكر لله تعالى فلنقتدِ في الشكر والحمد بأبو البشر آدم عليه السلام، فجاء في الحديث عن أنس رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال « لما خلق الله آدم عطس، فقال: الحمد لله، فقال له ربه: رحمك ربك يا آدم» صححه الألباني.
وكم من أمم وشعوب أنعم الله عليهم بفيض من النعم والبركات فلم يؤدوا شكرها ولم يحمدوا الله عليها وكفروا هذه النعم بحجودهم، فسلبهم الله نعمه وأذاقهم الجوع والخوف، يقول الله تعالى (وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا قَرْيَةً كَانَتْ آمِنَةً مُّطْمَئِنَّةً يَأْتِيهَا رِزْقُهَا رَغَدًا مِّن كُلِّ مَكَانٍ فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللَّهِ فَأَذَاقَهَا اللَّهُ لِبَاسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ بِمَا كَانُوا يَصْنَعُونَ) 112/النحل.
فيا أيها المسلم تعاهد نعم الله عليك بالشكر والحمد يبارك الله لك فيهاويزيدك منها.
إذا كنـت في نعمـة فارعـها
فإن الذنـوب تـزيل النعـم
وحطهـا بطاعة رب العبـاد
فرب العـباد سريـع النـقـم
اللهم أدم علينا النعم واجعلنا من الشاكرين، وأدم نعمة الأمن والأمان والرخاء والاستقرار بقدرتك ياعزيز ياغفار.